الخميس، 3 ديسمبر 2015

الأفراد والدفع بعدم دستورية القوانين فى النظام الدستورى الفرنسى

الأفراد والدفع بعدم دستورية القوانين 
فى النظام الدستورى الفرنسى
وفقًا للتعديلات الدستورية التي تمت في 23/ 7/ 2008
وأحكام القانون الأساسي رقم 1523 لسنة 2009 المتعلق بالمسألة الأولية الدستورية
بقلم الأستاذ الدكتـور / صـلاح الدين فوزي محمـد
أستاذ القانون العـام بكلية الحقوق- جامعة المنصـورة
     منشور بمجلة الدستورية - العدد الخامس والعشرون – السنة الثانية عشر – أبريل 2014


تمهيد:
حين ميلاد دستور الجمهورية الخامسة الفرنسية في 4/ 1/ 1958 تقررت الرقابة السابقة على دستورية القوانين، حيث يجوز لكل من رئيس الجمهورية والوزير الأول ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ حق طلب إحالة مشروع أي قانون قبل إصداره إلى المجلس الدستوري ليقرر مدى دستوريته من عدمه.
وفي 29/ 1/ 1974 أدخل على الدستور تعديلاً بموجبه أصبح هذا الحق مقررًا أيضًا بناء على طلب ستين عضوًا سواء من أعضاء الجمعية الوطنية أم مجلس الشيوخ، لكن هذه الرقابة السابقة لم تكن مجدية لأنها مجرد رقابة مكتبية أكاديمية. لذا بذلت بعض من المحاولات لتبني الرقابة اللاحقة بجوار الرقابة السابقة، لكن لم يكتب النجاح إلا في 23/ 7/ 2008.
لذا وجدنا أنه من المناسب أن نتعرض في هذا البحث لكل هذه المحاولات.
منذ وقت مبكر، وعلى وجه التحديد في سنة 1959 أي بعد عام واحد فقط من دخول دستور سنة 1958 حيز النفاذ نادى الفقيه موريس دوفرجيه بضرورة منح الأفراد حق الطعن أمام المجلس الدستوري. وفي عام سنة 1963 تقدم السيد Coste Floret باقتراح للجمعية الوطنية متضمنًا منح الأفراد حق الطعن أمام المجلس الدستوري بوصف أن ذلك الأمر إذا تحقق سيؤدي إلى تحقيق الديمقراطية الحديثة وسيكون في ذلك الوقت وسيلة لضمان حرية الإنسان وحقوق المواطن( [1]).
    وفي عام 1973 نادت المجموعة البرلمانية الاشتراكية في الجمعية الوطنية بضرورة أن يتضمن الدستور إنشاء محكمة عليا يمكن أن يطعن أمامها سواء الأفراد الطبيعيين أم الاعتباريين.
    وأيضًا في عام 1973 تقدمت المجموعة البرلمانية "الاشتراكية والشيوعية معًا" باقتراح بقانون يتضمن إنشاء محكمة عليا يمكن أن يُحال إليها بواسطة المحاكم الاستئنافية الدفع بعدم دستورية أي من القوانين الذي يُثار من قبل أي من المواطنين بمناسبة نزاع مطروح أمامها بسبب مرجعه أن هذا القانون مخالف للحريات المقررة بالمادتين 7، 11 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن ديباجة الدستور( [2]).
    وفي 3 مارس 1989- بصفة شخصية في حديث في جريدة Le Monde- ذهب السيد Robert BADINTER رئيس المجلس الدستوري إلى ضرورة أن يتقرر للمواطن إمكانية الدفع بعدم دستورية القانون- في إطار دعوى قضائية- شريطة ألا يكون هذا القانون قد طرح قبل إصداره على المجلس الدستوري( [3])، وأضاف السيد BANDINTER أنه يمكن تصفية الدفوع بعدم الدستورية سواء بمعرفة محكمة النقض أم مجلس الدولة.
    وفي 20 أغسطس سنة 1989 أكد السيد BADINTER في حديث له مع جريدة Le Figaro على اقتراحه السابق( [4])، ( [5]).
    وفي دور الانعقاد الثاني العادي للجمعية الوطنية لعام 1989- 1990 تقدم رئيس الجمهورية بناء على اقتراح مقدم من الحكومة- مشروع قانون دستوري متضمنًا تعديل المواد 61، 26، 63 من الدستور بما يسمح بالرقابة على دستورية القوانين عن طريق الدفع الفرعي، وفي ذات الوقت تقدمت الحكومة للجمعية الوطنية بمشروع قانون أساسي متضمنًا تعديلا للأحكام الواردة في أمر 7 نوفمبر سنة 1958 الخاص بالقانون الأساسي للمجلس الدستوري. ولكن هذا المقترح لم يكتب له النجاح وظل الأمر على الرقابة السابقة حتى عام 2008.
    وإذا كان نظام الرقابة على دستورية القوانين في فرنسا يتسم حاليًا بالخصائص الثلاث الآتية:
أ – رقابة بطريق الدعوى.
ب- رقابة سابقة على إصدار تطبيق القوانين.
ج - ليس من حق الأفراد سواء الطبيعيين أم الاعتباريين الطعن بعد دستورية القوانين أمام المجلس الدستوري.
لكن الإصلاح الدستوري الذي كان مقدمًا من قبل رئيس الجمهورية سنة 2008 أكمل دائرة الرقابة على دستورية القوانين، حيث إن هذا الإصلاح اتسم بالخصائص الثلاث الآتية:
أ – الرقابة على دستورية القوانين أيضًا تجوز بطريق الدفع الفرعي.
ب- الرقابة على دستورية القوانين يمكن أن تكون لاحقة لإصدار وتطبيق القانون.
ج- الطعن بعدم دستورية القوانين تقرر للأفراد سواء الطبيعيين أم الاعتباريين.
    وفي إطار ثلاثة مباحث سنعرض لكل من:
-      المحاولة الأولى لتبني فكرة الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين.
-      إجراءات الدفع بعدم دستورية القوانين في ضوء المحاولة الأولى.
-      الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين في ضوء التعديلات الدستورية لسنة 2008.




أولاً :المحاولة الأولى لتبني فكرة الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين
والتي كانت اقترحت في الفترة (1989: 1990)
    لقد تضمن اقتراح التعديل الدستوري الذي قدمه رئيس الجمهورية للجمعية الوطنية في دور انعقادها الثاني لعام 1989، 1990 ما يلي:
أولاً: تضاف إلى المادة رقم 61 من الدستور الفقرة الآتية:
    "إن نصوص القوانين التي تتضمن اعتداء على الحقوق الأساسية المعترف بها للأشخاص كافة بواسطة الدستور يجوز الطعن بعدم دستوريتها أمام المجلس الدستوري بطريق الدفع بمناسبة دعوى قضائية مطروحة أمام القضاء"( [6]).
ثانيًا: تستبدل الفقرة الأولى من المادة رقم 62 من الدستور بالنص الآتي:
    "إذا تقرر عدم دستورية نص على أساس الفقرة الأولى أم الثانية من المادة 61 من الدستور فإنه لا يجوز إصداره، كما لا يجوز تطبيقه".
    وإذا تقرر عدم دستورية نص على أساس الفقرة الخامسة من المادة 61 من الدستور فإن هذا النص لا يجوز تطبيقه أيضًا على الدعاوى المطروحة على القضاء بما في ذلك قضاء النقض( [7]).
ثالثًا: يُضاف إلى المادة رقم 63 الفقرة الآتية:
    "يتناول القانون الأساسي بالتحديد كيفية وشروط تطبيق الفقرة الخامسة من المادة رقم 61 من الدستور، والفقرة الثانية من المادة رقم 62 من الدستور، وبصفة خاصة يحدد هذا القانون كيفية إحالة الطعون إلى المجلس الدستوري سواء من قبل مجلس الدولة أو من قبل محكمة النقض، أو من قبل أي جهة قضائية أخرى لا علاقة لها لا بمحكمة النقض ولا بمجلس الدولة( [8]).
    ولعل هذا الإصلاح الدستوري يثير النقاط الآتية:
أولاً: لمن يتقرر حق الدفع بعدم دستورية القوانين؟
    إن هذا الحق وفقًا لما جاء بالمشروع تقرر لكل شخص toute personne يستوي في ذلك الأشخاص الطبيعيين أم الأشخاص الاعتباريين، ولعل السبب في ذلك هو أن عبارة "كل شخص جاءت عامة ومطلقة فيتعين إذًا أن تحمل على هذا الإطلاق.
    وأيضًا هذا الحق يستفيد منه ليس فقط الفرنسيون، بل أيضًا الأجانب ولعل مرجع ذلك هو أن المجلس الدستوري نفسه في حكمه الصادر في 22 يناير سنة 1990 ذهب إلى أن الحريات والحقوق الدستورية يتعين الاعتراف بها لكل مقيم على الأراضي الفرنسية( [9]).
    وجدير بالذكر أن الدفع بعدم الدستورية لا يعتبر دعوى عامة أو شعبية Une Action Populaire من الجائز أن يلجأ إليها أي شخص، لكن هذا الدفع مقصور على حالة وجود منازعة قضائية مطروحة على القضاء وبمناسبة تطبيق القانون المدعي أنه غير دستوري.
    ونشير في النهاية إلى أن القاضي نفسه له أثناء نظر أية دعوى- إذا تبين له أن القانون الواجب التطبيق غير دستوري- أن يحيل القانون للنظر في أمر دستوريته.
ثانيًا: أسباب الدفع بعدم الدستورية:
    إن المشروع حدد أسباب الدفع بعدم الدستورية بأن يكون القانون متضمنًا انتهاكًا للحقوق الأساسية المقررة بواسطة الدستور، وبالتفريع على ذلك فإن أسباب الدفع لا يجوز لها أن تُبني على الآتي:
1- عيب الإجراءات: وذلك نظرًا لأن مخالفة الإجراءات ليس لها أن تنال من الحقوق الأساسية المقررة للأفراد بمقتضى الدستور، من ذلك مخالفة الإجراءات الواردة في الدستور والخاصة بكيفية الاقتراع على القانون أو بكيفية إصداره لكن ليس معنى هذا أن عيب مخالفة الإجراءات الدستورية لا يخضع للرقابة على الدستورية لكننا نعني أن هذا العيب ليس سببًا للدفع بعدم دستورية القانون بمعنى أن هذا العيب لا يخضع للرقابة اللاحقة، ولكنه يخضع للرقابة السابقة وفقًا للأحكام المقررة في الفقرة الثانية من المادة 61 من الدستور.
2- لا يجوز أن يُبنى الدفع بعدم الدستورية على أساس أن القانون قد انتهك حقوقًا غير تلك المقررة بالدستور كالحقوق المقررة بواسطة قوانين عادية.
3- أيضًا لا يجوز أن يُبنى الدفع بعدم الدستورية على أساس أن القانون قد انتهك حقوقًا مقررة في معاهدات دولية. ونشير هنا إلى الدفع بعدم الدستورية في هذا الفرض لن يكون مجديًا لأن القاضي يتعين عليه وجوبًا استبعاد القانون المتضمن انتهاكًا لأحكام وردت في معاهدة دولية تم المصادقة عليها تطبيقًا للمادة رقم 55 من الدستور والتي أعطت للمعاهدات المصادق عليها قيمة الدستور.
    ولكن السؤال الآن: ما هي الحقوق الأساسية المقررة بواسطة الدستور والتي إذا انتهكها القانون يجوز الدفع بعدم دستورية؟
أ – هي تلك الحقوق التي ورد النص عليها في ديباجة الدستور، وأيضًا المبادئ التي أحالت إليها ديباجة الدستور أي تلك الواردة في مقدمة الدستور سنة 1946 وأيضًا الواردة في إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر سنة 1789 وهي إجمالا:
    1ـ الحقوق المقررة في إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر سنة 1789.
2- الحقوق المقررة بديباجة دستور سنة 1946.
3- المبادئ الأساسية المعترف بها بواسطة قوانين الجمهورية والتي تتضمن حقوق وحريات للأفراد.
ب- الحقوق المقررة سواء مباشرة أو بشكل غير مباشر بنصوص دستور سنة 1958 ذاته وهي إجمالاً وحصرًا:
1- حرية تقرير المصير "ورد في ديباجة دستور سنة 1958، المادة رقم (1) و 53/3).
2- مبدأ المساواة (المواد 2-3).
3- عدم قابلية انقسام الدولة وتجزئتها (مادة 2).
4- مبدأ الديمقراطية (مادة 3).
5- مبدأ حرية الأحزاب السياسية (مادة 4) ( [10]).
6- مبدأ استمرارية الدولة واستمرارية مرافقها العامة (المواد 4- 16).
7- مبدأ تكامل إقليم الدولة (المواد 5-16 -89).
8- الحصانة البرلمانية (مادة 26).
9- حرية إدارة وحدات الإدارية المحلية (المواد 34-72).
10- حقوق الضمان الاجتماعي (المادة 34).
11- استقلال السلطة القضائية (المادة 4/1).
12- عدم قابلية القضاء للعزل (المادة 64/4).
13- الحرية الفردية (مادة 66).
14- مبدأ استشارة المجالس المحلية (مادة 74).
15- الحفاظ على الحالة الشخصية (مادة 75).
ج- لقد وصف المشرع الحقوق التي إذا انتهكت بالقانون "بأنها الحقوق الأساسية" وعلى أساس ذلك يجوز الدفع بعدم الدستورية لانتهاك القوانين للحقوق الأساسية Fondamental وبالتفريع على ذلك فهناك إذًا حقوق دستورية لكنها ليست أساسية، وإن كنا نرى أن كافة الحقوق الواردة في الدستور تعد حقوقًا أساسية. ومع ذلك فإن هذه المشكلة ستطرح دون شك في التطبيق العملي.
ثالثًا: وفقًا للمشروع: ما هي إذن القوانين التي يجوز الدفع بعدم دستوريتها؟
    يمكننا إجمالها في الآتي:
1- القوانين العادية:
2- الأوامر الصادرة تطبيقًا للمادة رقم 92 من الدستور.
3- الأوامر الصادرة تطبيقًا للمادة رقم 38 من الدستور.
4- النصوص التي لها قوة القانون والصادرة في فترات الفراغ الدستوري.
    وبالتالي سيظل خارج إطار الرقابة على الدستورية بطريق الدفع ما يلي:
1- القوانين الأساسية، طالما أنها وجوبًا تطرح على المجلس الدستوري قبل إصدارها.
2- القوانين الصادرة عن طريق الاستفتاء.
3- التعهدات الدولية.

ثانياً : إجراءات الدفع بعدم الدستورية
مشروع تعديل أمر 7 نوفمبر سنة 1958
في ضوء المحاولة الأولى( [11])
والتي كانت اقترحت في الفترة (1989: 1990)
    أهم ما تضمنه المشروع الخاص بتعديل أمر 7 نوفمبر سنة 1958 من أحكام هو الآتي:
1- أن الدفع بعدم الدستورية يمكن أن يُثار أمام أية محكمة تابعة سواء للقضاء العادي أم للقضاء الإداري، وفي هذه الحالة تصدر المحكمة المثار أمامها الدفع قرارًا غير قابل للطعن بإحالة الدفع إلى مجلس الدولة أو إلى محكمة النقض حسب الأحوال وذلك على الفور.
2- لا يجوز إثارة الدفع بعدم دستورية القوانين أمام محكمة الجنايات.
3- وفي حالة إحالة الدفع إلى محكمة النقض أو إلى مجلس الدولة فإن المحكمة المحيلة تتوقف عن نظر الدعوى المطروحة أمامها، ومع ذلك يجوز لها في جميع الأحوال- رغم ذلك- أن تتخذ الإجراءات التحفظية اللازمة.
4- في حالة رفض المحكمة المدفوع أمامها بعدم دستورية القانون، فلا يجوز الطعن في قرار الرفض هذا استقلالا عن الطعن في حكمها النهائي في الموضوع.
5- يجوز الدفع بعدم دستورية القوانين أمام قاضي التحقيق التابع لمحكمة النقض في أية مرحلة كانت عليها الدعوى. وفي هذه الحالة فإن القاضي يحيل هذا الدفع على الفور إلى محكمة النقض بقرار يصدر في هذا الشأن ويكون غير قابل للطعن وإذا كان مقدم الدفع محبوسًا فإن قاضي التحقيق يصدر قراره بإحالة الدفع خلال مدة ثلاثين يومًا من تاريخ إيداع الدفع، وإذا لم يصدر قاضي التحقيق قراره في خلال هذه المدة فإن النيابة العامة تحيل الأمر إلى محكمة ثاني درجة المختصة للبت في الموضوع "وهي غرفة الاتهام( [12])La Chambre d'accusation وإحالة الدفع إلى محكمة النقض سواء بمعرفة النيابة العامة أم بمعرفة قضاء التحقيق لا يترتب عليه إيقاف التحقيقات.
    وبالنسبة للدفع بعدم الدستورية المثار أمام قضاء التحقيق في مواد الجنح والمخالفات فإن القرار الصادر برفض إحالة الدفع إلى محكمة النقض لا يجوز الطعن فيه بأي طريق، لكن مع ذلك فإنه يجوز إثارة هذا الدفع ثانية أمام قضاء الحكم. أما في مواد الجنايات فإن القرار الصادر يرفض إحالة الدفع بعدم الدستورية إلى محكمة النقض والصادر من محكمة ثاني درجة لقضاء التحقيق "غرفة الاتهام" فإنه لا يجوز الطعن فيه أمام محكمة النقض استقلالا عن القرار الصادر بإحالة الأمر إلى قضاء الحكم.
6- أن محكمة النقض ومجلس الدولة إذا أحيل لأي منها الدفع بعدم دستورية قانون ما يتعين عليهما إحالة الأمر إلى المجلس الدستوري خلال مدة ثلاثة شهور على الأكثر إذا تبين لهما جدية الدفع بعدم الدستورية.
7- الدفع بعدم دستورية القوانين يجوز إثارته سواء أمام محكمة النقض أو أمام مجلس الدولة أو أمام أية جهة قضائية أخرى غير تابعة لا للقضاء العادي ولا للقضاء الإداري وفي هذه الحالة إذا تبين جدية الدفع فإن الأمر يُحال إلى المجلس الدستوري.
8- تصدر محكمة النقض قرارها بإحالة الدفع إلى المجلس الدستوري من عدمه بعد استشارة النائب العام في شكل معلومات يقدمها هذا الأخير للرئيس الأول لمحكمة النقض ولرؤساء الدوائر بها.
9- إذا أحيل الدفع للمجلس فإنه- أي المجلس الدستوري- يخطر  على الفور كلاّ من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ بهذا الدفع.
10- يقضي المجلس الدستوري في الدفع بعدم الدستورية خلال مدة أقصاها ثلاثة شهور من تاريخ إحالة الدفع إليه على أن يخطر الأطراف المعنية بتقديم ملاحظاتهم وأوجه دفاعهم كتابية.
11- القرار الصادر من المجلس الدستوري في الدفع بعدم الدستورية يجب أن يكون مسببًا وينشر في الجريدة الرسمية ويخطر به كل من مجلس الدولة ومحكمة النقض والمحكمة التي أثير أمامها الدفع ابتداء.
12- القرار الصادر من المجلس الدستوري بالنسبة للدفع بعدم الدستورية ينفذ اعتبارًا من تاريخ نشره( [13]).
لكنه لم تتقرر الرقابة اللاحقة إلا بعد ما عُدَّل الدستور في 23 يوليو 2008.
ثالثاً: الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين في ضوء التعديلات الدستورية لسنة 2008
جدير بالذكر بأنه في شأن قيام المجلس الدستوري بمهمة الرقابة على دستورية القوانين كانت المادة رقم 61 من الدستور الفرنسي لسنة 1958 قبل تعديلها في عام 2008 تنص على أنه:
-      يجب أن تعرض القوانين الأساسية قبل إصدارها، وكذلك لوائح مجلسي البرلمان قبل وضعها موضع التطبيق على المجلس الدستوري ليفصل في شأن موافقتها للدستور.
ويجوز لذات الغرض إحالة القوانين قبل إصدارها إلى المجلس الدستوري من قبل رئيس الجمهورية أو الوزير الأول أو رئيس الجمعية الوطنية أو رئيس مجلس الشيوخ أو ستين نائبًا أو ستين عضوًا من أعضاء المجلس الشيوخ.
وأوجب الدستور على المجلس الدستوري أن يفصل خلال مدة شهر في الحالات المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين، ومع ذلك تخفض هذه المدة إلى ثمانية أيام بناء على طلب الحكومة في حالة الاستعجال. ويترتب على الإحالة للمجلس الدستوري أن توقف المدة المقررة لإصدار القانون.
    وكانت المادة 62 من دستور 1958 قبل تعديلها في عام 2008 تنص على أنه لا يجوز إصدار أو تطبيق نص تقررت عدم دستوريته.
    كما أنه لا يمكن الطعن بأي شكل من الأشكال في قرارات المجلس الدستوري وتتمتع هذه القرارات بقوة ملزمة في مواجهة السلطات العامة وفي مواجهة كافة السلطات الإدارية والقضائية.
    وبموجب التعديلات الدستورية التي أجريت في 23/7/2008 تضمنت المادة 29 من القانون الدستوري رقم 724 لسنة 2008 إضافة مادة جديدة للدستور الفرنسي برقم 61/1 جاء نصها كما يلي:
"إذا تبين بمناسبة دعوى منظورة أمام جهة قضائية أن هناك نصًا قانونيًا يمس الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور فيتم الإحالة إلى المجلس الدستوري الذي يفصل في هذا الأمر خلال أجل معين على أن تكون هذه الإحالة إما من قبل مجلس الدولة أو من قِبل محكمة النقض.
    وبموجب المادة 30 من القانون الدستوري رقم 724 لسنة 2008 تم تعديل المادة 62 من الدستور وأصبح نصها كما يلي:
    "كل حكم يقضي بعدم دستوريته على أساس المادة 61 لا يمكن إصداره أو تطبيقه.
    ويُلغى الحكم الذي يقضي بعدم دستوريته على أساس المادة 61/1 اعتبارًا من تاريخ نشر قرار المجلس الدستوري أو من تاريخ لاحق يحدد في هذا القرار. ويحدد المجلس الدستوري الشروط والحدود التي يمكن فيها إعادة النظر في الآثار التي رتبها هذا الحكم.
    وقرارات المجلس الدستوري غير قابلة لأي طعن، وهي ملزمة للسلطات العامة ولجميع السلطات الإدارية والقضائية.
    وإنفاذًا للمادتين سابق الإشارة إليها فقد اتخذت الإجراءات التشريعية الآتية:
أولاً: تم إدخال تعديل على أمر 7 نوفمبر 1958 بموجب القانون الأساس رقم 1523 لسنة 2009 المؤرخ 10/12/2009( [14])، وبموجب هذا التعديل أضيفت مادة جديدة برقم 23 بعنوان "Question prioritaire de constitutionnalité المسألة الدستورية الأولية". وأوضحت هذه المادة كيفية الدفع بعدم دستورية القوانين أمام المحاكم الإدارية أم العادية.
ثانيًا: وإنفاذًا للقانون الأساسي رقم 1523 لسنة 2009 أصدر رئيس الجمهورية المرسوم رقم 148 لسنة 2010 في 16/2/2010 متضمنًا الأحكام الخاصة بكيفية تطبيق القانون الأساسي رقم 1523 لسنة 2009 الصادر في 10/12/2009 والمتعلق بتطبيق المادة 61/1 من الدستور وتضمن هذا المرسوم تعديلات على القوانين الآتية:
*قانون العدالة الإدارية في الجزء اللائحي    Code de Justice Administrative          partie réglementaire
*قانون المرافعات   
*قانون الإجراءات الجنائية   
*قانون تنظيم القضاء   
    وتبنت هذه التعديلات ما أسمي بالمسألة الدستورية الأولية والتي تخضع عند إثارتها للضوابط الآتية:
1-  تُثار المسألة الدستورية الأولية فقط حالة وجود نصوص قانونية تتعارض مع المبادئ الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات من خلال دفع يقدم من صاحب المصلحة.
2-  تُثار المسألة الدستورية الأولية أمام الجهات القضائية الخاضعة لرقابة مجلس الدولة أو محكمة النقض.
3-  يتثبت مجلس الدولة أو محكمة النقض من جدية الدفع، وإذا تم التثبت من ذلك يتم الإحالة إلى المجلس الدستوري من قبل أي منهما بحسب الأحوال.

ثالثًا: المرسوم الرئاسي رقم 149 لسنة 2010 الصادر في 16/2/2010 وهو الخاص باستمرار المساعدة القضائية للمتقاضين بمناسبة فحص الدفوع بعدم الدستورية سواء أمام مجلس الدولة أو محكمة النقض أو المجلس الدستوري ذاته.
    "En cas d'examen par le conseil d'Etat, la cour de cassation ou le conseil constitutionnel d'une question prioritaire de constitutionnalité les dispositions du décret no 91 1266 du 19 décembre 1991 portant application de la loi no. 19- 647 de 10 juillet 1991 relative à l'aide juridique, notamment ses articles 53-1 et 93-1 sont applicables"( [15]).
    وفي مطلبين سنتناول كل من:
-      المسألة الدستورية الأولية وإثارتها.
-      اتصال المجلس الدستوري بالمسألة الدستورية الأولية والحكم فيها.

1- المسألة الدستورية الأولية وإثارتها
    نجد لزامًا في البداية أن نشير إلى أن نص المادة رقم 61/1 من دستور سنة 1958 المعدلة سنة 2008 لم تستخدم لا كلمة دعوى ولا كلمة دفع، فقط قررت أنه إذا تبين أثناء دعوى منظورة أمام جهة قضائية وجود نص قانوني يمس الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور فيحال الأمر إلى المجلس  الدستوري من قبل مجلس الدولة أو محكمة النقض للفصل فيه خلال أجل معين.
    لكن القانون الأساس رقم 1523 لسنة 2009 الصادر في 10/12/2009 والمتضمن كيفية تطبيق المادة 61/1 من الدستور جاءت مادته الأولى مقررة إضافة فصل برقم 11 مكرر بعد الفصل II من الباب II من أمر 7 نوفمبر 1958 الرقيم 1067 لسنة 1958. وجاء هذا الفصل الجديد بعنوان المسألة الدستورية الأولية.
    وأكدت الفقرة الأولى من المادة 23 من القانون الأساسي سابق الإشارة إليه على أن المسألة الدستورية الأولية تُثار من خلال دفع يتم الدفع به أمام المحاكم التابعة سواء لمجلس الدولة أم لمحكمة النقض بسبب مرجعه وجود نص تشريعي متضمنًا لانتهاك الحقوق والحريات التي كفلها الدستور، على أن يقدم هذا الدفع من خلال مذكرة مكتوبة ومسببة، ويجوز إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محاكم الاستئناف، لكنه لا يجوز للمحكمة إثارة هذا الدفع من تلقاء نفسها.
    "…Un tel moyen peut être soulevé pour la première fois en cas d'appel. Il ne peut être relevé d'office.
    وجدير بالذكر أنه من الجائز أيضًا إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض أو أمام مجلس الدولة سواء بوصفه محكمة أول وآخر درجة، أم بصفته محكمة استئناف أم نقض.
    كل ذلك يقطع بأن هذا الدفع من النظام العام، وبالترتيب على ذلك فكان من المنطقي أن يكون من حق القاضي إثارة هذا الدفع من تلقاء ذاته أي حتى ولو لم يدفع به أحد الخصوم، لكن الملفت كما ذكرنا آنفًا أن تأتي المادة 23/1 من القانون الأساس رقم 1523 لسنة 2009 تمنع القاضي من إثارة هذه المسألة من تلقاء نفسه.
"Il ne peut être relevé d'office"( [16]).
والسؤال الآن هو إذًا من الذي يستطيع إثارة الدفع بالمسألة الأولية الدستورية؟
    إن إعادة مطالعة نص المادة 61/1 من دستور سنة 1958 المعدلة سنة 2008 تقود إلى القول بأن المشرع الدستوري التزم الصمت في هذه الجزئية، وذات الشيء- أعني الصمت- قد ورد في القانون الأساسي رقم 1523 لسنة 2009.
    وطالما أن القاضي يمتنع عليه إثارة هذا الدفع من تلقاء نفسه فيكون من المنطقي أن من له هذا الحق هم أطراف الخصومة سواء الأصليين منهم أم المتدخلين- بالطبع حالة قبول تدخلهم في الدعوى- وأكد على هذا المعنى المجلس الدستوري الفرنسي في حكمه رقم 595 لسنة 2009 الصادر في 3/12/2009 حيث قرر:
"Considérant, en deuxième lieu, que les termes de l'article 61-1 de la constitution imposaient au législateur organique de réserver aux seules parties à l'instance le droit de soutenir qu'une disposition législative porte atteinte aux droits et libertés que la constitution garantit; que par conséquent, la dernière phrase du premier alinéa de l'article 32-1, qui fait interdiction à la juridiction saisie de soulever d'office une question prioritaire de constitutionnalité, ne méconnaît pas la constitution".
شروط قبول الدفع بالمسألة الدستورية الأولية:
    إن المادة 23 من القانون الأساسي رقم 1523 لسنة 2009 استلزمت شرطًا شكليًا واحدًا وهو أن يبدي الدفع في مذكرة كتوبة ومسببة "Présenté dans un écrit distinct et motivé" 
    هذا بالطبع فضلاً عن ضرورة توافر كافة الشروط المقررة إجرائيًا لقبول الدفع وأخصها الآتي:
1- أن يقدم الدفع من صاحب الصفة والمصلحة.
2- أن يقدم الدفع طبقًا للشكل المتطلب قانونًا.
لكنه حالما يقدم الدفع أمام محكمة الموضوع فإن سلطتها في إحالة هذا الدفع سواء لمجلس الدولة أو لمحكمة النقض تستنهض قبلما تقرر الإحالة بقرار مسبب يصدر عنها حيث يجب عليها أن تتثبت من الآتي:
1- التثبت من عدم وجود حكم للمجلس الدستوري يتعلق بموضوع الدفع حتى ولو كان من خلال نظام الرقابة السابقة على دستورية القوانين.
2- التثبت من جدية الدفع.
3- أن يكون النص التشريعي المدفوع بعدم دستوريته ذي علاقة بالنزاع المعروض على الجهة القضائية.
    وجديرٌ بالذكر أن المرسوم رقم 148 لسنة 2010 قد أكد على الشرط الشكلي الوحيد وهو "مذكرة مكتوبة ومسببة" في عدة مواضع منها:
1- في الجزء المخصص للقواعد المتعلقة بالقضاء العادي.. Les juridiction judiciaires، حيث أكدت المادة 126/2 ضرورة أن يقوم الدفع من خلال مذكرة مكتوبة ومسببة.
"… Présent ce moyen dans un écrit distinct et motivé".
2- في الجزء المتعلق بقواعد الإجراءات الجنائية حيث تضمنت المادة 49/1 أن تقضي بعدم قبول الدفع إذا لم يقدم مكتوبًا ومسببًا.
    "…à peine d'irrecevabilité, présenter ce moyen dans un écrit distinct et motivé".
    وتكرر نفس الشيء في الفقرة 22 من نفس المادة 49 وفي الفقرة 24، والفقرة 29 من نفس المادة رقم 49( [17]).
    وفي إطار تبرير المجلس الدستوري لهذا الشرط "مذكرة مكتوبة ومسببة". ذهب في حكمه رقم 595 لسنة 2009 الصادر في 3/12/2009 إلى أن اختصاص المجلس يمتد فقط إلى البحث في الدفع بعدم الدستورية وفقًا لما أوردته المذكرة المكتوبة الخاصة بهذا الدفع، وبناء عليه يلزم أن تحال إليه المذكرة وحدها دون النزاع الأصلي( [18]).
3- وتأكد هذا الأمر في الجزء المخصص للإجراءات أمام مجلس الدولة والذي أورده المرسوم رقم 148 لسنة 2010 في مادته رقم 771/14، حيث قررت هذه الفقرة ضرورة أن يقضي بعدم قبول الدفع إذا لم يقدم في مذكرة مكتوبة ومسببة.
    "L'irrecevabilité tirée de défaut de présentation, dans un mémoire distinct et motivé….".
إجراءات الإحالة لمجلس الدولة أو لمحكمة النقض:
    نصت المادة 23/2 من القانون الأساس رقم 1523 لسنة 2009 على أن المحكمة المثار أمامها الدفع بالمسألة الدستورية الأولية تصدر قرارًا مسببًا دون التقيد بميعاد محدد في شأن إحالة المسألة الدستورية الأولية إلى مجلس الدولة أو محكمة النقض بعد ما تتثبت من توافر الشروط الثلاث الآتية( [19]):
1- أن يكون النص التشريعي المدفوع بعدم دستوريته مطبقًا على النزاع المطروح على المحكمة، أو يعد أساسًا للملاحقة القضائية.
2- ألا يكون هناك قضاء سابق للمجلس الدستوري متضمنًا أن النص المدفوع بعدم دستوريته مطابقًا للدستور، إلا إذا تغيرت الظروف  Sauf changement des circonstances
3- أن يكون الدفع جديًا.
    ولنا أن نبدي جانبًا من الملاحظات على الضوابط سابق الإشارة إليها وذلك على النحو التالي:
1- إذا كانت نص المادة 61/1 من الدستور الفرنسي قد سمحت بإجراء ومباشرة الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين حالما يكون النص التشريعي قد تضمن مساسًا بالحقوق والحريات التي يكفلها الدستور، فإن المادة 23 من القانون الأساسي رقم 1523 لسنة 2009 أوجبت ضرورة مراعاة أن يكون النص التشريعي المدفوع بعدم دستوريته مطبقًا على النزاع المطروح أو يعد أساسًا للملاحقة القضائية، ولم تشترط هذه المادة أن يكون النص التشريعي لازمًا للفصل في النزاع الموضوعي، وهذا من شأنه تحديد نطاق تطبيق المادة 6/1 من الدستور، وإن كان ذلك يعد في الآن نفسه بمثابة توسعة لاستخدام الحق في الدفع بعدم الدستورية إذا ما قورن مثلاً بنص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا في مصر رقم 48 لسنة 1979، والتي اشترطت أن يكون النص المدفوع بعدم دستوريته لازمًا للفصل في النزاع الموضوعي.
2- أما فيما يتعلق بضرورة عدم وجود قضاء سابق للمجلس الدستوري متضمنًا أن النص المدفوع بعدم دستوريته مطابق للدستور إلا إذا تغيرت الظروف فإننا نبدي أن المجلس الدستوري في حكمه الشهير رقم 595 لسنة 2009 الصادر في 3/12/2009 الصادر بمناسبة إعمال المجلس لرقابته السابقة على دستورية القانون الأساسي رقم 1523 لسنة 2009 قد أكد على دستورية هذا الشرط مرجعًا ذلك إلى المادة 62 من الدستور في فقرتها الأخيرة والتي أكدت على أن أحكام المجلس ملزمة للسلطات العامة ولجميع السلطات الإدارية والقضائية، وفي ذلك قرر المجلس:
    Considérant, en primer leur, que les trois conditions qui déterminent la transmissions de la questions prioritaire de constitutionnalité ne méconnaissent pas l'article 61-1 de la constitution; que la condition prévue par le 2o de l'article 23-2 est conforme au dernier alinéa de l'article 62 de la constitution qui dispose.
    "les décisions du conseil constitutionnel ne sont susceptibles d'aucun recours. Elles s'imposent aux pouvoirs publics et a toute autorités administratives et juridictionnelles".
    وفي شأن موضوع تغير الظروف الذي يقود إلى الاستثناء من هذا الشرط فقد أكد المجلس الدستوري أنها ظروف الواقع والقانون التي يكون من شأن وجودها أن تجعل النص القانوني متعارضًا مع الدستور، وأكد المجلس الدستوري على أنه يلزم ألاَّ يكون تغير الظروف الواقعية مقصود به تغير الظروف الخاصة بمن أثار الدفع بعدم الدستورية( [20]).
3- أن يكون الدفع بإثارة المسألة الدستورية الأولية جديًا: ومفاد هذا الضابط أنه يتعين على المحكمة التي أثيرت أمامها المسألة الدستورية الأولية أن تتثبت من جدية ما أثير- وذلك من خلال تبيانها لوجود تعارض بين النص التشريعي والنص الدستوري ولو ثبت ذلك من الظاهر، أي أن رجحان القضاء بعدم الدستورية يكون من الوضوح بمكان ويكون على هذا النحو مبررًا قانونيًا أمام محكمة الموضوع أن تقرر الإحالة إما إلى مجلس الدولة أو إلى محكمة النقض بحسب الأحوال.
وجديرٌ بالذكر أنه إذا قررت محكمة الموضوع أن الدفع غير جدي فلها أن ترفضه وبالطبع هذا لا يحول بين صاحب الصفة والمصلحة (مثير الدفع) من أن يطعن على هذا الحكم ويكون له أن يورد ضمن أسباب طعنه، سببًا متعلقًا برفض الدفع "Le refus de transmettre la question n'est peut être contesté qu'à l'occasion l'ua recoure contre la décision réglant tout ou partie du litige( [21]).
     وكما هو واضح يمكن الطعن سواء حسم النزاع الموضوعي بشكل كلي أم بشكل جزئي.
    وجدير بالذكر أن محكمة الموضوع غير مقيدة بالفصل في الدفع المثار بالنسبة للمسألة الأولية الدستورية في وقت معين، لكنها إن قررت الإحالة فوجب أن تكون الإحالة مسببة.
    "La juridiction statue sans délai par une décision motivée sur la transmission de la question prioritaire de constitutionnalité au conseil d'Etat ou à la cour de cassation".
    وفي هذه الحالة يلزم أن يحال الأمر إلى مجلس الدولة أو إلى محكمة النقض خلال ثمانية أيام من تاريخ صدوره مرفقًا به كافة المستندات والمذكرات ذات العلاقة لكنه يلزم ملاحظة أن قرار الإحالة غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن.
    "La décision de transmettre la question est redressée au conseil d'Etat ou à la cour de cassation dans les huit jours de son prononcé avec les mémoires ou les conclusions des parties Elle n'est susceptibles d'aucun recours.
    والسؤال الآن: ما هو أثر قرار الإحالة على الدعوى الأصلية المنظورة أمام محكمة الموضوع؟
    إذا قررت محكمة الموضوع إحالة المسألة الدستورية الأولية إلى مجلس الدولة أو إلى محكمة النقض فإنه يترتب على هذا القرار وقف الفصل في الدعوى المنظورة أمامها حتى تصدر محكمة النقض أو مجلس الدولة قرارهما في شأن المسألة الدستورية الأولية برفض الإحالة أو بالاحالة إلى المجلس الدستوري.
وإذا قررت محكمة النقض أو مجلس الدولة الإحالة إلى المجلس الدستوري فيستمر وقف الدعوى الموضوعية حتى يفصل المجلس الدستوري في الأمر.
    ومع ذلك فتوجد استثناءات ترد على وقف الفصل في الدعوى نجملها في الآتي:
1- إن كانت القضية قيد التحقيق فيستمر هذا التحقيق.
2- لمحكمة الموضوع أن تأمر باتخاذ إجراءات وقتية وأخرى تحفظية إذا تطلب الأمر ذلك.
3- لا توقف الدعوى حالة وجود شخص أو أشخاص محبوسين على ذمة القضية، أو إذا كان الفصل في الدعوى من شأنه إنهاء أية إجراءات سالبة للحرية.
4- لا توقف الدعوى إذا كانت المحكمة ملزمة بالفصل فيها خلال مدة محددة بموجب نص قانوني يقضي بوجوب ذلك.
من ذلك ما جاء بالقانون 212 لسنة 1982 والذي أشار إلى الطعن على القرارات الصادرة من البلديات والتي تكون ذات أثر على الحريات العامة أو الحقوق الفردية، حيث أوجب على المحاكم الإدارية أن يتم إصدار الحكم في طلبات وقف التنفيذ بالنسبة للطعون على القرارات المشار إليها آنفًا ليس من هيئة المحكمة لكن من رئيس المحكمة أو من أحد أعضائها المفوض في ذلك من قبل رئيس المحكمة، ويتعين أن يصدر قرار وقف التنفيذ خلال ثمانية وأربعون ساعة.
وأيضًا بالنسبة لمجلس الدولة يلزم أن يصدر حكم وقف التنفيذ ليس من المحكمة بكامل هيئتها ولكن من رئيس القسم القضائي بمجلس الدولة أومن قبل أحد مستشاري مجلس الدولة المفوضين في هذا الشأن، ويتعين أن يصدر قرار وقف التنفيذ خلال ثمانية وأربعون ساعة.
5- إذا قررت محكمة الموضوع عدم وقف الفصل في الدعوى وتم الطعن استئنافيًا في حكمها ففي هذه الحالة تلتزم المحكمة الاستئنافية بوقف الفصل في الاستئناف تربصًا منها بما عساه قد يصدره المجلس الدستوري إلا في حالات الاستعجال أو إذا كانت المحكمة الاستئنافية ملزمة قانونًا بالفصل في الاستئناف على وجه السرعة.
6- وفي حالة ما إذا كان وقف الفصل في الدعوى سيرتب الإضرار بحق من حقوق أطراف الخصومة بشكل مبالغ فيه، فإنه يتعين على محكمة الموضوع الفصل فيما هو معروض عليها( [22]).

2- اتصال المجلس الدستوري بالمسألة الدستورية الأولية
    إذا قررت محكمة الموضوع إحالة المسألة الدستورية الأولية إلى محكمة النقض أو إلى مجلس الدولة بحسب الأحوال ففي هذه الحالة تتولى محكمة النقض أو مجلس الدولة فحص هذه المسألة وتتثبت من توافر الشروط القانونية المقررة في هذا الشأن، وتقوم عقب ذلك إما برفض الدفع وإما بإحالة المسألة الدستورية الأولية للمجلس الدستوري. ويلزم أن يتم التصرف في هذا الدفع في موعد غايته ثلاثة أشهر من تاريخ تسلم الإحالة، وإذا انقضت هذه المدة دون صدور قرار في شأن الإحالة يعتبر الموضوع محالاً قانونًا للمجلس الدستوري( [23]).
    وجدير بالذكر أنه إذا أحيل الأمر لمحكمة النقض فإن رئيس محكمة النقض يقوم بإبلاغ النائب العام بقرار الإحالة الصادر من محكمة الموضوع، ويعرض الأمر على محكمة النقض بتشكيل خاص مكون من رئيس المحكمة وعضوية رؤساء الدوائر المختلفة.
    ولم تتحدث المادة 23 عن تشكيل خاص في مجلس الدولة للفصل في موضوع الإحالة للمجلس الدستوري.
    وأوجبت الفقرة السابعة من المادة 23 ضرورة أن يتم إرسال قرار الإحالة الذي يصدر عن محكمة النقض أو عن مجلس الدولة للمجلس الدستوري مسببًا ومرفقًا به مذكرات ومستندات الخصوم في الدعوى الموضوعية، وإذا أصدر مجلس الدولة أو محكمة النقض قرارًا بعدم إحالة المسألة الدستورية الأولية للمجلس الدستوري وجب أيضًا إرسال نسخة من هذا القرار إلى المجلس الدستوري.
    ويلزم إخطار الأطراف في الدعوى الموضوعية، ومحكمة الموضوع بالقرار الصادر من مجلس الدولة أو من محكمة النقض خلال ثمانية أيام من تاريخ صدوره( [24]).
    وبالطبع إذا انقضت مدة ثلاثة شهور على إحالة الأمر لمجلس الدولة أو لمحكمة النقض فتحال المسألة الأولية الدستورية للمجلس الدستوري بقوة القانون.
    هذا ونرى أنه يجوز للمجلس الدستوري أثناء مباشرته لمهامه كقاضي انتخابات أو استفتاءات أن يقبل الدفوع بعدم الدستورية التي عساها قد تثار أمامه، ونرى كذلك أن له أن يثير المسألة الدستورية الأولية أيضًا- في هذا الخصوص- من تلقاء نفسه طالما أنه بالنسبة لهذه الأمور ينظر إليه كقاضي موضوع. وبالطبع لا لزوم لإحالة الموضوع لمجلس الدولة أو لمحكمة النقض في هذا الفرض، ونرى أن ذلك يعد بمثابة نوعًا من أنواع التصدي الذي يضطلع به المجلس الدستوري.
    وحالما يتم الاتصال بالمجلس الدستوري بالإحالة من قبل محكمة النقض أو من قبل مجلس الدولة، أو من تلقاء ذاته على النحو سابق الإشارة إليه آنفًا فإنه ملتزم وفقًا للمقرر في المادة 23/8 من القانون الأساسي رقم 1523 لسنة 2009 بإبلاغ كل من رئيس الجمهورية والوزير الأول ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ بهذه الإحالة، وذلك كي يتمكنوا من إرسال وجهة نظرهم للمجلس.
    هذا وإذا كان النص القانوني المثار في شأنه المسألة الدستورية الأولية خاصًا بتشريعات كاليدونيا الجديدة Nouvelle Calédonie فإنه يتعين على المجلس الدستوري في هذه الحالة إبلاغ رئيس حكومة كاليدونيا الجديدة ورئيس مجلس البرلمان في الإقليم ورئيس الكونجرس الذي يضم مجلسي البرلمان( [25]).
    وبالطبع إن حكمة هذا الإبلاغ هو أن تتمكن تلك الجهات من إبداء ملاحظاتها حيال المسألة الدستورية الأولية المطروحة.
    وجدير بالذكر أن الفقرة العاشرة من المادة 23 من القانون الأساسي رقم 1523 لسنة 2009 نصت على مبدأ المواجهة الحضورية أثناء جلسات المجلس الدستوري.
    وجدير بالذكر أن نشير إلى بعض من المبادئ التي يلتزم بها المجلس الدستوري حين قيامه بفحص المسألة الدستورية الأولية والتي نجملها في الآتي:
أولاً: وفقًا لما قررته المادة 23/9 من القانون الأساسي رقم 1523 لسنة 2009( [26]) لا يترتب على انقضاء الدعوى التي أثيرت فيها المسألة الدستورية الأولية أية نتائج على الفصل في هذه المسألة من قبل المجلس الدستوري، ولعل مرجع ذلك هو التأكيد على عينية الدعوى الدستورية وأن الهدف منها هو التأكيد والتثبت من سمو نصوص الدستور على القوانين العادية وهذا هو ما أكد عليه المجلس الدستوري ذاته في حكمه رقم 595 لسنة 2009، حيث أكد أن الاستمرار في الفصل في المسألة الأولية الدستورية يتطابق مع حكم المادة 62 من الدستور والتي تعطي أحكام المجلس حجية في مواجهة الحاكم والسلطات في الدولة( [27]).
ثانيًا: يتوجب على المجلس الدستوري أن يفصل في المسألة الأولية الدستورية خلال ثلاثة شهور من تاريخ اتصاله بالأمر، هذا بالطبع على خلاف المواعيد المحددة لا على الرقابة السابقة والتي هي شهر واحد، ومن الجائز تقصير هذا الميعاد ليصبح ثمانية أيام فقط (Art 25 du l'ord. du 7 Nov. 1958 loi fond. No. 58-1076)
    لكن لنا أن نبدي أن هذه المواعيد سواء تلك الخاصة بالرقابة السابقة أم بالرقابة اللاحقة لا تعدو إلا أن تكون مواعيد تنظيمية حيث لا وجود لأية جزاءات مقررة على مخالفتها.
ثالثًا: القاعدة العامة هي علنية الجلسات والمواجهات إلا إذا قرر المجلس الدستوري ذاته أن تكون جلساته غير علنية لسبب من تلك الأسباب الواردة في المادة الثامنة من لائحة المجلس وهي في جملتها تعود لأسباب مردها الحفاظ على النظام العام، وحماية الحياة الخاصة للأفراد والمحافظة على حقوق القصر.
رابعًا: وفقًا للفقرة 11 من المادة 23 فإن المجلس الدستوري طالما أضحت الدعوى مهيأة للفصل فيها فيصدر في شأنها قرارًا مسببًا  ويخطر به أطراف الدعوى ومجلس الدولة أو محكمة النقض بحسب الحال، كما تبلغ بالقرار محكمة الموضوع التي أثير أمامها المسألة الأولية الدستورية.
خامسًا: في شأن فحص المجلس الدستوري للمسألة الأولية الدستورية فإنه يتثبت من أن النص القانوني المحال إليه غير متعارض مع النصوص الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات وأخصها:
1ـ مقدمة دستور 1946، والتي نصت على الآتي:
"إرادة الانتصار الذي حققته الشعوب الحرة في الأنظمة التي سعت إلى استبعاد وإهانة البشرية يعلن الشعب الفرنسي مجددًا أن كل إنسان يملك حقوقا مقدسة وثابتة دون تمييز على أساس الأصل أو الدين أو العقيدة. ويؤكد مرة أخرى ورسميا على حقوق وحريات الإنسان والمواطن المنصوص عليها في إعلان الحقوق الصادر عام 1797 والمبادئ الأساسية المعترف بها في قوانين الجمهورية.
وفضلاً عن ذلك يعلن على وجه الخصوص أمرًا ضروريًا لعصرنا المبادئ السياسية والاقتصادية والاجتماعية الواردة أدناه.
1-                     يكفل القانون للمرأة في جميع المجالات حقوقًا متساوية مع حقوق الرجل.
2-                     كل شخص يُضطهد بسبب أفعاله في سبيل الحرية له الحق في اللجوء إلى أراضى الجمهورية.
3-                     على كل شخص واجب العمل وله الحق في الحصول على عمل. ولا يجوز أن يضار أحد في عمله أو وظيفته بسبب يرجع إلى أصوله أو آرائه أو معتقداته.
4-                     يجوز لكل شخص أن يدافع عن حقوقه ومصالحه من خلال العمل النقابي والانضمام إلى النقابة التي يختارها.
5-                     يُمارس حق الإضراب في إطار القوانين التي تنظمه.
6-                     يشارك كل عامل من خلال وساطة ممثليه في التحديد الجماعي لشروط العمل وكذلك في إدارة المؤسسات.
7-                     كل مال وكل مؤسسة يكون لها أو تكتسب طابع الخدمة العامة القومية أو الاحتكار بحكم الواقع يجب أن يصبح ملكًا للمجتمع.
8-                     تهيئ الأمة للفرد وللأسرة الظروف اللازمة لتنميتها.
9-                     تضمن الأمة للجميع ولاسيما الطفل والأم والعمال المسنين حماية الصحة والأمن المعيشي والراحة وأوقات الفراغ. ويكون لكل إنسان غير قادر على العمل بسبب سنه أو حالته البدنية أو العقلية أو وضعه الاقتصادي الحق في الحصول على الوسائل الملائمة للوجود في المجتمع.
10-                تعلن الأمة التضامن والمساواة لكل الفرنسيين أمام الأعباء الناجمة عن الكوارث القومية.
11-                تكفل الأمة المساواة في وصول الطفل والبالغ إلى التعليم والتدريب المهني والثقافة. يكون تنظيم التعليم العام المجاني والعلماني على جميع المستويات واجبًا على الدولة.
12-                تتبع الجمهورية الفرنسية في المحافظة على تقاليدها قواعد القانون العام الدولي. ولا تشرع في أي حرب لأغراض الغزو ولا تستخدم قواتها أبدًا ضد حرية أي شعب.
13-                مع مراعاة المعاملة بالمثل فإن فرنسا توافق على تحديد سيادتها اللازمة للتنظيم وللدفاع عن السلم.
14-                تشكل فرنسا مع شعوب ما وراء البحار اتحادًا يقوم على أساس المساواة في الحقوق والواجبات دون تمييز بسبب العرق أو الدين.
15-                الاتحاد الفرنسي يتكون من الأمم والشعوب التي توافق على تجميع أو تنسيق مواردها وجهودها من أجل تنمية حضارتها وزيادة رفاهيتها وكفالة أمنها.
16-                حفاظًا منها على مهمتها التقليدية تهدف فرنسا إلى أن تقود الشعوب التي حملت مسؤوليتها نحو الحرية في أن تدير نفسها ذاتيًا وفي أن تُسير شؤونها الخاصة بطريقة ديمقراطية وباستبعاد كل نظام استعماري قائم على التعسف، فإن فرنسا تكفل للجميع المساواة في الوصول إلى المناصب العامة والممارسة الفردية أو الجماعية للحقوق والحريات التي تم إعلانها أو تأكيدها أعلاه".
2ـ إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر في 26 أغسطس 1789، والذي تضمن ما يلي:
"قرر ممثلو الشعب الفرنسي مؤسسو الجمعية الوطنية – أخذًا في الاعتبار أن الجهل أو النسيان أو احتقار حقوق الإنسان هي الأسباب الوحيدة للمصائب العامة وفساد الحكومات – إدراج الحقوق الطبيعية والمقدسة للإنسان في إعلان رسمي بحيث يمثل هذا الإعلان على الدوام حقوق وواجبات جميع أعضاء الهيئة الاجتماعية ويذكرهم بها دون توقف بحيث تكون أعمال السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والتي يمكن مقارنتها في أي وقت بالهدف من كل مؤسسة سياسية أكثر احترامًا لهذه الحقوق وبحيث تكون مطالبات المواطنين من الآن فصاعدًا قائمة على أساس مبادئ بسيطة ومؤكدة وتميل دائمًا إلى الحفاظ على الدستور وإلى سعادة الجميع.
ونتيجة لذلك فإن الجمعية الوطنية تعترف وتعلن في حضور وتحت حماية الموجود الأعلى الحقوق الآتية للإنسان والمواطن:
المادة الأولى
يولد الناس ويظلون أحرارًا ومتساوين في الحقوق ولا يجوز أن تُسند الامتيازات الاجتماعية إلا وفقًا لاعتبارات الصالح العام.
المادة الثانية
يكون الهدف من كل تجمع سياسي الحفاظ على حقوق الإنسان الطبيعية غير القابلة للتقادم. وهذه الحقوق هي الحرية والملكية والأمن ومقاومة الظلم.
المادة الثالثة
الأمة هي مصدر كل السلطات. ولا يجوز لأي كيان أو أي فرد أن يمارس سلطة لا تنبع من الأمة صراحة.
المادة الرابعة
تكمن الحرية في القدرة على فعل كل ما لا يضر بالغير.  ولذلك فإن ممارسة الحقوق الطبيعية لكل إنسان ليس لها حدود إلا تلك التي تكفل للآخرين التمتع بذات الحقوق. ولا يجوز تعيين هذه الحدود إلا بموجب القانون.
المادة الخامسة
لا يجوز للقانون أن يمنع سوى الأفعال الضارة بالمجتمع. ولا يجوز منع كل ما ليس محظورًا بالقانون ولا يجوز إجبار أحد على فعل ما لم يأمر به القانون.
المادة السادسة
القانون هو التعبير عن الإرادة العامة يملك جميع المواطنين الحق في المشاركة شخصيًا أو عبر ممثليهم في وضعه. يجب أن يكون القانون واحدًا بالنسبة للجميع سواء أكان يحمي أم يعاقب. يحق لجميع المواطنين باعتبارهم سواسية في نظر القانون شغل كافة المناصب العليا والمواقع والوظائف العامة وفقًا لقدراتهم ودون تمييز آخر سوى على فضائلهم ومواهبهم.
المادة السابعة
لا يجوز اتهام أي إنسان أو القبض عليه أو حبسه إلا في الحالات التي يحددها القانون وفقًا للقواعد التي ينص عليها. يجب على اللذين يطلبون أو يرسلون أو ينفذون أو يأمرون بتنفيذ أوامر تعسفية أن يعاقبوا. ينبغي على كل مواطن يُستدعى أو يُعتقل طبقًا للقانون المثول فورًا ويعاقب في حالة المقاومة.
المادة الثامنة
يجب أن ينص القانون على عقوبات ضرورية على وجه الدقة والتحديد ولا يجوز أن يعاقب أحد إلا طبقًا لقانون نشأ وصدر قبل ارتكاب الجريمة ومطبق بطريقة شرعية.
المادة التاسعة
كل إنسان برئ حتى تثبت إدانته إذا كان لابد من إلقاء القبض عليه، وكل قسوة ليست في إطارها يجب أن يعاقب عليها القانون بصرامة.
المادة العاشرة
 لا يجوز إزعاج أحد بسبب آرائه حتى وإن كانت دينية شريطة ألا يخل الإعلان عنها بالنظام العام المحدد في القانون.
المادة الحادية عشرة
حرية التعبير عن الأفكار والآراء هي واحدة من أغلى حقوق الإنسان، بها يستطيع كل مواطن التحدث والكتابة والنشر بحرية ما لم يقع التعسف في استعمال هذه الحرية وفقًا للحالات التي يحددها القانون.
المادة الثامنة عشرة
ضمان حقوق الإنسان والمواطن يتطلب سلطة عامة، وقد أنشئت هذه االسلطة لصالح الجميع وليس لمصلحة أولئك الذين عُهدت إليهم.
المادة الثالثة عشرة
للحفاظ على السلطة العامة ونفقات الإدارة فإنه لا مناص من فرض ضريبة عامة يجب أن تُقسم بين جميع المواطنين حسب قدراتهم.
المادة الرابعة عشر
لجميع المواطنين الحق في التأكد بأنفسهم أو من خلال ممثليهم من الحاجة إلى الضريبة العامة وفي الموافقة عليها بحرية وفي متابعة استخدامها وفي تحديد مقدارها ووعائها وتحصيلها ومدتها.
المادة الخامسة عشر
للجميع الحق في أن يطلب من كل موظف عام نتيجة أعمال إدارته.
المادة السادسة عشر
كل هيئة لا تكون فيها حقوق الأفراد مضمونة ضمانة فعلية بواسطة السلطة العمومية ولا تكون فيها السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية منفصلتين الواحدة عن الأخرى انفصالاً تاماً تكون هيئة غير دستورية.
المادة السابعة عشر
الملكية حق مقدس لا ينتهك ولا يجوز أن يحرم منه أحد إلا إذا استدعت الضرورة العامة ذلك بوضوح وتأكدت قانونًا بشرط أداء تعويض عادل ومسبق".
3ـ ميثاق البيئة، والذي نص على ما يلي:
" إن الشعب الفرنسي أخذ في الاعتبار:
أن الموارد الطبيعة وتوازنها تحكمت في ظهور الإنسان.
أن مستقبل بل وبقاء الإنسانية لا ينفصل عن بيئتها الطبيعية.
أن البيئة هي الإرث المشترك للبشر.
أن الإنسان يمارس تأثيرًا متزايدًا على ظروف الحياة وعلى التطور الخاص بها.
إن التنوع البيولوجي وحيوية الفرد وتقدم المجتمعات البشرية تتأثر بالعديد من أنماط الاستهلاك أو الإنتاج وبالاستغلال المفرط للموارد الطبيعية.
أن الحفاظ على البيئة يجب أن يكون هدفًا منشودًا كما هو الحال بالنسبة للمصالح الأساسية الأخرى للأمة.
أنه من أجل ضمان التنمية الدائمة فإن الخيارات المخصصة لتلبية حاجات الحاضر يجب ألا تنال من قدرة الأجيال المقبلة وغيرهم من الشعوب على إشباع احتياجاتهم الخاصة.
يعلن:
المادة الأولى
لكل شخص الحق في أن يعيش داخل بيئة صحية متوازنة وكريمة.
المادة الثانية
على كل شخص واجب المشاركة في حفظ وتحسين البيئة.
المادة الثالثة
يجب على كل شخص وفق الشروط التي يحددها القانون أن يمنع الأضرار التي قد تلحق بالبيئة أو الحد من عواقبها إن تعذر ذلك.
المادة الرابعة
يجب على كل شخص أن يساهم في جبر الأضرار التي تحدث للبيئة وفق الشروط التي يحددها القانون.
المادة الخامسة
عند حدوث ضرر غامض من الناحية العلمية ويمكن أن يؤثر على البيئة بشكل خطير لا يمكن تجنبه، تقوم السلطة العمومية عن طريق تطبيق مبدأ الاحتراز وفي مجالات اختصاصاتها بالسهر على تنفيذ إجراءات تقييم المخاطر واتخاذ تدابير مؤقتة ومتناسبة بهدف تلافى حدوث الضرر.
المادة السادسة
يجب أن تشجع السياسات العامة التنمية المستدامة. وتحقيقًا لهذه الغاية فإنها توفق بين حماية وتحسين البيئة وبين التنمية الاقتصادية والرقي الاجتماعي.
المادة السابعة
لكل شخص الحق في الحصول على المعلومات البيئية الموجودة لدى السلطات العامة وفق الشروط والضوابط التي يحددها القانون، وكذلك المشاركة في وضع القرارات العامة التي تؤثر على البيئة.
المادة الثامنة
ينبغي أن يسهم التعليم والتثقيف البيئي في ممارسة الحقوق والواجبات المنصوص عليها في هذا الميثاق.
المادة التاسعة
يجب أن يقدم البحث والابتكار دعمهما لحفظ وحماية البيئة.
المادة العاشرة
تستلهم فرنسا عبر هذا الميثاق العمل الأوروبي والدولي".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق