الثلاثاء، 1 ديسمبر 2015

ولاية المحكمة الدستورية العليا فى فض التعارض فى تنفيذ الأحكام النهائية وأثر تنفيذ أحد الحكمين

ولاية المحكمة الدستورية العليا فى فض التعارض فى تنفيذ الأحكام النهائية وأثر تنفيذ أحد الحكمين

بقلم المستشار الدكتور / عبد العزيز محمد سالمان
رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا
منشور بمجلة الدستورية - العدد الخامس والعشرون – السنة الثانية عشر – أبريل 2014

تقديم :  
يعد الحق فى التقاضى أهم الحقوق لآنه الحق الذى عن طريقه تكفل جميع الحقوق فلا مجال لوجود الحق مالم تتوافر له الحماية القضائية ويطلق على حق التقاضى " حق الحقوق " .
      والحق فى التقاضى يفترض إبتداء أن لكل شخص ـ وطنياً أو أجنبياً ـ نفاذاً ميسراً إلى الجهات القضائية على اختلافها، فلا توصد أى منها أبوابها فى وجهه ، وأن يفصل فى الخصومة من خلال محكمة يتوافر لها الحيدة والاستقلال والحصانة لأعضائها ، ووفقاً لأسس موضوعية يتوافر لكل شخص حقاً مكتملاً متكافئاً فيه مع غيره .
       ولا شك أن ضمان الحق فى الخصومة القضائية يعد الطريق الوحيد لمباشرة حق التقاضى، ويعتبر أيضاً لازما لإنفاذ سيادة القانون التى هى محور النظام القانونى للدولة المعاصرة وأساس شرعيتها
_      والتزام الدولة بضمان الحق فى التقاضى هو فرع من واجبها فى الخضوع للقانون .
-      ولعله من المفيد أن نؤكد أن حق التقاضى لا تكتمل مقوماته أو يبلغ غايته مالم توفر الدولة للخصومة فى نهاية مطافها حلاً منصفاً يمثل التسوية التى يعمد من يطلبها إلى الحصول عليها بوصفها الترضية القضائية التى يسعى إليها لمواجهة الاخلال بالحقوق التى يدعيها، فإن هذه الترضية ـ وبافتراض اتفاقها مع أحكام الدستور والقانون ـ تندمج فى الحق فى التقاضى باعتبارها الحلقة الأخيرة فيه، ولارتباطها بالغاية النهائية المقصودة منه برابطة وثقى . ذلك أن الخصومة القضائية لاتقام ـ كما استقر على ذلك قضاء المحكمة الدستورية العليا ـ للدفاع عن مصلحة نظرية لا تتمخض عنها فائدة عملية، إنما غايتها اقتضاء منفعه يقرها القانون وتتحدد على ضوئها حقيقة المسألة المتنازع عليها بين أطرافها وحكم القانون بشأنها، واندماج هذه الترضية فى الحق فى التقاضى ، مؤداه أنها تعتبر من مكوناته، ولا سبيل إلى فصلها عنه، وإلا فقد هذا الحق مغزاه، وآل سراباً .
-      وقد تحوط المشرع الدستورى، ومن بعده المشرع العادى أشد التحوط ،فى أن يكون لكل خصومة قاضيها الطبيعى، على اعتبار أن وجود خصومة بلا قاض يعد إنكاراً للعدالة الشرفى أبرز صوره .
-      فقد حرص الدستور الجديد الصادر فى 18 يناير 2014 على أن ينص فى صلبه على الآلية التى يمكن من خلالها تمكين كل متقاض من الوصول إلى الترضية القضائية النهائية وسد كل ثغرة يمكن أن تؤدى إلى التنازع بين جهتى القضاء فى الاختصاص، والحيلولة دون صدور أحكام قضائية نهائية متعارضة .
     فقد أورد فى المادة (192) على أن " تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتفسير النصوص التشريعية، والفصل فى المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها ، وفى تنازع الاختصاص بين جهات القضاء والهيئات ذات الاختصاص القضائى، والفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر من جهة أخرى منها، والمنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامها والقرارات الصادرة عنها .
       ويعين القانون الاختصاصات الأخر للمحكمة وينظم الاجراءات التى تتبع أمامها .
       وهذا هو أول نص دستورى يقرر فى وضوح أهمية الفصل فى النزاع الذى يقوم حول الاختصاص، وحول فض التناقض بين الحكميين النهائيين، وهذا إن دل على شيئ، فإنه يدل على عظم وأهمية أن يكون لكل خصومة قاض، وهو أمر لم يكن بعيداً عن التنظيم القانونى فى مصر وفى غيرها من الدول التى تعرف النظام القضائى المزدوج .
-       ذلك أن البعض من الدول يذهب إلى اخضاع الادارة  وقضاياها ومشكلاتها للمحاكم العادية شانها شأن الأفراد بحيث لا يكون فى الدولة سوى جهة قضاء واحدة . فحكم القانون واحد بالنسبة للجميع، ويطبق على الجميع أمام قاض واحد تلافياً للتعقيدات وعدم اضاعة الوقت والمال .
-      أما البعض الآخر من الدول فقد أنشا محاكم ادارية تحكم فى أقضية الادارة، وتعتنق هذه الدول فكرة تخصيص القضاء بحيث يكون للادارة ولمشكلاتها قاض متخصص يتمكن من الاحاطة بمسلتزمات حُسن الادارة وما يؤدى إليه من حسن سير المرافق العامة باضطراد وانتظام .
-                    التنازع فى الاختصاص والتناقض بين الأحكام قرين النظام المزدوج :
       الدول التى تأخذ بالنظام القضائى المزدوج يقوم لديها ـ فى الغالب ـ مشكلتان رئيسيتان:
الأولى :             معيار توزيع الاختصاص بين جهتى القضاء .
الثانية :    تتعلق بكيفية حسم النزاع بين الجهتين عند تعارض الأحكام الموضوعية أو المتعلقة بالاختصاص .
-      والمشكلة الأولى
ليس هنا مجال بحثها، وينحصر بحثنا فى جزئية نحاول استجلاءها وهى " الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين قضائيين، صدر أحدهما من جهة قضاء وصدر الآخر من الجهة الأخرى، فصلا ً فى موضوع واحد وتعامداً على محل واحد، وهو الدور الذى تضطلع به المحكمة الدستورية العليا الآن بعد تطور مر به هذا الموضوع، فنعرض لإطلالة تاريخية حول المحكمة التى نيط بها فض التنازع والتى سميت " محكمة التنازع " ، ولدور المحكمة الدستورية العليا فى فض التنازع حول الاختصاص سواء كان تنازعاً ايجابياً أو سلبياً وحدود هذا الدور وضوابطه . ثم لدور المحكمة الدستورية العليا فى الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين والشروط والضوابط التى تبرر تدخلها ، ثم لتطور قضائها فى هذا الشأن، سيما فيما يتعلق باشتراطها ألا يكون أحد الحكمين قد نفذ :
-      محكمة التنازع : ظهرت محكمة التنازع أول ما ظهرت عام 1872 م فى فرنسا، ذلك أنه لمواجهة احتمالات التنازع بصورها المختلفة عمد المشرع إلى إنشاء محكمة مستقلة عن كل من جهتى القضاء تتولى مهمة الفصل فى التنازع وقد شكلت هذه المحكمة فى فرنسا بطريق تجعلها أداه للتحكيم بين الجهتين، فقد شكلت برياسة وزير العدل وعضوية ثلاثة مستشارين من محكمة النقض، ومثلهم من مجلس الدولة ينتخبهم زملاؤهم، وينتخب هؤلاء عضوان أصليان وآخران احتياطيان ثم مفوضان من الحكومة يعينان بمرسوم. وقد جرى وزير العدل على أن يمتنع عن التدخل إلا إذا تعادلت الأصوات وتعين عليه أن ينضم إلى أحد الجانبين للترجيح (1)
-      أما فى مصر : فالرغم من أن مجلس الدولة أنشئ سنة 1946 ، فلم تكن هناك هيئة مختصة بالفصل فى إشكالات الاختصاص بينه وبين المحاكم القضائية حتى عام 1949 حيث صدر قانون نظام القضاء، وعهدت المادة (19) منه بهذه المهمة إلى محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية مكونة من إحدى عشر مستشاراً على الأقل فقد جرى نصها على أن " إذا رفعت دعوى عن موضوع واحد أمام إحدى المحاكم وأمام محكمة القضاء الادارى أو إحدى محاكم الأحوال الشخصية أو المجالس الملية ، ولم تتخل إحداهما عند نظرها أو تخلت كلتاهما عنها، يرفع طلب تعيين المحكمة التى تفصل فيها إلى محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية يحضرها على الأقل أحد عشر مستشاراً من مستشاريها.
وتختص هذه المحكمة كذلك بالفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من إحدى المحاكم والآخر من محكمة القضاء الادارى أو إحدى محاكم الأحوال الشخصية أو المجالس الملية أو صادر كل منهما من إحدى محاكم الأحوال الشخصية أو المجالس الملية .
       وقد انتقد الفقه هذا التشكيل لأنه يجعل من محكمة النقض خصماً وحكماً على تفصيل ليس هنا مجاله . ولقد سلم المشرع بوجاهه هذا النقد، فعدل عن التشكيل السابق بمقتضى قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959، فقد شكل لمحكمة التنازع على نحو يكفل تمثيل جهتى القضاء العادى والادارى وفقاً لنص المادة (17) تؤلف محكمة التنازع من :
(أ‌)                           رئيس محكمة النقض أو أحد نوابه رئيساً وبعضوية:
(ب‌)                      ثلاثة من مستشارى محكمة النقض تختارهم جميعيتها العمومية سنوياً
(ج‌)                       ثلاثة من مستشارى المحكمة الادارية العليا يختارهم المجلس الخاص للشئون الادارية .
تعقد المحكمة جلساتها فى القاهرة .
_     وقد احتفظ المشرع بذات التشكيل فى قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 فى المادة 18 منه والتى تطابق المادة (17) من القانون القديم. (2) وقد عدل المشرع المصرى عن هذا المسلك ، وجعل الفصل فى المنازعات المتعلقة بالاختصاص للمحكمة العليا المنشأة بالقرار بقانون 81 لسنة 1969 فقد نصت المادة الرابعة فى فقرتها الرابعة على أن " تختص المحكمة العليا بما يأتى :
ـ       الفصل فى مسائل  تنازع الاختصاص طبقاً لأحكام المواد ( 17 ، 19 ، 29، 31 ) من قانون السلطة القضائية .
ـ       والواقع أن القرار بقانون 81 لسنة 1969 لم يفعل ـ فى خصوص مسأئل التنازع ـ سوى أن غير جهة الاختصاص  فجعلـها المحكمة العليا، أمـا
أحكام التنازع من الناحية الموضوعية فلم يحدث فيها أى تغيير فتنتظمها أحكام المواد ( 17 ، 19 ، 29 ، 31 ) من قانون السلطة القضائية 43 لسنة 1965 وما يقابلها ـ بطبيعة الحال ـ من أحكام القانون 46 لسنة 1972 الذى صدر أثناء عمل المحكمة العليا .
ـ       وبعد صدور دستور 1971 الذى أنشا المحكمة الدستورية العليا بدأ التفكير فى وضع مشروع قانون يحكم نظام عمل المحكمة الدستورية العليا ويحدد اختصاصاتها فقد اتجه رأى إلى أن يعود الاختصاص بالتنازع والتعارض إلى المرحلة السابقة على إنشاء المحكمة العليا ، إلا أن هذا الرأى لم يلق قبولاً لعدم وجود سند له ، ومن فقد رؤى إبقاء هذا الاختصاص للمحكمة الدستورية العليا لأن فى اختصاص جهة قضائية محايدة تماماً عن كل من القضاء العادى والادارى وسائر الهيئات ذات الاختصاص القضائى يحقق كل الضمانات ، بحيث تستقر المبادئ فى كثير من مجالات الخلاف التى كانت تتضارب فيها أحكام تلك الجهات فيما يتعلق باختصاصها . (3)
-       دور المحكمة الدستورية العليا كمحكمة تنازع :
       يجرى نص المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون 48 لسنة 1979 على أن :
       تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يلى :
أولاً : الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح .
ثانياً : الفصل فى تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى ، وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها .
ثالثاً :الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أيه جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى والآخر من جهة أخرى منها .
رابعاً : …………………………………………………………
-                               الواضح من النص السابق أن المحكمة الدستورية العليا كمحكمة تنازع لها دوران :
أولها : التنازع فى الاختصاص :
       والتنازع فى الاختصاص قد يكون ايجابياً ، كما قد يكون سلبياً .
(أ‌)        التنازع الايجابى : يكون التنازع فى الاختصاص ايجابياً عندما تكون ذات الدعوى منظورة أمام أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى ، وترتيباًعلى ذلك لا يوجد هذا التنازع الايجابى إذا قضى ببطلان صحيفة إحدى الدعويين المنظورتين مثلاً أو قضى بسقوط الخصومة فى أحدهما إذ نكون بصدد دعوى واحدة فقط وبالتالى تزول حالة تنازع الاختصاص.
(ب‌)       التنازع السلبى : ويقصد به أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهة القضاء العادى وأمام جهه القضاء الادارى أو أيه هيئة أخرى ذات اختصاص قضائى وتتخلى كلتاهما عنه.
      فإذا ما طرحت الدعــوى على جهة قضاء واحــــدة لا يتوافر به أى تنازع سلبى ، كما لا يتوافر التنازع السلبى ـ اذا كانت الجهتان تابعتين لجهة قضائية واحدة .
ولا نريد أن نعرض لضوابط الفصل في التنازع حول الاختصاص الإيجابي والسلبي أو لدور المحكمة الدستورية العليا فى هذا الشأن والضوابط التي وضعتها ضبطاً لحدود الولاية بين جهتي القضاء العادي والإداري، لأن ذلك يخرجنا عن الحيز الضيق للبحث. إنما نود الإشارة إلى أن التنازع في الاختصاص وما ينتج عنه – أحياناً – من صدور أحكام نهائية متعارضة  يمكن أن يرجع إلى عدة اعتبارات لعل أهمها:-
 1- ما تنطوي عليه النصوص المبينة لوظيفة الجهة القضائية من غموض، قد يؤدي إلى اضطراب واختلاف في التفسير الأمر الذي قد يكون من نتائجه أن تدخل جهة قضائية في ولايتها ما تدعيه جهة أخرى لنفسها من ولاية.
2- ما قد يشوب النصوص الخاصة بالهيئة القضائية، من قصور عن تناول كل ما يدخل في وظيفتها أو يخرج عنها، واضطرار محاكم هذه الجهة تبعاً لذلك إلى الرجوع في بيان وظائفها إلى ما تراه من الحجج.
3- رغبة كل جهة في أن توسع من وظيفتها وتمد من سلطانها وتتعدى على وظائف غيرها، معتمدة على غموض النصوص أو نقصها أو على نظريات مختلفة تضع هي قواعدها بمحض رغبتها، لتبرير هذا الاعتداء.
4- فقدان التعاون وانقطاع الصلة بين جهات القضاء المختلفة فكل منها تضع حدود سلطاتها مستقلة عن الأخرى، وتعمل في داخل هذه الحدود التي رسمتها، غير عابئة بما رسمه غيرها لنفسه من حدود. (4)
ثانيهما: الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين قضائيين متناقضين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين:
       وهذا الاختصاص هو موضوع بحثنا، نعرض له بشيء من التفصيل على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا وتطور هذا القضاء سيما فى مجال مدى قيام هذا الاختصاص حال تنفيذ أحد الحكمين محل التناقض سواء قبل العرض على المحكمة أو اثناء هذا العرض.
       - تحوط المشرع سواء الدستوري أو العادي في ان يجعل لكل خصومة قاضيها الطبيعي، كما ذكرنا من قبل، إنفاذاً للحق في التقاضي، ودراءً لأي احتمال لإنكار العدالة، فقد تصور المشرع إمكانية وجود تنازع في الاختصاص سلبياً وإيجابياً على اعتبار أن هذا التنازع، وخاصة الإيجابي – هو المقدمة الضرورية لصدور أحكام قضائية متعارضة لا يمكن تنفيذها معاً بما يعرق الترضية القضائية النهائية التي لا تبلغ غايتها إلا بتنفيذ الحكم القضائي الصادر في النزاع والحصول على المنفعة المادية أو الأدبية التي ينشدها صاحب الحق.
       - شروط وضوابط الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين قضائيين نهائيين:
جرى نص المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أن "تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتي:
أولاً:..................
ثانياً: ..........
ثالثاً: الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها.
       كما نصت المادة (32) من ذات القانون على أن "لكل ذي شأن أن يطلب إلى المحكمة الدستورية العليا الفصل في النزاع القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين في الحالة المشار إليها في البند ثالثاً من المادة (25)، ويجب أن يبين في الطلب النزاع القائم حول التنفيذ، ووجه التناقض بين الحكمين، ولرئيس المحكمة أن يأمر بناء على طلب ذوي الشأن بوقف تنفيذ الحكمين أو أحدهما حتى الفصل في النزاع.
       - واستناداً إلى هذين النصين فإنه يشترط للقول بوجود نزاع حول تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين الشروط الآتية:
1- أن يتعلق النزاع بتنفيذ حكمين نهائيين، فلا يقبل فض التنازع بين حكم قضائي وعمل ولائي، ولو كان العمل الولائي صادرًا من جهة قضائية.
2- أن يكون الحكمان قد فصلا في دعوى واحدة على نحو مختلف بحيث يتعذر تنفيذ الحكمين معاً.
3- أن يكون الحكمان قائمين حتى تقديم طلب فض التنازع في تنفيذهما.
4- أن يكون الحكمان محل التنازع نهائيين وقت تقديم طلب فض التنازع في تنفيذهما؛ فإذا كان أحد الحكمين يقبل الطعن بالاستئناف فيجب أولاً استنفاد طريق الطعن إذ قد يلغى الحكم وينعدم التنازع.
       - وقد وضعت المحكمة الدستورية العديد من الضوابط والقيود عند فصلها في الأنزعة المتعلقة بفض النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متعارضين صادرين من جهتين قضائيتين، ومن ثم فهي ضوابط وقيود أوجدتها التطبيقات والحاجة العملية وتتمثل أهم هذه الضوابط والقيود في الآتي:
1- أول هذه الضوابط هي أن المحكمة الدستورية العليا ليست جهة طعن في الأحكام محل التنازع، وينصرف هذا القيد إلى جميع أنواع التنازع، فقد استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن "اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالفصل في التناقض بين حكمين نهائيين وفقاً للبند "ثالثاً" من المادة (25) من قانونها ليس مقرراً لها بوصفها جهة طعن، إذ أن النزاع الموضوعي لا ينتقل إليها لتمحيص العناصر – واقعية كانت أو قانونية التي قام عليها، ولكنها – وأياً كانت الأخطاء التي تكون قد نسبت إلى أي من الحكمين المدعى تناقضهما – تتأكد ابتداء من قيام التناقض، وذلك بتوافر أركانه وشروطه وتحقق مناطه، ومتى ثبت لديها ذلك فإنها تتطرق إلى موضوعه فتفصل في شأن التناقض بينهما على ضوء قواعد الاختصاص الولائي التي ضبطها المشرع ليحدد بها لكل هيئة قضائية نصيبها من المنازعات التي خصها بالفصل فيها (5) .
2- المحكمة الدستورية العليا ليست طرفاً في التناقض إنما هي التي تعين أي الحكمين أولى بالتنفيذ.
       فقد قضت المحكمة الدستورية العليا بأن "وحيث أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين ومتناقضين طبقاً للبند ثالثاً من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أي جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً – وليس من بين هاتين الجهتين المحكمة الدستورية العليا، ذلك أن هذه المحكمة – بوصفها الهيئة القضائية العليا – هي التي تفصل بأحكامها النهائية التي لا يجوز الطعن فيها في حالة التناقض بين حكمين نهائيين، وهي التي تعين أحقهما بالتنفيذ. واعتبارها طرفاً في هذا التناقض أو إقحامها على النزاع المتعلق به مردود أولاً: بأن ولايتها في المسائل التي تدخل في اختصاصها هي ولاية منفردة لا مزاحمة فيها، وقولها في شأنه أهو القول الفصل، وليس لها بالتالي أن تنقض قضاء صادراً عنها، ولا أن تراجعها فيه أي جهة ولو كانت قضائية، ومن ثم تصبح أحكامها عصية على الرجوع عنها بما لا يجوز معه اعتبارها حداً للتناقض المنصوص عليه في البند ثالثاً من المادة (25) من قانونها، و،إلا ساغ تغليب قضاء لجهة أخرى عليها. ومردود ثانياً: بأن هذه المحكمة حين تباشر اختصاصها بالفصل في التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين صادرين عن جهتين قضائيتين، فإنها تقوم بدور الحكم بينهما، وهو ما يفترض لزوماً حيدتها ونظرتها الموضوعية حين تقول كلمتها في هذا النزاع وشرط ذلك ألا تكون أحكامها طرفاً فيه. ومرودد ثالثاً بأن المشرع خص هذه المحكمة بالفصل في دعوى التناقض المنصوص عليها في البند ثالثاً من المادة 25 من قانونها. ولو صح القول بأن أحكامها يمكن أن يقوم بها هذا التناقض، لاستحال أن يكون تشكيلها – عند الفصل فيه – مقصوراً على قضاتها صوناً لأحكام الدستور التي ينافيها أن تكون الجهة التي أسند إليها المشرع ولاية الفصل في نزاع معين فصلاً قضائياً هي ذاتها المعتبرة خصماً فيه، ولأ ضحى متعيناً بالتالي أن يكون الفصل في التناقض المدعي به موكولاً إلى محكمة قائمة بذاتها تستقل بتشكيلها عن المحكمة الدستورية، أو على الأقل ألا تكون الغلبة فيه لقضاتها، ومردود رابعاً: بأن هذه المحكمة حين تفصل في النزاع القائم في شأن تنفيذ حكمين نهائيين، فإنها تفاضل بينهما طبقاً لقواعد الاختصاص التي قام المشرع بتوزيعها بين الجهات القضائية المختلفة تحديداً لولاية كل منها، وليس من بين هذه الجهات، المحكمة الدستورية العليا التي تخرج عن محيطها بعد أن أفرد لها الدستور فصلاً مستقلاً عن السلطة القضائية بهيئاتها المختلفة ومحاكمها المتعددة، بما مؤداه عدم جواز اعتبار هذه المحكمة جهة قضاء في تطبيق أحكام البند ثالثاً من المادة (25) من قانونها "   .
3- دعوى فض تناقض الأحكام لا تتقيد بميعاد:
       وفي ذلك تقرر المحكمة الدستورية العليا أن : "وحيث إن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالفصل في التناقض بين حكمين نهائيين وفقاً للبند ثالثاً من المادة 25 من قانونها، ليس مقرراً لها بوصفها جهة طعن تفصل فيما يعرض من الطعون خلال ميعاد محدد بقاعدة آمرة لا تجوز مخالفتها، ذلك أن النزاع الموضوعي لا ينتقل إليها لتجيل بصرها في العناصر التي قام عليها- واقعية كانت أم قانونية – ولكنها – وأياً كانت الأخطاء التي يمكن نسبتها إلى الحكمين المدعى تناقضهما أو أحدهما – لا تفصل في شأن التناقض بينهما إلا على ضوء قواعد الاختصاص الولائي التي ضبطها المشرع ليحدد بها لكل هيئة قضائية قسطها أو نصيبها من المنازعات التي اختصها بالفصل فيها، وهي قواعد أرساها المشرع إعمالاً للتفويض المقرر بمقتضى المادة 167 من الدستور التي تنص على أن "يحدد القانون الهيئات القضائية، ويبين إختصاصاتها، وطريقة تشكيلها" وحيث أنه فضلاً عما تقدم، فإن.الأصل في المواعيد التي يضربها المشرع لرفع الدعوى أو الطعن، إنها لا تفترض. ذلك أن قوامها قواعد آمرة لا يجوز التحلل منها، وهي بطبيعتها وبالنظر إلى خصائصها، مواعيد سقوط يزول بفواتها الحق في الخصومة، أياً كانت المرحلة التي قطعتها. كذلك فإن إعمال المحكمة الدستورية العليا للقواعد المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية في شأن ما يعرض عليها من الدعاوى والطلبات، مشروط بألا يكون قانونها متضمناً لنص خاص يحكمها، وأن يكون تطبيقها في شأن غير مناقض لطبيعة المسائل التي تدخل في ولايتها، والأوضاع المقررة أمامها" (6) .
4- التناقض بين أسباب حكمين نهائيين دون المنطوق:
لا يقوم التناقض – بالمعنى الذي تقصده المادة 25/ثالثاً من قانون المحكمة الدستورية العليا. إلا بتعارض منطوق حكمين نهائيين ولا عبرة في التناقض بين حيثيات الحكمين المدعى قيام التناقض بينهما، فقد قضت المحكمة الدستورية العليا أن "وحيث أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين والذي تنعقد للمحكمة الدستورية العليا ولاية الفصل فيه طبقاً للبند ثالثاً من المادة 25 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – هو أن يكون النزاع قائماً بشأن تنفيذ حكمين نهائيين حسما النزاع وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً.
لما كان ذلك، وكانت المدعية لا تقول بقيام تناقض فيما انتهى إليه قضاء الحكمين مثار النزاع في منطوقهما، ولكنها تبني طلبها إلى هذه المحكمة على أن ثمة تعارضاً يقوم بين ما ورد بأسبابهما، ولا تطلب إليها ترجيح أحد الحكمين على الآخر في مجال تنفيذه، بل تبتغي تغليب مؤدى حيثية واردة بأحد الحكمين على حيثية تضمنها الحكم الآخر، وكان التعارض الذي تثيره المدعية بين هاتين الحيثيتين على النحو السالف بيانه – بفرض قيامه – لا يشكل تناقضاً بين حكمين نهائيين في مجال التنفيذ بالمعنى الذي يقصده المشرع في البند ثالثاً من المادة 25 من قانون هذه المحكمة مما يستنهض ولايتها للفصل فيه، فإن دعواها تكون بهذه المثابة – غير مقبولة " (7)
       5- اتحاد المحل واتحاد النطاق وتعذر تنفيذ الحكمين معاً (جوهر الشروط).
وهذا الشرط هو الأساس الأول في مسألة فض التناقض، ذلك أنه إذا اختلف المحل أو حتى اختلف النطاق فلا محل للقول بوجود تناقض، وفي ذلك تؤكد المحكمة الدستورية العليا أن "حيث إن البين من نص المادة 167 من الدستور، أنها تفوض السلطة التشريعية في أن تقر القواعد القانونية التي ترتئيها محققة للصالح العام في مجال توزيع الاختصاص الولائي بين الجهات القضائية على اختلافها، وإذ كان إعمال المحكمة الدستورية العليا لهذه القواعد، لتحدد على ضوئها الجهة القضائية التي اختصها المشرع دون غيرها بولاية الفصل في النزاع، يفترض بالضرورة أن يكون الحكمان النهائيان الصادران عن جهتين قضائيتين مختلفتين، قد تناقضا فيما بينهما بما يحول دون تنفيذهما معاً، وكان تعذر التنفيذ- على هذا النحو- يعكس جوهر الشروط التي يتطلبها قانون المحكمة الدستورية العليا لفض التناقض بين هذين الحكمين،فإن تثبتها من توافرها ، يكون سابقاً لزوماً على فصلها فيما هو أحق وأجدر بالتنفيذ من بينهما، ذلك أن تلك الشروط هي مناط اختصاصها المنصوص عليه في البند ثالثاً من المادة 25 من قانونها، بل هي علة مزاولتها لهذا الاختصاص، ومعها يدور وجوداً وعدماً.
وحيث إن التناقض الذي يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه وفقاً للبند ثالثاً من المادة 25 من قانونها، هو ذلك الذي يقوم بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين إذا كانا متعامدين على محل واحد، وتعذر تنفيذهما معاً. فإذا كانا غير متحدين محلاً أو مختلفين نطاقاً، فلا تناقض، وكذلك الأمر كلما كان التعارض بينهما ظاهرياً لا يتعمق الحقائق القانونية، أو كان مما تزول الشبهة فيه من خلال التوفيق بين دلالة ما رميا إليه ويظهر ذلك بوجه خاص كلما كان الحكمان المدعى تناقضهما وامتناع تنفيذهما معاً، كاشفين – بقضائهما- عن مجموع الآثار القانونية التي رتبها المشرع على أحد العقود التي نظمها، سواء في نطاق العلاقة فيما بين المتعاقدين، أو في مواجهة الغير. ذلك أن تفرق هذه الآثار بين حكمين نهائيين، لا يخل بوحدتها، أو ينال من تكاملها، باعتبار أن هذين الحكمين حلقتان متصلتان لا تنفصلان عن بعضهما البعض.
وحيث إن وحدة الموضوع التي تعلق بها الحكمان النهائيان المدعى تناقضهما تتحصل في انصبابهما على محل واحد، ممثلا في منشأة سيسل الفندقية التي كان البائع لا يملكها حين قام ببيعها إلى المدعية . وإذ قضى أحد هذين الحكمين – وهو الحكم الصادر عن هيئة التحكيم – بصحة التعاقد على بيعها، وكان ثانيهما قد صدر عن محكمة استئنافية منتهياً إلى عدم سريان هذا العقد في حق مالكها الحقيقي، فإن الفصل فيما إذا كان هذان الحكمان يطرحان تناقضاً في التنفيذ مما تختص به المحكمة الدستورية العليا وفقاً لقانونها، يقتضي بالضرورة الرجوع إلى الأحكام التي اختص بها القانون المدني هذا النوع من البيوع، لتقرير ما إذا كان هذان الحكمان- فيما خلصا إليه – يتواءمان معها فلا يتصادمان،أم كانا متناقضين، ومتهادمين، ليكون اجتماع تنفيذهما معاً متعذراً.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة 466 من القانون المدني تنص على أنه إذا باع شخص شيئاً معيناً بالذات وهو لا يملكه، جاز لمن قام بشراء هذا الشيء أن يطلب إبطال البيع. ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على عقار سجل العقد، أو لم يسجل. كما تنص فقرتها الثانية على أن هذا البيع لا يكون سارياً – في كل حال – في حق المالك للعين المبيعة، ولو أجاز مشتريها العقد. كذلك تنص الفقرة الأولى من المادة 467 منه على أنه إذا أقر المالك البيع سري العقد في حقه وانقلب صحيحاً.
وفي موضع آخر أكدت على: إن التناقض الذي يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، وفقاً للبند ثالثاً من المادة 25 من قانونها، هو ذلك الذي يقوم بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفين، إذا كان متعامدين على محل واحد، وتعذر تنفيذهما معاً، فإذا كانا غير متحدين محلاًً، أو مختلفين نطاقاً، فلا تناقض، وكذلك الأمر كلما كان التعارض بينهما ظاهرياً لا يتعمق الحقائق القانونية، أو كان مما تزول الشبهة فيه من خلال التوفيق بين دلالة مارميا إليه.
وحيث إن الثابت من الحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية في الدعوى رقم 9693 لسنة 91، المؤيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 2405 لسنة 109 قضائية، أن جهة القضاء العادي قضت بوقف تنفيذ وانعدام قرار الهيئة العامة للإصلاح الزراعي رقم 3021 بتاريخ 19 أغسطس 1991 بالاستيلاء على مساحة سبعة أفدنة وسبعة عشر قيراطاً وخمسة أسهم، في حين قضت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 39 لسنة 1992 بصحة ذلك القرار وبأحقية الهيئة في الاستيلاء على ذات المساحة التي يملكها أندريه فيكتور روفائيل، ومن ثم فإن هذين الحكمين – وهما نهائيان – يكونان قد حسما موضوع النزاع القائم بين أطراف الدعويين، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معا " (8)  
6- المحكمة الدستورية العليا ترد الاعتداء على الولاية القضائية حين تفصل في التناقض:
فقد استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن : "الأصل في النزاع القائم حول التناقض، هو أن مداره حكمان نهائيان صادران عن جهتين قضائيتين مختلفتين، ويتعذر تنفيذهما معاً، فإن هذا النزاع يثير بالضرورة صعوبة قانونية لا دخل لأطراف الخصومة فيها، ولا يزيلها إلا إعمال القواعد التي ينبغي أن تدار العدالة في نطاقها إدارة فعالة، صوناً لمراميها. وتتحصل هذه القواعد – إذا كان التنازع على الاختصاص سلبياً – في أن يكون لكل خصومة قضائية قاض يكون هو مرجعها وإليه يعود أمر الفصل فيها. فإذا كان التنازع إيجابياً، تعين ألا تتزاحم جهتان قضائيتان على الفصل في عين الخصومة المرددة أمامهما توقياً لاحتمال تناقض الحكمين الصادرين عنهما. فإن وقع هذا التناقض بينهما، وكان تنفيذهما معاً متعذراً، فإن هذين الحكمين يكونان متصادمين في مفهوم أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا، وليس أمامها – إذا ما رفع الأمر إليها – إلا أن تتدخل لفض هذه الصعوبة التي أثارها تنازع جهتين قضائيتين على الفصل في موضوع واحد، وهي صعوبة مردها إلى عدوان إحداهما على الولاية التي أثبتها المشرع للأخرى، بما يناقض مبدأ خضوع الدولة للقانون، وينتقص من مهابة الأحكام القضائية واحترامها، ويعرض الحقوق التي تناولتها للضياع." (9)
7- العبرة في فض التناقض هي بوقت رفع الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا ولا يعتد بأي إجراء لا حق أو أية أوراق تقدم:
وقد استقرت على ذلك أحكام المحكمة الدستورية العليا ومنها ما أوردته "وحيث إن المادة (34) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أنه "يجب أن تكون الطلبات وصحف الدعاوى التي تقدم إلى المحكمة الدستورية العليا موقعاً عليها من محام مقبول للحضور أمامها أو عضو بهيئة قضايا الدولة بدرجة مستشار على الأقل حسب الأحوال، وأن يرفق بالطلب المنصوص عليه في المادتين (31، 32) صورة رسمية من الحكمين اللذين وقع في شأنهما التنازع والتناقض، وإلا كان الطلب غير مقبول"، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن هاتين الصورتين لابد أن تشملا على عناصر الحكمين موضوع التنازع أو التناقض، وأن يقدما معاً عند رفع الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا باعتبار أن ذلك يعد إجراءاً جوهرياً تغيا مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل التي حددها قانون المحكمة الدستورية العليا وفقاً لأحكامه، لما كان ذلك، وكان المدعى لم يقدم رفق طلبه إلا صورة رسمية من الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري أحد طرفي التناقض، بينما لم يقدم صورة رسمية من الحكم الصادر من محكمة جنح النزهة، الحد الآخر للتناقض، ولا يقدح في ذلك تقديمه صورة رسمية من الحكم الصادر في المعارضة عن هذا الحكم، إذ خلت تلك الصورة من بيان واقعة الاتهام وأسباب حكم الإدانة، كما لم يقدم صورة رسمية من الحكم الصادر في استئناف هذا الحكم، ومن ثم فإن الطلب الماثل يكون قد تخلف عن شرائط قبوله، أحد الشروط الجوهرية التي استلزمتها المادة (34) سالفة الذكر، بما يتعين معه القضاء بعدم قبوله (10)"
8- الحكم الأجنبي لا يصلح حداً للتناقض:
وفي ذلك قضت المحكمة الدستورية العليا أن "حيث أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقاً للبند (ثالثاً) من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أي جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها، وأن تكون هذه الجهات أو الهيئات وطنية، ذلك أن ولاية هذه المحكمة وعلى ما يبين من نصوص المواد 25، 31، 32 من قانونها المشار إليه المنظمة لاختصاصها بشأن التنازع على الاختصاص وتناقض الأحكام مقصورة على ما يقع من تنازع في الاختصاص بين تلك الجهات أو الهيئات أو تناقض بين أحكامها، أما عن الإعتداد بالأحكام الأجنبية ومدى إمكان تنفيذها فمرجعه إلى محاكم الموضوع والجهات التي يناط بها التنفيذ وفقاً للنصوص المنظمة لها.
لما كان ذلك، وكان أحد حدي التنازع في الدعوى الماثلة – على ما سلف بيانه – قراراً قضائياً أجنبياً، فإنه لا يكون ثمة تنازع بين حكمين نهائيين متناقضين صادرين كليهما من جهة أو هيئة قضائية وطنية مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى "(11) .
9- إلغاء إحدى الجهتين التي أصدرت أحد الحكمين- أثره اعتبار الحكمين صادرين من جهة قضائية واحدة:
جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن : "وحيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطلب الذي يرفع إليها للفصل في مسائل تنازع الاختصاص بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي ، أو في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادرين من جهتي قضاء ليس طريقاً من طرق الطعن في الأحكام القضائية. كما أن المحكمة الدستورية العليا – وهي بصدد الفصل في تنازع الاختصاص أو في النزاع حول تنفيذ الأحكام المتناقضة – لا تعتبر جهة طعن في هذه الأحكام ولا تمتد ولايتها بالتالي إلى بحث مطابقة تلك الأحكام للقانون أو تصحيحها ، بل يقتصر بحثها على تحديد أي الجهات القضائية المتنازعة هي المختصة بالفصل في النزاع أو أي الحكمين المتناقضين صدر من الجهة التي لها ولاية الحكم في النزاع فيكون أولى بالتنفيذ.
لما كان ذلك. فإن طعن المدعى على الحكمين الصادرين من محكمة النقض بمخالفتها للشريعة الإسلامية ولقضاء سابق صادر من المحكمة الشرعية العليا لا يكون مشمولاً بولاية هذه المحكمة ويكون الطعن على هذا الأساس خليقاً بالإلتفات عنه.
وحيث أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين – طبقاً للبند ثالثاً من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أي جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، مما مؤداه أن النزاع الذي يقوم بسبب التناقض بين الأحكام – وتتوافر شروط قبول دعواه أمام هذه المحكمة – هو النزاع الذي يقوم بين أحكام أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا يشمل ذلك التناقض بين الأحكام الصادرة من المحاكم التابعة لجهة واحدة منها لأن الإجراءات القضائية في الجهة القضائية الواحدة كفيلة بفض مثل هذا التناقض إذا صدر حكمان متناقضان من محاكمها، ومقتضى ذلك أنه إذا ألغيت جهة قضائية أصدرت أحد الحكمين المتناقضين وأسند اختصاصها إلى الجهة الأخرى صار الحكمان بمثابة حكمين صادرين من جهة قضائية واحدة ويتخلف بذلك شرط قبول الدعوى لدى المحكمة الدستورية العليا وفقاً لما تتطلبه المادة 25 من قانون المحكمة سالفة الذكر "(12)
هذه بعض الضوابط التي وضعتها المحكمة الدستورية العليا ضبطاً لممارسة اختصاصها المتعلق بفض التنازع القائم حول تنفيذ حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين.
ـ       تنفيذ أحد الحكمين وأثره :
- وما يهمنا بعد ذلك إيضاح ومناقشة هل تنفيذ أحد الحكمين المدعى قيام التناقض بينهما تحول دون قبول دعوى فض التناقض؟
وبمعنى آخر: هل يشترط – حال رفع دعوى فض التناقض – ألا يكون الحكمان أو أحدهما قد نفذ؟
والإجابة على التساؤل السابق تقتضي أن نتعرف علة هذا الاختصاص أو هذه الولاية ولماذا تسند إلى المحكمة الدستورية العليا تحديداً؟
يسند هذا الاختصاص بموجب نص المادة 25/ثالثاً من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 باعتبارها حكماً بين جهتي القضاء والهيئات ذات الاختصاص القضائي وعلى اعتبار أيضاً أن المحكمة الدستورية العليا لا تعتبر الأحكام الصادرة منها حداً من حدود فض التناقض، كما أنها لا تعد بالنسبة لهذا الاختصاص – جهة طعن في الأحكام محل التنازع في تنفيذها. كما أنها أيضاً ليست مجرد قاضي تنفيذ يفصل في نزاع حول تنفيذ حكم قضائي.
لكن وظيفتها أجل من ذلك وأعظم، تتمثل في الحفاظ على دولة القانون وتفعيل مبدأ خضوع الدولة للقانون بما يرتبه ذلك من خضوع جميع سلطات الدولة لسيادته وأن تكون كل تصرفاتها في إطار قواعده وفقاً لتدرجها المعروف، والحفاظ على ولاية كل جهة قضائية ورد الاعتداء إن حدث بما يحفظ للأحكام احترامها ومهابتها ويحفظ حقوق الأفراد وحرياتهم.
والمتبع لقضاء المحكمة الدستورية العليا ومن قبلها المحكمة العليا نجد أنها استلزمت أن يكون الحكمان قائمين وقت رفع الدعوى إليها لفض التناقض وألا يكون أحد الحكمين قد نفذ، فإذا ثبت لديها أن أحد الحكمين قد نفذ فإنها تقضي بعدم قبول الدعوى.
وقد بدا هذا الاتجاه واضحاً في ظل المحكمة العليا ففي حكمها الصادر بجلسة 2/7/1977 في الدعوى رقم 1 لسنة 7 قضائية عليا "تنازع" فقد أوردت "ومن حيث أن قضاء المحكمة العليا قد جرى على أن مناط قبول دعوى التنازع بين الأحكام أن يكون أحد الحكمين صادراً من جهة القضاء العادي وأن يكون الحكم الآخر صادراً من جهة القضاء الإداري أو من أية هيئة أخرى ذات اختصاص قضائي.
وأن يكون الحكمان قد حسما النزاع في موضوعه وتناقضا تناقضاً من شأنه أن يجعل تنفيذهما معاً متعذراً، ومقتضى ذلك ألا يكون الحكمان أو أحدهما قد نفذ بحيث إن كان أحدهما قد نفذ انتفى قيام التنازع.
ولما كان ذلك، وكان الثابت من الصورة الرسمية لمحضر الإفراج المحرر بمعرفة إدارة الاستيلاء بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتاريخ 12 من إبريل سنة 1975 والمقدمة تحت رقم 6 بحافظة المدعى عليه الرابع المقدمة بجلسة 16 من إبريل سنة 1977 أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قامت بتاريخ 17 من يونيو سنة 1975 بتنفيذ أحد الحكمين المتعارضين وهو الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 589 لسنة 10 ق والقاضي بتأييد القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بعقد البيع الابتدائي سالف الذكر وتم تسلم الأرض إلى المحكوم لهم فإن الدعوى لا تكون مقبولة (13)
وبعد أن باشرت المحكمة الدستورية العليا مهمتها استمرت في الالتزام بهذا الاتجاه واشترطت لقبول دعوى فض التناقض ألا يكون أحد الحكمين قد نفذ ومن أوائل أحكامها في هذا الشأن حكمها الصادر في القضية رقم 13 لسنة 4 قضائية "تنازع" بجلسة 18/12/1983 حيث أوردت "وحيث أن مناط قبول دعوى الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين وفقاً للبند "ثالثاً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن يكون النزاع قائماً بشأن تنفيذ حكمين نهائيين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها وأن يكون الحكمان قد حسما النزاع وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً. ومقتضى ذلك ألا يكون الحكمان أو أحدهما قد نفذ وإلا انتفى التنازع بينهما في مجال التنفيذ.
ولما كان الثابت من الصورة الرسمية من محضر تنفيذ الحكم رقم 2388 لسنة 1980 مدني كلي جنوب القاهرة المقدم من المدعى عليه الأول (حفظة 20 دوسيه) أنه قد تم تنفيذ هذا الحكم بتاريخ 15 أغسطس سنة 1981 بتسليم دار سينما أوبرا ومشتملاتها إلى المدعى عليه الأول في مواجهة ممثل شركة مصر للتوزيع ودور العرض السينمائي (المدعية الثانية) ومن ثم فقد انتفى قيام التنازع بين الحكمين محل التداعي في مجال التنفيذ وبالتالي تكون الدعوى غير مقبولة " (14)  .
وأكدت على هذا الاتجاه بحكمها الصادر بجلسة 14/1/1997 في القضية رقم 2 لسنة 14 قضائية "تنازع" حيث أوردت "حيث إن المدعى عليهم دفعوا بعدم قبولها، تأسيساً على أن الحكم الصادر من جهة القضاء العادي – باعتباره أحد حدي التناقض – قد نفذ بتمامه، وكان هذا الدفع في محله، ذلك أن التناقض الذي يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه – وعلى ما جرى به قضاؤها- وفقاً للبند ثالثاً من المادة 25 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو ذلك الذي يقوم بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين، إذا كانا متعامدين على محل واحد وحسما النزاع، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، ومقتضى ذلك ألا يكون الحكمان أو أحدهما قد نفذ، وإلا انتفى قيام التنازع بينهما في مجال التنفيذ.
وحيث إن البين من منطوق الحكم الصادر في الدعوى رقم 1524 لسنة 1981 مدني كلي الإسكندرية – والذي غدا نهائياً – أنه قضى بثبوت ملكية المدعى عليهما الأولتين ومورثة المدعى عليهما الثالثة والرابع للعقار محل المنازعة، وتسليمه لهن، وبطلان ومحو التصرف المشهر رقم 4676 لسنة 79 الناقل لملكيته للشركة المدعية من سجلات الشهر العقاري، وكان الثابت من الصورة الرسمية من محضر تنفيذ الحكم آنف البيان – المقدمة من المدعى عليهن ضمن حافظة مستندات أودعت ملف الدعوى بجلسة 3/2/1996- أن هذا الحكم قد نفذ بتمامه، تحت إشراف قاضي التنفيذ ، جبراً على يد محضر بتاريخ 25/3/1982، حيث أخلى العقار من متعلقات الشركة المدعية، وتم تسليمه – في مواجهة ممثليها-  لمن صدر لصالحهن الحكم، والثابت كذلك من الشهادة العقارية الرسمية المؤرخة 29/1/1996- والمقدمة ضمن حافظة المستندات المشار إليها – أنه قد تأشر بتاريخ 16/5/1992 على العقد المسجل رقم 2672 لسنة 1977 الشهر العقاري بالإسكندرية – وهو سند ملكية السالفات ذكرهن للعقار- بما قضى به الحكم المشار إليه، وكذلك بما قضى به الحكم الصادر في الاستئنافين رقمي 1028/ 1035 لسنة 37 قضائية – المرفوعين طعنا فيه – من سقوطهما للتقرير بهما بعد الميعاد. إذ كان ذلك، فإن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1524 لسنة 1981 – آنف البيان – يكون قد نفذ بكامله من خلال الإجراءات القضائية المقررة، مما ينتفي معه مناط التناقض الذي يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه " (15) .
وفي حكمها الصادر بجلسة 6/7/2008 في القضية رقم 17 لسنة 29 قضائية "تنازع" أكدت على المبدأ ذاته بقولها "وحيث إن مناط قبول دعوى الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين وفقاً للبند "ثالثاً" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون النزاع قائماً بشأن تنفيذ حكمين نهائيين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكون الحكمان قد حسما النزاع وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معا. ومقتضى ذلك ألا يكون الحكمان أو احدهما قد نفذ وإلا انتفى التنازع بينهما في مجال التنفيذ.
ولما كان الثابت من عريضة الدعوى 5786 لسنة 2006 – المقامة من مطلقة المدعى ضده مطالبة إياه بتعويضها بمبلغ ثلاثين ألف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابتها نتيجة ما نسب إليها من اختلاس منقولات الزوجية المملوكة لها – والمرفقة بحافظة المستندات المقدمة من المدعى رفق صحيفة دعواه الماثلة، أن حكم المحكمة العسكرية الصادر في القضية رقم 560 لسنة 2005 بحبسه مع الشغل والنفاذ لمدة شهر قد تم تنفيذه، ومن ثم فقد انتفى قيام التنازع بين الحكمين محل التداعي في مجال التنفيذ، وبالتالي تكون الدعوى غير مقبولة "(16)
- انتقاد اتجاه المحكمة:-
انتقد جانب من الفقه الاتجاه السابق لقضاء المحكمة الدستورية العليا واشتراطها ألا يكون أحد الحكمين المتناقضين قد نفذ على اعتبار أن هذا الشرط لم يأت به القانون.
- ففي هذا الصدد يؤكد الدكتور فتحي والي "أن هذا الشرط محل نظر، ذلك أنه إذا كان الحكمان قد نفذا معاً فمفاد هذا أنه لا يوجد تناقض بينهما ولا يقبل طلب حل التنازع لهذا السبب. أما إذا كان أحد الحكمين فقط قد نفذ فإن هذا لا يمنع من قيام التنازع بين الحكمين ولا يحول – على خلاف رأي المحكمة العليا – دون قبول طلب حل التنازع. فتنفيذ أحد الحكمين لا يعني أبداً انتفاء التناقض بينهما ولا ينقص من الحاجة إلى الحصول على حكم لحل التنازع (17) .
- ويقرر الدكتور نبيل إسماعيل عمر: "وفي إحدى أحكام المحكمة العليا، التي كانت تختص بنظر مسائل تنازع الاختصاص قبل إنشاء المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 اشترطت هذه المحكمة شرطاً آخر لقبول طلب حل التنازع بين الأحكام النهائية، هذا الشرط هو ألا يكون الحكمان أو أحدهما قد نفذ . فإذا كان أحدهما قد نفذ فلا حاجة تقوم لحل تنازع انعدم بالتنفيذ. فما هو مقدار الصحة التي توجد في مثل هذا الشرط........................ ومع ذلك فنحن نرى أن التنازع من الممكن أن يقوم حتى بعد تمام تنفيذ أحد الحكمين.ويتصور ذلك فى الحالة التى يراد فيها تنفيذ الحكم الثاني، فإذا كان موضوع الحكمين شيئاً واحداً لا يقبل التجزئة فيما يتعلق بالتنفيذ، كاالالتزام بتسليم شي لا يقبل التجزئة، فهنا لا يمكن تنفيذ الحكم الثاني لأن الحكم الأول استغرق محل التنفيذ، محل الالتزام، ومضمون الحكم الثاني هو فسخ التعارض بين حكمين رغم تمام تنفيذ أحدهما ويخلص صاحب هذا الرأي إلى أن العبرة في قبول طلب فض التنازع هي بقيام التعارض بين الحكمين، بحيث يستحيل تنفيذهما تنفيذاً متعاصراً سواء تم تنفيذ أحدهما قبل الآخر أم لا (18)  .
- أما الدكتور أحمد خليل في مؤلفه التعارض بين الأحكام القضائية فيرى أن هذا الشرط منتقد من جانب الفقه.
إذ يقرر انه إذا كان أحد الحكمين فقط قد نفذ فإن هذا لا يمنع من قيام التنازع بين الحكمين. فتنفيذ أحد الحكمين لا يعني أبداً انتفاء التناقض بينهما ولا ينقص من الحاجة إلى الحصول على حكم لحل التنازع ويضيف أن المشرع لم يحدد كيفية قيام المحكمة الدستورية العليا بالفصل في الطلب، وهذا الفراغ قد فتح الباب أمام بعض الفقه لكي ينادي بأن للمحكمة الدستورية أن تقوم بإلغاء الحكمين المتناقضين ثم تتسلط على موضوع النزاع الأصلي فتفصل فيه بحكم بات يكون هو الواجب التنفيذ.... وينتهي هذا الرأي إلى أنه يتم الفصل في النزاع عن طريق بيان أي الحكمين صدر عن المحكمة المختصة فيكون هو الواجب التنفيذ ويكون الحكم الآخر كأن لم يكن فيزول وتزول معه كافة آثاره وإجراءات الخصومة التي انتهت بصدوره . (19)
- أما الدكتور أحمد محمد حشيش فيرى أن أساس هذه الأزمة يكمن في المقصود بلفظ "التنفيذ" الوارد في سياق نص المادة 25/ثالثاً من قانون المحكمة الدستورية العليا وهل يقصد به التنفيذ بمعناه الفني أم مجرد النفاذ؟
فإذا كان المقصود باللفظ هو التنفيذ بمعناه الفني، فإن المحكمة لا تختص
إلا بالفصل في "نزاع بشأن تنفيذ" بمعناه الفني، وبالتالي إذا نُّفذ أحد الحكمين فلا يوجد مثل هذا النزاع ولا يقبل الطلب إذا كان قدم للمحكمة الدستورية. ويؤيد قضاء المحكمة الدستورية العليا هذه النتيجة الأخيرة.
أما إذا كان المقصود باللفظ هو النفاذ وليس التنفيذ بمعناه الفني، فإن المحكمة تختص بفض التناقض ولو كان الحكمان المتناقضان غير قابلين للتنفيذ بمعناه الفني، كما تختص بفض هذا التناقض ولو كان أحد الحكمين القابلين للتنفيذ قد نفذ لأن هذا التنفيذ لا يعني انتفاء التناقض والحاجة إلى الحصول على حكم لحل التنازع وبالتالي يقبل الطلب المقدم للمحكمة الدستورية العليا، ويؤيد الفقه هذه النتيجة الأخيرة ويخلص صاحب هذا الرأي إلى أن حكمة هذه القاعدة هي فض التناقض، سواء كان بين حكمين قابلين للتنفيذ بمعناه الفني أو غير قابلين له، وسواء نفذ أحد الحكمين المتناقضين أو لم ينفذ، ومن ثم فإن اختصاص المحكمة هو فض التناقض.
أما اتجاه المحكمة الدستورية العليا فيضيق من نطاق اختصاصها بإضافة شرط غير موجود في النص وهو شرط أن يكون أحد الحكمين قد نفذ (20) .
- وأخيراً فإن زميلنا الفاضل المستشار الدكتور حمدان فهمى رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا يذهب أيضاً إلى هذا الاتجاه حيث يورد سيادته في مؤلفه عن "اختصاص القضاء الدستوري في مصر وحجية أحكامه وتنفيذها وأثارها" عن اشتراط ألا يكون أحد الحكمين قد نفذ "وإن كنا نرى أن ذلك لا يصح شرطاً لقبول فض تناقض تنفيذ الأحكام القضائية النهائية، إذ لم يرد به نص في قانون المحكمة الدستورية العليا، كما أن أحد الحكمين المتناقضين قد يكون منفذاً تلقائياً بحكم طبيعة الأمر المقضي به وتوافقه مع الواقع. كما أن التسليم بهذا المبدأ يجعل المفاضلة بين الأحكام المتناقضة بيد الجهات القائمة على التنفيذ لتتنصل المحكمة الدستورية العليا من فضه (21) .
رأينا في المسألة المطروحة:
ومن جانبنا نرى أن هذا الشرط ابتدعته المحكمة العليا دون أن يورده القانون المنظم لهذا الاختصاص منذ إنشاء محكمة التنازع، وما كان للمحكمة الدستورية العليا أن تساير المحكمة العليا في تطلبها لهذا الشرط، فالمحكمة الدستورية العليا مهمتها الحفاظ على حدود الولاية الدستورية لكل من جهتي القضاء العادي والإداري والحيلولة دون افتئات جهة على أخرى، إنفاذا لأحكام الدستور والقانون، ولا تعد أبداً مجرد قاضي تنفيذ يفصل في المنازعة التي تقوم حول التنفيذ بقدر ما تعد – بحق – حارسة على حدود الولاية ومانعة لكل جهة من أن تتجاوز حدود ولايتها، فإن تجاوزت جهة ردتها عن طريق عدم الاعتداد بالحكم الصادر منها وعدم إنفاذه حتى ولو كان قد نفذ فعلاً، والمحكمة الدستورية العليا بحكمها تلغي هذا التنفيذ الذي تم بحكم جاوز الاختصاص الولائي وتأمر بنفاذ الحكم الآخر الذي صدر من المحكمة المختصة، فلا اعتداد بواقع تم بالمخافة للقانون ولاتعتير اهتماماً أى الحكمين قد نفذ والقول بغير ذلك لا يعني سوى أن المحكمة الدستورية العليا توكل هذا الأمر إلى الجهات القائمة على التنفيذ أو إلى الأفراد ذواتهم في حالة التنفيذ الاختياري، ليكون من حق الأفراد الاتفاق على مخالفة الاختصاص الولائي وهو الأمر المخالف للدستور والقانون . والأمر المؤكد أن النزاع القائم حول التناقض يثير صعوبة قانونية لا دخل لأطراف الخصومة فيها، ولا يزيل هذه الصعوبة إلا إعمال القواعد التي ينبغي أن تدار العدالة في نطاقها إدارة فعالة، وليس أمام المحكمة الدستورية العليا – إذا ما رفع الأمر إليها – إلا أن تتدخل لفض هذه الصعوبة التي أثارها تنازع جهتين قضائيتين على الفصل في موضوع واحد مما يؤدى فى النهاية إلى صدور أحكام نهائية متعارضة وهي صعوبة مردها إلى عدوان إحداهما على الولاية التي أثبتها المشرع للأخرى، بما يناقض مبدأ خضوع الدولة للقانون وينتقص من مهابة الأحكام القضائية واحترامها، ويعرض الحقوق التي تناولتها للضياع . (22)
- عدول المحكمة الدستورية العليا عن اتجاها السابق:
لحسن الحظ وتفهماً للانتقادات الفقهيه السابقة عدلت المحكمة عن اتجاهها وعن اشتراطها ألا يكون أحد الحكمين قد نفذ وأكدت على أن النص المقرر لهذا الاختصاص قد جاء مطلقاً ، ولم يشترط لقبول دعوى فض التناقض آلا يكون أحد الحكمين أو كلاهما ــ قد تم تنفيذه سواء قبل رفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا أو بعد رفعها .
- وقد صدر هذا الحكم المعدل للاتجاه فى القضية المقيدة برقم 18 لسنه 32 قضائية تنازع جلسة 15/1/2013 ولأهمية هذا الحكم نورد بعض حثياته " وحيث إنه عن طلب المدعى عليها الحكم بعدم قبول الدعوى استناداً إلى ان كلاً من قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى الحد الأول للتناقض، والحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية – الحد الآخر لهذا التناقض، قد تم تنفيذهما، فهو دفع غير سديد، ذلك أن النص فى المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أن "تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتى : أولاً ............................ ثانياً .................... ثالثاً : الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادراً احدهما من أية جهة من جهات أو هيئة ذات اختصاص قضائى ، والآخر من جهة قضائية أخرى منها " ..... مفاده أن المشرع حرص على قيام رقابة مهيمنة تحسم الخلاف حول تنفيذ الأحكام القضائية المتناقضة الصادرة فى موضوع واحد من جهتين- أو أكثر- من الجهات القضائية أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى، إذا كان تنفيذها معاً متعذراً، إعلاء منه لمبدأ الدولة القانونية، ذلك أن الحق فى التقاضى- بوصفه حقاً دستورياً أصيلاً-، لاتكتمل مقوماته إذا لم توفر الدولة للخصومة فى نهاية مطافها حلاً منصفاً يمثل الترضية القضائية التى يقتضيها رد العدوان على الحقوق المدعى بها، ولا كذلك إذا تعذر تنفيذ حكم قضائى صادر من جهة قضائية مختصة ولائياً بالفصل فى النزاع، إذا تناقض مع حكم آخر صادر من جهة قضائية أخرى غير مختصة ولائياً بالفصل فى النزاع ذاته، ولذا فقد عهد المشرع إلى المحكمة الدستورية العليا – حال اتصالها بالمنازعة- لفض هذا التناقض الناجم عن تغول إحدى الجهات القضائية على غيرها، بما نص عليه فى البند ثالثاً من المادة (25) من قانون المحكمة المشار إليه بعاليه وإذ كان هذا النص- فضلاً عما تقدم، قد جاء مطلقاً، ولم يشترط لقبول دعوى فض التناقض، ألا يكون أحد الحكمين- أو كلاهما- قد تم تنفيذه سواء قبل رفع هذه الدعوى أو بعد رفعها، فلا يجوز تخصيص هذا النص بغير مخصص، لما هو مقرر من بقاء المطلق على إطلاقه، بل إن تنفيذ أحد الحكمين الصادر من جهة قضائية غير مختصة ولائياً، أياً ما كان توقيت هذا التنفيذ، لا يعدو أن يكون عقبه مادية تحول دون تنفيذ الحكم الآخر الصادر من الجهة القضائية صاحبة الولاية الأصيلة بالفصل فى النزاع، ومن ثم يكون هذا الدفع على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إنه من المقرر- وعلى ماجرى به قضاء هذه المحكمة- أن مناط قبول طلب الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقاً للبند ثالثاً من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا، المبين آنفاً، هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أية جهة من جهات القضاء أو من هيئة ذات اختصاص قضائى والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد تصادما بحيث يتعذر- عقلا ومنطقاً- تنفيذهما معاً، مما يستوجب أن تتولى المحكمة الدستورية العليا حسم هذا التناقض بالمفاضلة بين الحكمين على أساس من قواعد الاختصاص  الولائى لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التى لها ولاية الفصل فى الدعوى وأحقها- تبعاً لذلك- بالتنفيذ. (23)
-                                عودة المحكمة الدستورية العليا إلى اتجاها الأول :
وإذا كان ابتاهجنا بالحكم السابق لا يخفى ، فإن  فرحتنا لم تدم طويلاً إذ ما لم لبثت المحكمة الدستورية العليا أن عادت إلى تبنى اتجاهها الأول الذى انتقده جانب كبير من الفقه، فقد أصدرت بجلسة 2/2/2014 حكمها فى القضية المقيدة برقم 11 لسنة 35 قضائية تنازع منتهية إلى عدم قبول الدعوى، لأن أحد الحكمين قد تم تنفيذه وبالتالى انتفى قيام التنازع بين الحكمين ونورد جانباً من حيثيات هذا الحكم آملين أن تعدل عنه المحكمة وتعود إلى حكمها السابق والذى تفادى أوجه النقد الذى أوردناها سابقاً .
 فقد أوردت "حيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مناط قبول دعوى الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين وفقًا للبند ثالثًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو "أن يكون النزاع قائمًا بشأن تنفيذ حكمين نهائيين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكون الحكمان قد حسما النزاع وتناقضًا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا" ومقتضى ذلك ألا يكون الحكمان أو أحدهما قد نفذ، وإلا انتفى التنازع بينهما فى مجال التنفيذ.
وحيث إن النزاع الصادر فى شأنه الحكمين محل التناقض المعروض إنما يدور حول مدى خضوع السلع الرأسمالية التى يتم استيرادها لغير غرض الإتجار للضريبة العامة على المبيعات، والذى عقدت الفقرة الأخيرة من المادة (17)، والفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005 الاختصاص بنظر هذا النزاع إلى المحكمة الابتدائية المختصة، وبجلسة 7/4/2013، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها فى الدعوى رقم 162 لسنة 31 قضائية "دستورية" القاضى بعدم دستورية النصين المشار إليهما، لمخالفتهما لأحكام الدستور، الذى أضحى بمقتضاه مجلس الدولة دون غيره هو صاحب الولاية العــامة فى الفصل فى كــافة المنازعات الإدارية وقـاضيها الطبيعى – عدا ما استثناه الدستور من منازعات جعلها من اختصاص جهات قضائية أخرى- والتى تدخل ضمنها الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب، وكان مقتضى نصى المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر، أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، كما أن مفاد نص المادة (49) من هذا القانون المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998، على ماجرى به قضاء هذه المحكمة- أنه ما لم تحدد المحكمة تاريخًا آخر لنفاذ أحكامها، فإن الأصل أن قضاءها بعدم الدستورية المتعلق بنص غير جنائى – عــدا النصوص الضريبية- يكون له أثر رجعى ينسحب على الأوضاع والعلائق التى اتصل بها ويؤثر فيها، حتى ما كان منها سابقًا على نشر الحكم فى الجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التى ترتبط بها، قد استقر أمرها بناء على حكم قضائى بات أو بانقضاء مدة التقادم، ولما كان ذلك، وكانت مسألة تحديد الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع، وقضاء هذه المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17)، والفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه، الخاصتين بتحديد المحكمة المختصة بنظر المنازعات التى عددتها، لايعد حكمًا بعدم دستورية نص ضريبى، وتبعا لذلك يخرج عن نطاق الاستثناء الوارد بالمادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا، المتعلق بالأثر المباشر للحكم بعدم دستورية النصوص الضريبية، ويسرى فى شأنه الأثر الرجعى للحكم الصادر بعدم الدستورية على النحو المتقدم ذكره، لتصير محاكم مجلس الدولة هى صاحبة الولاية دون غيرها فى الفصل فى النزاع محل الحكمين المتناقضين.
وحيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (الدائرة الرابعة) بجلسة 27/12/2005، فى الدعوى رقم 10998 لسنة 57 قضائية قد تم تنفيذه، ومن ثم فقد انتفى قيام التنازع بين الحكمين محل التداعى فى مجال التنفيذ، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
ولا نريد أن نعلق على هذا الحكم سوى أن الأمل يحدونا فى أن تعود المحكمة الدستورية العليا إلى سابق الاتجاه الحديث الذى تبنته المحكمة فى حكمها الصادر فى القضية رقم 18 لسنه 32 قضائية "تنازع " إذ أنه هو الأقرب إلى المفهوم الدستورى والقانونى الصحيح خاصة فى ظل دستور 2014 الذى نص فى صلبه على اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادرين من جهتى القضاء أو جهه قضاء وهيئة ذات اختصاص قضائى .  
(1)  يراجع  أستاذنا الدكتور سليمان الطماوى  دروس فى القضاء الادارى 1976 دار الفكر العربى صــ 18.
(2) أستاذنا الدكتور سليمان الطماوى: القضاء الادارى ـ الكتاب الأول قضاء الإلغاء ـ دار الفكر العربى صــ 162 وما بعدها .
(3) يراجع : المستشار أحمد ممدوح عطيه فى محاضرة  بعنوان " دراسة تحليلية مقارنة حول قانون المحكمة الدستورية العليا " ألقيت فى يوم 23/12/1979 بالجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والاحصاء والتشريع
(4) قواعد المرافعات في التشريع المصري والمقارن للأستاذ محمد العشماوى ود. عبد الوهاب العشماوي صـ 532.
(5) الحكم في الدعوى رقم 2 لسنة 14 قضائية "تنازع" جلسة 14/1/1997.
(6) الحكم في الدعوى رقم 4 لسنة 14 قضائية "تنازع" جلسة 21/1/1995.
(7) الحكم في الدعوى رقم 2 لسنة 4 تنازع  قضائية جلسة 1/1/1983.
(8) الحكم في الدعوى رقم 5 لسنة 16 تنازع جلسة 15/4/1995.
(9) الحكم في الدعوى رقم 4 لسنة 14 تنازع جلسة 21/1/1995.
(10) الحكم في الدعوى رقم 11 لسنة 25 قضائية تنازع جلسة 7/11/2004.
(11)  الحكم في الدعوى رقم 1 لسنة 7 قضائية تنازع جلسة 7/3/1987.
(12) الحكم في الدعوى رقم 4 لسنة 6 قضائية "تنازع" جلسة 5/3/1988.
(13) الحكم الصادر من المحكمة العليا في الدعوى رقم 1 لسنة 7 قضائية عليا "تنازع" جلسة 2/7/1977 مجموعة أحكام وقرارات المحكمة العليا – الجزء الثاني صـ 392.
(14) الحكم في الدعوى رقم 13 لسنة 4قضائية  تنازع جلسة 18/12/1983.
(15) الحكم في الدعوى رقم 2 لسنة 14قضائية  تنازع جلسة 14/1/1997.
(16) الحكم في الدعوى رقم 17 لسنة 29 قضائية تنازع جلسة 6/7/2008.
(17) يراجع في ذلك: د. فتحي والي: الوسيط في قانون القضاء المدني طبعة ثانية 1981 صـ 243: 244 دار النهضة العربية.
(18) يراجع د. نبيل إسماعيل عمر: أصول المرافعات المدنية والتجارية سنة 1986 منشأة المعارف بالإسكندرية صـ 84، 85.
(19) يراجع د. أحمد خليل: التعارض بين الأحكام القضائية سنة 1998 دار المطبوعات الجامعية صـ 184: 185 والمراجع التي أشار إليها.
(20) يراجع د. احمد محمد حشيش : مبدأ عدم جواز تناقض الأحكام سنة 1997 صـ 54، 55 والمراجع أشار إليها ثم.
(21) يراجع المستشار الدكتور/ حمدان فهمي في مؤلفه المشار إليه صـ 135 هامش 1.
(22) في مثل هذا الرأي حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 4 لسنة 14 قضائية "تنازع" جلسة 21/1/1995 ويراجع أيضاً تقرير هيئة المفوضين في الدعوى رقم 18 لسنة 32 قضائية "تنازع" الذي أعده الزميل العزيز المستشار طارق عبد العليم.
(23)  لابد أن نحى فى هذا المقام تقرير هيئة المفوضين المقدم  فى الدعوى رقم 18 لسنة 32 قضائية " تنازع" الذى أعده المستشار طارق عبدالعليم الذى قدم رؤيه متكاملة للموضوع محل الدراسة ولم يعتمد فقط على قضاء المحكمة الدستورية العليا المستقر وإنما وضع الرأى الآخر مؤسساً واضحاً كان له بالتأكيد اثر فى تغيير وجه الرأى والعدول من جانب المحكمة عن قضائها .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق