السبت، 28 أغسطس 2021

الطعن رقم 2623 لسنة 64 ق ادارية عليا جلسة 28 مارس 2021

الطعن رقم 2623 لسنة 64 ق ادارية عليا جلسة 28 مارس 2021

الدائرة الحادية عشر (موضوع)

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الحادية عشر (موضوع)

بالجلسة المنعقدة علناً يوم الأحد الموافق 28/3/2021.

برئاسة السيد الأستاذ المستشار /أحمد محمد صالح الشاذلي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمــة

وعضوية السيد الأستاذ المــســــتـــشــــار/ مسعد عبد الحميد محمد أحمد نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المــسـتـــشــار/ جمعة إبراهيم عزب محمد الجنزوري نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المــســــتـــشــار/ ياسين ضيف الله أحمد خليفة نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المــســــتـــشــــار/ تامر عبد الله محمد علي حسن نائب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد زهدي مفــوض الدولــــة

وسكرتارية السيد / خالد عماد عبد اللطيف سكرتير الدائرة


أصدرت الحكم الآتي


في الطعن رقم 2623 لسنة 64 ق.عليا


المقام من:


……


ضـــــــــــد


1- رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بصفته.


2-رئيس جهاز تنمية مدينة الشـروق بصفته


طعنا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – الدائرة 3


بجلسة 30/8/2017 في الدعوى رقم 16695 لسنة 68 ق


-----------------------


الإجراءات



بتاريخ11 /10/2017 أودعت عريضة الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا،طعنا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري المشار اليه ،القاضي في منطوقه : بقبول الدعوى شكلاً ، وفي الموضوع برفضها ،والزمت المدعية المصروفات .


وطلبت الطاعنة في ختام تقرير الطعن الحكم: بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والغاء القرار موضوع الطعن وما يترتب عليه من آثار اخصها رد ما قامت الطاعنة بسداده بالمخالفة للقانون وقدره 68495,25 جنيه والفوائد القانونية من تاريخ السداد حتى تاريخ الرد مع الزام الجهة الإدارية بالمصروفات.


وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني فيه .


وجرى نظر الطعن أمام هذه المحكمة - بعد إحالته اليها من دائرة فحص الطعون- على النحو الثابت بمحاضر الجلسات ، و بجلسة 14/2/2021 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم ، وصرحت بتقديم مذكرات في اسبوعين ولم تودع أية مذكرات خلال الاجل المحدد، وبجلسة اليوم صدر الحكم واودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة


بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، والمداولة قانوناً.


وحيث إن المنازعة ـــ حسبما يبين من الأوراق ــــ تخلص في ان الطاعنة أقامت الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون عليه بطلب الحكم بقبولها شكلاً ، وبوقف تنفيذ والغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار أخصها رد ما قامت المدعية بسداده بالمخالفة للقانون وقدره 68495,25 جنيه والفوائد القانونية من تاريخ السداد حتى تاريخ الرد مع الزام الجهة الإدارية المصروفات.


وذكرت المدعية (الطاعنة) ــ شرحاً للدعوى انها قامت بشراء قطعة الارض رقم (45) بالمجاورة الرابعة بالحي الثالث شرق منطقة الفيلات – مدينة الشروق ، واستصدرت ترخيص مباني رقم 1090 لسنة 2007 ببناء بدروم وارضي وأول وغرف سطح ،وقامت بسداد الرسوم المقررة ، وحيث أنها قامت بسداد مبلغ 65995,25 جنيه قيمة مقابل تعديل المرافق ورخصة تعلية وذلك بإيصال ايداع ببنك التعمير والإسكان رقم 2000341 – 2022 في الحساب رقم 5022- 1200203-000-1 بالإضافة إلى دفع مبلغ 2500 جنيه رسوم جدية التعلية ، وبالتالي يكون إجمالي ما سددته مقابل التعلية مبلغ 68495,25 جنيه ، وان ماقامت بدفعه مخالف للقانون رقم 106 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 ومخالف للقانون رقم 49 لسنة 1977 لان رسوم الترخيص قامت بسدادها قبل البناء .وخلصت إلى طلب الحكم لها بطلباتها سالفة البيان.


وفي جلستها المعقودة بتاريخ 30/8/2017 ،أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه سالف البيان .


وشيدت المحكمة قضاءها على سند من أن ما تحصله الجهة الإدارية (المطعون ضدها) من أثمان نظير التصرف في أراضي الدولة الخاصة الخاضعة لها لا يندرج بحال تحت باب الرسوم وإنما يظل محتفظاً بمسماه الحقيقي كثمن وهو يخضع في تقديره وحسابه لإرادة الهيئة المذكورة حسب الشروط البنائية المقررة وموقع العقار، وأن سعر قطعة الأرض محل التداعي إنما تحدد وفق الشروط البنائية التي كانت مقررة في حينه للمنطقة الكائن بها تلك القطعة فإذا تعدلت الشروط البنائية فيحق للهيئة تعديل الثمن وفقاً لذلك، وأن طلب المدعي الترخيص له بتعلية دور إضافي عما كان مقررًا الترخيص به يمثل إيجابًا تلاقي مع قبول الهيئة له فانعقد عقد بتعديل الثمن في العقد واقترن بموافقة المدعي وسداده له. وأنه أيما كان الرأي حول مدى أحقية الجهة الإدارية في تعديل شروط التعاقد فإن ما تقاضته الهيئة لا يعدو أن يكون ثمنًا عامًا اشترطته الهيئة لتعديل التعاقد وارتضاه المدعي ووافق على سداده بكامل إرادته مقابل ما سيعود عليه من نفع، ومن ثم تضحى مطالبة المدعي باسترداده فاقدة سندها من الواقع والقانون خليقة بالرفض، وعليه خلصت المحكمة إلى قضائها المطعون فيه.


وإذ لم يلق الحكم المشار إليه قبولًا لدى الطاعنة فقد أقامت طعنها الماثل ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفته لأحكام القانون والخطأ في تطبيقه ، وكذا مخالفة السوابق القضائية المتواترة في هذا الصدد، لأسباب حاصلها: أن الجهة الإدارية المدعى عليها فرضت الرسم محل المنازعة دون وجود سند قانوني يمنحها ذلك، وبالتالي يكون هذا الرسم قد تم تحصيله بالمخالفة لأحكام القانون.


ومن حيث أن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولا شكلا.


وحيث أن النزاع يدور حول مدى جواز قيام هيئة المجتمعات العمرانية وأجهزتها المختلفة بتحصيل مبالغ مالية تحت مسمى تعديل مرافق من طالب الترخيص بتعلية دور إضافي في قطعة الأرض المخصصة له من الهيئة.


وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن البيّن من المواد 7، 11، 13، 14 من القانون رقم (59) لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة أن المشرع قد ناط بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إنشاء وإدارة المجتمعات الجديدة، وقرر انفرادها وهيمنتها كأصل عام على أمور هذا النشاط باعتبارها جهاز الدولة المسئول دون غيرها عن ذلك، وأجاز للهيئة في سبيل تحقيق أهدافها أن تجري جميع التصرفات والأعمال التي من شأنها تحقيق البرامج والأولويات المقررة، ولها أن تتعاقد مباشرة مع الأشخاص والشركات والمصارف والهيئات المحلية والأجنبية، وأوجب أن يكون الانتفاع بالأراضي والمنشآت الداخلة في المجتمعات العمرانية الجديدة طبقاً للأغراض والأوضاع المقررة قانونًا ووفقًا للقواعد التي يضعها مجلس إدارة الهيئة، وتتضمنها العقود المبرمة مع ذوي الشأن. كما خول للهيئة والأجهزة والوحدات التي تنشئها في سبيل مباشرة اختصاصاتها جميع السلطات والصلاحيات المقررة للوحدات المحلية كما يكون للهيئة الموارد المالية المقررة للوحدات المحلية. كما تختص الهيئة بإصدار التراخيص اللازمة لإنشاء وإقامة وإدارة وتشغيل جميع ما يدخل في اختصاصها من أنشطة ومشروعات وأعمال وأبنية ومرافق وخدمات وذلك كله وفقاً للقوانين واللوائح والقرارات السارية، ووردت المادة (4) من القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء مؤكدة على هذا الاختصاص بنصها على أن يقصد بالجهة الإدارية المختصة بالتخطيط والتنظيم بالنسبة للمجتمعات العمرانية الجديدة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. وحددت المادة ( 32) من القانون رقم (59) لسنة 1979 المشار إليه موارد الهيئة وهي الاعتمادات التي تخصصها لها الدولة، وحصيلة بيع وإيجار ومقابل الانتفاع بالأراضي والعقارات المملوكة للهيئة، وحصيلة نشاط الهيئة ومقابل الأعمال أو الخدمات التي تؤديها للغير، وقد حددت هذه المادة العناصر التي تتكون منها موارد هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، ومن بينها البند رقم (3) الذي يخص حصيلة نشاط الهيئة، ومقابل الأعمال أو الخدمات التي تؤديها للغير. وهذا البند لا يخول هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة سلطة فرض رسوم على مشتري الأراضي التي تبيعها في حالة الترخيص لهم بتعلية بعض الأدوار. ومن ثم إن المرجع في تحديد الرسوم المقررة على تراخيص المباني وتعليتها هو قانون البناء المشار إليه.


وحيث إن سلطة هيئة المجتمعات العمرانية في تخصيص الأراضي الداخلة في المجتمعات العمرانية الجديدة تدور في فلك مستقل عن سلطة الهيئة في مباشرة الصلاحيات المقررة للوحدات المحلية ومنها سلطة إصدار تراخيص البناء أو التعلية على الأراضي المخصصة من قبلها، ولكل سلطة منهما أوضاعها المستقلة عن الأخرى وضوابط مباشرتها.


وحيث إن الهيئة حين مباشرتها سلطة تخصيص الأراضي بالتصرف فيها بالبيع تكون في مركز البائع وتبرم عقد البيع مع ذوي الشأن متضمنًا تحديد ثمن الأرض محل التصرف وطريقة أدائه، ولا ريب في أن تقدير ثمن الأرض وقت البيع يراعى فيه الشروط البنائية وعدد الأدوار المرخص ببنائها المقررة في حينه للمنطقة الكائن بها تلك القطعة، إلا أنه متى قدرت الجهة الإدارية ثمن الأرض عند تخصيصها، فقد استنفدت سلطتها في تقدير المقابل المالي للأرض محل البيع، إذا لاقى هذا الثمن قبولًا من المشتري المخصص له الأرض وأصبح الثمن مقيدًا لطرفي العقد، ذلك أن عقد البيع الذي تبرمه الهيئة ليس له شكل خاص فهو ليس بعقد شكلي بل هو عقد رضائي فمتى تم الاتفاق على البيع والمبيع والثمن فقد تم البيع دون حاجة إلى ورقة رسمية أو عرفية، فمجرد تطابق الإيجاب والقبول يكفي لانعقاده، شأن البيع في ذلك شأن كل عقد من عقود التراضي، ومتى انعقد البيع ترتبت عليه جميع الآثار، فالمشتري يلتزم بأداء الثمن المحدد في العقد والبائع يلتزم بنقل ملكية المبيع إلى المشتري دون حاجة إلى أي إجراء آخر. وأن البيع مع الاحتفاظ بحق الملكية هو بيع بات تام وإن تراخى تنفيذ الالتزام بنقل الملكية إلى حين سداد كامل الثمن فهو ليس بيعاً موقوفًا على شرط سداد الثمن وإنما المعلق على هذا الشرط هو انتقال الملكية فقط ومن ثم ينتج العقد كافة آثار البيع فإذا تم سداد كامل الثمن تحقق الشرط الموقوف عليه تنفيذ الالتزام بنقل الملكية ومن ثم انتقلت إلى المشتري بأثر رجعي من وقت البيع وفقاً لحكم المادة 430/1، 3 من القانون المدني.


وحيث إن الهيئة في مباشرة الصلاحيات المقررة للوحدات المحلية ومنها سلطة إصدار تراخيص البناء أو التعلية على الأراضي المخصصة من قبلها إنما تزاول هذه السلطة وفقاً لأحكام قانون البناء الذي تناولت أحكامه جميع القواعد الخاصة بالبناء بما في ذلك حظر إقامة أية مباني أو تعليتها دون الحصول على ترخيص بذلك من السلطة المختصة بقرارات تصدر عنها، وحدد فيها ما يتعين على الجهة الإدارية تحصيله من رسوم ومبالغ مالية وتأمين نظير السير في إجراءات الترخيص بالبناء، وحظر عليها فرض أو تحصيل أية مبالغ أخرى تحت أي مسمى وهي بصدد إصدار تلك التراخيص فقد كانت المادة (6) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1996( الملغي) تنص على أن تتولى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته..... ويصدر المحافظ المختص بناءً على موافقة الوحدة المحلية للمحافظة قراراً يحدد فيه الرسوم المستحقة عن فحص الرسومات والبيانات المقدمة من طالب الترخيص على ألا تجاوز مائة جنيه كما يحدد الرسوم المستحقة عن إصدار الترخيص وعن تجديده بما لا يجاوز أربعمائة جنيه ويؤدي طالب الترخيص رسماً مقداره 1% من قيمة الأعمال المرخص بها لمواجهة نفقات الإزالة وتصحيح الأعمال المخالفة وغير ذلك من النفقات والمتطلبات وتحدد اللائحة التنفيذية كيفية الصرف منه وفي جميع الأحوال لا يجوز فرض أي مبالغ على إصدار الترخيص تحت أي مسمى عدا ما ورد بالفقرتين السابقتين. وتقابلها المادة (45) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008 التي تنص على أن يصدر المحافظ المختص بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي بالمحافظة، قراراً يحدد فيه الرسوم المستحقة عن إصدار الترخيص وعن تجديده بما لا يجاوز ألف جنيه لكل رسم إصدار، ويُزاد هذا الحد الأقصى سنويًا بواقع 3% (ثلاثة في المائة) ويؤدي طالب الترخيص تأميناً 0,2% (اثنان من عشرة في المائة) من قيمة الأعمال المطلوب الترخيص لها تخصص لمواجهة ما قد يلزم من نفقات الإزالة وتصحيح الأعمال المخالفة وغير ذلك من النفقات والمتطلبات وذلك وفقاً لما تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون. ومؤدى ما تقدم أن هيئة المجتمعات العمرانية تختص بالموافقة، وإصدار التراخيص اللازمة للبناء والتعلية، واستئداء الرسوم المقررة بناءً على قانون البناء الساري وقت إصدار الترخيص. فإذا قامت الهيئة بإصدار القرارات الإدارية بفرض أي مبالغ مالية نظير أدائها خدمة إصدار الترخيص بالبناء أو التعلية بغير ما حدده أو أجازه القانون، كانت قراراتها المذكورة منعدمة ومفتقرة لأساس الإلزام بها قانونًا ، ويستوي في ذلك التعلية في إطار الشروط البنائية التي قررتها الهيئة أو تلك التي تتم بتراضي يخرج عن الشروط البنائية، والرسوم عليهما لا تكون إلا في حدود القانون، وقد استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أنه إذا كانت الضرائب والرسوم تعدان من أهم إيرادات الدولة، فإنهما يتمايزان فيما بينهما بحسب ما أبرزته المادة (119) من دستور 1971- المقابلة للمادة (38) من دستور 2014- في أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا من المكلفين بأدائها إسهامًا منهم في الأعباء العامة، ودون أن يقابلها نفع خاص يعود عليهم من جراء التحمل بها، في حين أن الرسوم تكون مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها، ودون تلازم بين قدر الرسم وتكلفة الخدمة. كما يتمايزان في أن الضريبة لا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون. في حين أن الرسوم يكون إنشاؤها في الحدود التي يبينها القانون، وقد سلك الدستور في شأن الرسوم مسلكًا وسطًا بأن أجاز للسلطة التشريعية أن تفوض السلطة التنفيذية في تنظيم أوضاعها، ولكنه لم يشأ أن يكون هذا التفويض مطلقًا وإنما مقيدًا بالقيود التي حددها الدستور ذاته، وأخصها أن تكون في حدود القانون أي أن يحدد القانون حدودها وتخومها ويشي بملامحها، مبيناً العريض من شئونها، فلا يحيط بها في كل جزئياتها، وإنما يكون تفويض السلطة التنفيذية في استكمال ما نقص من جوانبها، فالقانون هو الذي يجب أن يحدد نوع الخدمة التي يحصل عنها الرسم وحدوده القصوى التي لا يجوز تخطيها، بأن يبين حدودًا لها، حتى لا تنفرد السلطة التنفيذية بهذه الأمور، على خلاف ما أوجبه الدستور من أن يكون تفويضها في فرض هذه الرسوم في حدود القانون، والقيود التي قيد بها الدستور من أن يكون تفويضها للسلطة التنفيذية في شأن الفرائض المالية الأخرى غير الضريبة العامة، يتفق وكون هذه الفرائض مصدراً لإيرادات الدولة، ووسيلة من وسائل تدخلها في التوجيه الاقتصادي والاجتماعي؛ تأكيداً لإتاحة الفرص المتكافئة للحصول على الخدمات العامة التي تؤديها الدولة، وحتى لا تكون الرسوم مجرد وسيلة جباية لا تقابلها خدمات حقيقية يحصل عليها من يدفعها، ولا يتأتى ذلك كله إلا بمسلك متوازن من المشرع، بما مؤداه أنه يجب أن تحدد السلطة التشريعية بذاتها طرق وأدوات تحصيل الرسوم، ومن ثم لا يجوز لها أن تفوض السلطة التنفيذية في تنظيم الوسائل والأدوات التي يتم بها تحصيل هذه الرسوم، بل يجب عليها أن تتولى بذاتها تنظيم أوضاعها بقانون، باعتباره الأداة التي عينها الدستور لذلك. وإلا وقعت في حومة مخالفة أحكام الدستور. إذ أن الدستور مراعاة منه لأهمية الدور الذي تقوم به الأموال العامة، ووجوب توفير الحماية لها، وضبط القواعد الحاكمة لتحصيلها وصرفها، قد جعل القانون هو أداة تنظيم القواعد الأساسية لتحصيل تلك الأموال، وإجراءات صرفها، وهو ما نصت عليه المادة (120) من دستور سنة 1971، ورددته المادة (126) من الدستور الحالي، والذي أكدت عليه المادة (38) من هذا الدستور بالنسبة للضرائب والرسوم بنصها على أن ..... ويحدد القانون طرق وأدوات تحصيل الضرائب، والرسوم.....، وذلك باعتبارها من الأموال العامة، وأحد المصادر الهامة والرئيسية لإيرادات الدولة، ورافدًا أساسيًا من روافد الموازنة العامة للدولة، التي تمكنها من القيام بالمهام التي أوكلها لها الدستور. كما أن إيرادات الدولة لا تقتصر على هذين المصدرين فقط، وإنما تمتد إلى غيرهما من المصادر، ومن بينها أثمان المنتجات أو مقابل الخدمات التي تحصلها الجهات القائمة على إدارة أملاك الدولة، وتتجلى أبرز الفروق بين هذا المقابل أو الثمن وبين الرسوم، في أن الرسم يؤدى جبراً مقابل خدمة من طبيعة إدارية يقدمها مرفق إداري، أما مقابل الخدمة أو ثمن المنتج إنما يؤدى لمرفق عام اقتصادي (تجاري أو صناعي) تقوم فيه جهة من الجهات أو الهيئات بإدارة أملاك الدولة وفقاً لأساليب الإدارة الاقتصادية، وتحدد فيه الثمن أو مقابل الخدمة وفقاً لمعايير اقتصادية بحتة، وهو اختلاف له أثره في أن الرسم كقاعدة عامة يكون مقداره ثابتاً بالنسبة لجميع المستفيدين منه، وطوال سريان السند التشريعي الذي فرضه، بينما ثمن المنتج أو مقابل الخدمة الذي تطلبه الجهة القائمة على إدارة أملاك الدولة إدارة اقتصادية يخضع للتغيرات التي تفرضها طبائع الأوضاع الاقتصادية وقد يتسع لتغيرات تنتج عن التفاوض بين طالب المنتج أو الخدمة والمرفق الاقتصادي بل إنه قد يتغير بحسب طبيعة المعاملات من حيث حجمها أو كميتها أو ظروف أدائها المكانية أو المناخية. ومن ثم فإن الضوابط التي تنبني عليها قرارات هذا المرفق في تحديد مقابل الانتفاع في نطاق اختصاصه، إنما هي ضوابط اقتصادية تختلف عن تلك التي قررها الدستور لتقرير الرسوم، وهو ما يترتب عليه عدم خضوع مقابل الانتفاع للقواعد والإجراءات اللازم اتباعها لتقرير الرسوم، وتستقيم صحته بأن يكون تقريره صادراً عن الجهة المنوط بها ذلك في إطار التنظيم التشريعي للمرفق ذاته.


(المحكمة الدستورية العليا القضية رقم 304 لسنة 29 قضائية دستورية بجلسة 3/12/2016، والقضية رقم 95 لسنة 30 قضائية دستورية بجلسة 1/8/2017).


وحيث إنه لما كان ذلك، وكان كل من قانون إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة و قانون البناء قد خلا من نص يبيح للهيئة فرض رسم تعلية بنسبة من الثمن الأساسي للأرض المخصصة لصاحب الشأن، وكانت الهيئة وهي تزاول سلطات الجهة الإدارية المختصة بإصدار التراخيص للبناء أو التعلية ليس لها أن تحصل من المشتري سوى الرسوم المقررة قانوناً للترخيص أو التعلية، ولا يجوز لها أن تحصل على غيرها تحت مسمى خدمات مرافق أو تعديل ثمن الأرض باتفاق الطرفين لقاء تعديل الشروط البنائية بعد أن زايلتها صفة المالك وانتقلت إلى المشتري- الذي أضحى له وحده، وفقاً لأحكام المادتين 802 و803 من القانون المدني، حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه في حدود القانون، وأن ملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفيد في التمتع بها، علوًا أو عمقًا، فحق الملكية حق جامع مانع فهو جامع يخول المالك الانتفاع بالشيء واستغلاله والتصرف فيه مراعيًا في ذلك فقط ما تقضي به القوانين واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة، أو بالمصلحة الخاصة، وهو مانع مقصور على المالك دون غيره، فلا يجوز لأحد أن يشاركه في ملكه، أو يتدخل في شئون ملكيته، وهو في الوقت ذاته حق دائم لا يسقط بعدم الاستعمال مهما طال الزمن ما لم يكتسبه الخصم إذا توفرت له شروط الحيازة المكسبة للملك- ذلك أن الطبيعة القانونية للموارد إنما يحددها بالأساس مناط استحقاقها لا محض الوصف الذي تضفيه عليه جهة الإدارة بأن هذا المقابل ليس رسماً بل محض ثمن، ذلك أن ثمن الأرض قد تحدد بقرار التخصيص وقد قام الطاعن بسداده بالفعل كاملًا أو على أقساط، والأمر المطروح على الهيئة هو إصدار ترخيص بالتعلية، وأن راغب التعلية يجد نفسه أمام ضرورة لا فكاك منها يلتزم معها بسداد المقابل الذي حددته جهة الإدارة تحت مسمى خدمات مرافق، وإلا فإنه سوف يحرم من تعلية الدور الإضافي بما يتحقق معه عنصر الإكراه في الالتزام بأداء المقابل الذي حددته الإدارة للحصول على ترخيص التعلية وبالتالي يتحقق معه معنى الجباية وتكون القيمة التي حددتها جهة الإدارة للحصول على ترخيص التعلية هي رسماً من حيث طبيعتها القانونية ومن حيث تحصيلها جبرًا، والأصل أن الرسم لا يفرض إلا بناءً على قانون وبالضوابط سالفة البيان. وبالتالي يضحى قرار تحصيل رسم التعلية، قد صدر بدون سند من قانون يجيز ذلك، وإذ انتفى الأساس القانوني لهذا القرار، وتضمن اعتداء على حقوق الأفراد وأموالهم بفرض رسم دون سند من القانون مما يجعله منعدمًا قانونًا وما تبعه من مطالبة لذوي الشأن بأداء هذا الرسم، ويحق الطعن عليه بالإلغاء دون التمسك بقاعدة تحصن القرارات الإدارية بفوات المواعيد المقررة للطعن عليها. وبالتالي لا يتقيد الطعن عليه بالميعاد المقرر لدعوى الإلغاء.


وحيث أن الثابت بالأوراق أن الجهة الإدارية المطعون ضدها خصصت للطاعنة قطعة أرض رقم (45) بالمجاورة الرابعة بمنطقة الفيلات بالحي الثالث شرق بمدينة الشروق وأنها طلبت الترخيص لها ببناء دور إضافي حيث فرضت عليها الهيئة سداد مبلغ مقداره 68495,25جنيه فقط ثمانية و ستون ألفا و أربعمائة وخمسة و تسعون جنيها وخمسة وعشرين قرشا) ، نظير منحها ذلك الترخيص، حال كون القانون لا يسمح لها بفرض هذا الرسم، ومن ثم فإن تصرف الجهة الإدارية بفرض رسوم بغير الطريق الذي رسمه القانون والحال هكذا يعد غصبًا لاختصاص السلطة التشريعية وحقها الدستوري في سن التشريع المقرر لحق السلطة التنفيذية في فرض الرسوم وما يتبع ذلك من حجب رقابة القضاء الدستوري والإداري على تصرف السلطتين التشريعية والتنفيذية مما قد يؤدي مآلًا إلى عصف أو جور إما بحقوق الدولة المالية أو حقوق الأفراد الأمر الذي يتصادم فيه مسلك الجهة الادارية وأحكام المشروعية بصفة عامة، مما يتعين معه وجوب استرداد الطاعنة للمبالغ التي تم تحصيلها منها، وبراءة ذمتها مما لم يتم سداده من تلك المبالغ دون أن تستطيل تلك الآثار إلى احتساب فوائد قانونية من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، ذلك أن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن القضاء بالفوائد القانونية لا يتلاءم مع طبيعة وروابط المنازعة الإدارية ، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض طلب هذه الفوائد.


ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى غير تلك النتيجة فإنه يكون غير قائم على أساس سليم، ويكون الطعن في محله، الأمر الذي يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا ببراءة ذمة الطاعنة من رسوم التعلية التي فرضتها جهة الإدارة عليها، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها رد ما سبق تحصيله منها من تلك الرسوم ، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات.


وغني عن البيان ان هذا القضاء لا يمتد أثره الى مشروعية أو ملاءمة موقف الجهة المطعون ضدها من منح الترخيص بالتعلية من عدمه لخضوعه الى تنظيم يخرج عن نطاق هذا الطعن .


وبيد أن ذلك الاتجاه لا يمنع الجهة المطعون ضدها بحسبانها القوامة على إدارة هذا المرفق الحيوي أن تلتمس طريق فرض الرسم في الأطر الدستورية والتشريعية مقابلاً لخدمة تراها واجبة المقابل مرتكزة على الاعتبارات العملية الملموسة لارتفاعات البناء عن الحد المقرر لمواجهة جزء من النفقات.


ومن حيث أن كلا من طرفي الطعن قد أجيب إلى بعض طلباته دون الأخرى فإنه يتيعن الزامهما بالمصروفات مناصفة عملاً بنص المادة (186) من قانون المرافعات.


فلهذه الأسباب



حكمت المحكمة/ بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه،وفي موضوع الدعوى ببراءة ذمة الطاعنة من رسوم التعلية التي فرضتها جهة الإدارة عليها،مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزامها برد ما سبق تحصيله من تلك الرسوم، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت الطاعنة والجهة الإدارية المصروفات مناصفة بينهما.


سِكِرتير المحْكَمَةٌ               رَئِيسِ المحْكَمَةٌ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق