الخميس، 3 ديسمبر 2015

صياغات مرتبكة ومربكة - دراسة حالة لتطبيقات من دستور 2014

صياغات مرتبكة ومربكة
(دراسة حالة لتطبيقات من دستور 2014)
بقلم الدكتور / فتحى فكرى
أستاذ القانون العام /  كلية الحقوق – جامعة القاهرة
منشور بمجلة الدستورية - العدد الخامس والعشرون – السنة الثانية عشر – أبريل 2014

حينما صدر دستور 2012 واجه عاصفة عاتية من الاعتراضات . ومما عولت عليه تلك الاعتراضات جملة الصياغات غير المنضبطة التى حوتها نصوص الوثيقة الدستورية فى غير موضع.

           وإذا اكتفينا بنماذج لهذه الصياغات سنذكر المادة السادسة والتى كانت تقرر قيام «النظام السياسى على مبادىء الديمقراطية والشورى». فهل الديمقراطية تفترق عن الشورى ؟ وما مدى هذا الافتراق ، وهل ينصب على الجوهر ، أم يقع فى نطاق الشكل والمظهر؟

        وضمت دائرة النقاش كذلك ما جرت به بعض النصوص من تلازم لفظى بين الدولة والمجتمع فى الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية(1) ، وحماية كرامة الإنسان(2) واكتشاف المواهب الرياضية ورعايتها(3) ، مما يطرح التساؤل حول الكيان أو التنظيم الذى سيباشر المجتمع مهامه تلك من خلالها ، والأدوات المتاحة له ليبلغ غايته عبرها .
        وبلغ الجدل الذروة فى خصوص المادة الشهيرة 219 والتى تردد انها تفسر ما جاء بالمادة الثانية من أن مبادىء الشريعة الإسلامية هى «المصدر الرئيسى للتشريع».
        فالعبارات التى احتوتها تلك المادة غلفت بسياج  كثيف من الغموض يمنع الوقوف على مراميها، خصوصاً ما ورد فى عجزها من إدخال مذاهب أهل السنة والجماعة تحت لواء «مبادىء الشريعة الإسلامية» ، وهو ما يفتح الباب لتبنى آراء مرجوحة واصدار تشريعات وفقاً لها ، رغم عدم ملاءمتها للأوضاع السائدة وقت سنها.
        يرتبط بذلك ما توحى به عبارة «مذاهب أهل السنة والجماعة» من استبعاد لغير مذاهب أهل السنة والجماعة ، رغم ما قد تشتمل عليه من آراء فقهية أرجح وزناً وأثقل اثراً فى تحقيق صالح العباد والبلاد(4).
        أما أخطر ما نال المادة 219 من انتقادات فيتمثل فى تعبيدها السبيل أمام إقامة «دولة دينية» ، لا سيما إذا وضعنا فى الحسبان ما قضت به المادة الرابعة من دستور 2012 من أخذ «رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية».
        فبجانب إغفال النص الإفصاح عن الجهة التى ستطلب رأى هيئة كبار العلماء (السلطة التشريعية لحظة سن القانون ، أم القاضى الدستورى حال عرض نزاع يتعلق بمخالفة الشريعة الإسلامية على ساحته) ، لا يخفى اتساع مدلول عبارة «الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية» ، وتجاوزها اصطلاح "مبادىء الشريعة الإسلامية " الوارد فى المادتين 2 ، 219 ، وتعذر خروج أى جهة على رأى لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ، مهما قيل عن طبيعته الاستشارية.
        هذه بعض نماذج للصياغات المعيبة التى حفل بها دستور 2012. وجلى أن الأمر تجاوز نقص دقة الصياغة إلى خلق إشكاليات تمنع تحقق التوافق حول أسس بناء دولة تكون المواطنة فيها هى أساس التمتع بالحقوق والحريات ، ومسئولية الحكام هى حائط الصد ضد كل تعسف أو استبداد.
فهل تحاشت السلطة التأسيسية عند وضعها دستور 2014 الوقوع فى هذا الشرك ؟
        تحليل مواد الدستور الحالى تفيد أن محاولات ضبط معانى النصوص وتركيبها لم ترق  للمستوى المأمول منها.
        فالعديد من النصوص رفعت شعارات رنانة بدلاً من اقامة أنظمة مُحكمة ، كما جرى اللجوء للإطناب فى مجال لا يحتمله بحال(5).
        ولم نر التوقف طويلاً عند هذه المثالب ، فما دفعنا لتلك الدراسة النصوص التى بدت مبتورة أو متناقضة مع نفسها أو غائمة أو تفتح باب الجدل على مصراعيه فى مجالات فائقة الحساسية ، فى حين أنها تتطلب الوضوح التام والقطع الجازم فى هيكلها وتشكيلها.
        وتطبيقات ذلك – مع الأسف – غزيرة ولافتة ، وبسطها بكاملها يتجاوز نطاق المقالة الماثلة.
        ولذا لم يكن فى وسعنا إلا تخير بعضها ، وقد وقع اختيارنا على ست نماذج قدرنا أنها تترجم الإشكاليات الكامنة بين حنايا النصوص ، لعلنا نتنبه لها ، ونجتهد من الآن فى مواجهتها ، ولو بطرق باب تعديل الدستور حينما يولد المجلس النيابى فى ختام الحقبة الانتقالية.
        وننوه إلى أننا لم نتقيد فى عرض تلك النماذج بترتيب المواد كما سطرت بالدستور ، فقد كان دليلنا فى تحديد أولوية التناول قدر النقاش الذى آثاره النص حالياً ، أو ما قد يتفجر عنه من شجار مستقبلاً.
        ولنعرض الآن للتطبيقات المختارة.
أولا: الخلاف حول سماح المادة 288 من الدستور بتحصين  قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية:
فى 8 مارس الحالى صدر القرار بقانون رقم 22 لسنة 2014 بتنظيم الانتخابات الرئاسية ناصاً فى مادته السابعة على أن قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية «نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أيه جهة. كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء».
وبرغم أن العبارة الأولى كاشفة عن المعنى المبتغى (عدم جواز الطعن على قرارات اللجنة أمام القضاء الإدارى والعادى) ، فإن الشارع ، تعزيزاً لموقفه ، سارع بإضافة حظر التعرض لقرارات اللجنة بوقف التنفيذ أو الإلغاء ، مع أن العبارة الأولى تفيد ذلك.وهكذا يبين تشبث  الشارع بموقفه .
وعلى هذا النحو عدنا لسياسة تحصين القرارات الإدارية ضد الطعن أمام أية جهة وبأى طريق كان  ، والتى كانت سبة فى جبين نظامنا القانونى قبل عام 1971.
وتناثرت هنا وهناك قائمة من المبررات لدعم هذه الخطوة(6) ، وكان فى مقدمة تلك الحجج – وهو ما يهمنا – المادة 228 من دستور 2014.
وطبقاً لنص تلك المادة «تتولى اللجنة العليا للانتخابات ، ولجنة الانتخابات الرئاسية القائمتين فى تاريخ العمل بالدستور ، الاشراف على أول انتخابات تشريعية ، ورئاسية تالية للعمل به ، وتؤول إلى الهيئة الوطنية للانتخابات فور تشكيلها أموال اللجنتين».
وقد حملت هذه المادة على أن لجنة الانتخابات الرئاسية الموجودة لحظة إصدار الدستور ستنهض ، بذات تشكيلها ، بالإشراف على أول انتخابات رئاسية ، وفقاً للأوضاع والصلاحيات المقررة فى القانون المنظم لها ، وبالأخص حجب قراراتها عن ساحات القضاء وأروقة المحاكم بمختلف أنواعها ودرجاتها.
وهذا الفهم يعتوره أكثر من نقيصة:
1- تقضى المادة 97 من دستور 2014 بحظر تحصين «أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء».
وهذا المبدأ الذى وجد سبيله إلى نصوصنا الدستورية عام 1971(7) ، كمظلة منيعة للذود عن الحق والحرية ، لم يعد مقبولاً مجرد التفكير فى تجاوزه ، لا خرقه والخروج عليه فعلاً ، لا سيما بعد ثورة يناير 2011 والتى كان من عوامل تأجيج جذوتها غياب دولة القانون ، والتى ساهم حظر الطعن فى إعاقة إرساء لبنتها.
وحظر الطعن القضائى على بعض الأعمال يعيد لنا ظلاً من المناخ السابق على الثورة، وهو ما يتعين تجنبه ، بل وتحاشى المقدمات المفضية إليه.
وبطبيعة  الحال نحن نعلم أن النص العام ، يمكن ، بذات الأداة القانونية ، أن يقيد بإستثناء يثقله ، إلا أن ذلك مشروط بوجود إرادة تشريعية واضحة وجلية تفيد إقرار هذا الإستثناء، لا أن يكون التأويل والاستنتاج هو السند لتخطى القاعدة العامة ، وهو ما سنزيده إيضاحاً فى الجزئية التالية.
2- المادة 228 من الدستور تتكلم عن تولى لجنة الانتخابات الرئاسية القائمة الإشراف الكامل على أول انتخابات تجرى بعد العمل بالدستور.
وهذا النص تناول اللجنة بتشكيلها واختصاصاتها ، ولم يتطرق ،على أى وجه، إلى النظام القانونى للطعن على قراراتها. وإعمالاً لمبدأ التفسير الضيق للاستثناء ، وهذا النص كذلك، لا مفر من إخضاع قرارات اللجنة للمادة 97 من الدستور، وبالتالى فتح باب الطعن عليها أمام القضاء.
ولا يصح – فى رأينا – القول بأن المادة 228 من الدستور استطصحبت نص المادة (8) من قانون الانتخابات الرئاسية الصادر 2005 والمعدل فى 2012 والقاضية بالتحصين ، فلو صح ذلك لنص الشارع التأسيسى على المادة برقمها ، أو أورد نصها فى متنه ، وما كان هناك شىء يعجزه عن ذلك .
هذا على  فرض أن المادة (8) كانت قائمة ، وهو غير صحيح كما سنرى حالاً.
3- تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية عول على نصوص دستورية سقطت ، وسقط معها أى نصوص  تشريعية مرتبطة بها ارتباطاً عضوياً لا يقبل انفصال أو انفكاك .  
حينما صدر قانون الانتخابات الرئاسية لأول مرة عام 2005 استند فى تحصين قرارات  اللجنة المعنية إلى المادة 76 من دستور 1971 وفقاً لتعديل 2005 والتى نصت على أن «قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها ، وغير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أيه جهة ، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بالتأويل أو بوقف التنفيذ».
وبعد ثورة  2011 وصدور إعلان 30 مارس الدستورى ، أُعيد النص على التحصين فى المادة 28/3.  
وبوضع دستور 2012 لم يعد تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية محل بحث ، حيث أُلغى إعلان مارس الدستورى ، وانتفت أى إجازة لتحصين القرارات الإدارية. وتعلونا الدهشة أن يتردد الآن إمكانية الإعتماد على ما ورد فى قانون الانتخابات الرئاسية من حظر الطعن ، ليس فقط لإلغاء التحصين بصدور دستور 2012 ، بل بعد وضع دستور 2014 ، والذى نبذ التحصين ضد الطعن القضائى بصورة قاطعة ، وأصبح بحكم اللزوم هو المرجعية الوحيدة لتقدير صحة  النصوص التشريعية.
4- من العسير تقبل أن أول انتخابات تجرى بعد دستور 2014 لن ينفتح فيها مجال الطعن ، فى حين أن الانتخابات التالية ستتاح فيها تلك المكنة .
فالانتخابات التى ستجرى بعد قليل هى أول انتخابات رئاسية تتم بعد العمل بالدستور ، وغايتها إقامة جسر للعبور من المرحلة الانتقالية ، بما تفيض به من قلائل وفتن ، إلى حقبة يسودها الاستقرار والأمان.
ومن المخاطرة أن نتصور إنجاز هذا الهدف دون توافر الشفافية لأقصى درجة ممكنة.
فتلك الشفافية هى الحاجز المنيع لمواجهة ما تموج به الفترات الانتقالية من شائعات مغرضة ومؤامرات تحاك خيوطها  وتتشابك داخلياً وخارجياً.
وفتح طريق الطعن القضائى من أهم سبل بلوغ مستوى الشفافية المتطلبة. ولندرك مغزى ما تقدم علينا أن نتخيل وضع مرشح أعلنت اللجنة فوزه ، إلا أن سحب التشكيك ظلت تطارده ، فهل سيهىء له هذا الحال ظرفاً مواتياً لمواجهة تحديات ما بعد المرحلة الانتقالية؟
وما سبق يدفعنا إلى بيان أن الطعن على الانتخابات الرئاسية ليس بدعة ، فلا زال ماثلاً فى الأذهان طرح نتيجة الانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة الأمريكية على المحكمة العليا لتحسم أمر المرشح الحائز على ثقة الهيئة الناخبة(8).
        أما ما يثار عن تعذر إقرار الطعن على الانتخابات الرئاسية أمام أى محكمة ، لما ينجم عنه من إخضاع محكمة عليا (لجنة الانتخابات الرئاسية) لمحكمة دنيا ، فليس بالحجة القاطعة.
        فمن زاوية أولى ، لجنة الانتخابات الرئاسية ليست محكمة ، فطبيعة مهامها (الإشراف على الانتخابات الرئاسية بكامل حلقاتها) إدارية فى المقام الأول. وإدراكاً من المشرع لذلك وصف أعمالها بالقرارات. يعضد ما تقدم أن الهيئة التى ستشرف على الانتخابات لاحقاً سيطعن على قراراتها أمام المحكمة الإدارية العليا وبنص دستورى ( المادة210/3 ) .    
        ومن زاوية ثانية ، من المتصور – لتفادى الحجة السالفة – اسناد الطعن على قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية إلى المحكمة الدستورية العليا ، بالنظر إلى إلزام أحكامها لكافة الجهات القضائية إلى جانب الأفراد والسلطات العامة.
        ولا محل لرد التحليل الفائت اعتماداً على حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى أبريل 2012(9) والذى اعتبر لجنة الانتخابات الرئاسية هيئة قضائية ذات اختصاص قضائى ، فهذا الحكم اقتصر على بحث جواز الإحالة للمحكمة الدستورية العليا من قبل تلك اللجنة ، أما حظر الطعن على قراراتها فلم تجتهد المحكمة فيه ، لأنه – ببساطة -  كان مقرراً بنصوص دستورية سارية آنذاك (الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011).
        وفضلاً عن ذلك ، فإن عناصر تكييف جهة ما كهيئة ذات اختصاص قضائى (تحديد الاختصاص بقانون – غلبه العنصر القضائى فى التشكيل – توافر ضمانات الحيدة والاستقلال فى الأعضاء – الفصل فى خصومة بمراعاة الضمانات المقررة وبقرارات لا تخضع للمراجعة من جهة غير قضائية) تتكامل فى الهيئة الوطنية للانتخابات التى ستتولى إدارة الانتخابات التالية ، ومع ذلك اجيز الطعن على قراراتها بنص دستورى صريح.
        وحرى بالتسجيل فى الختام أن حظر الطعن لن يمنع حدوثه ، فيمكن لصاحب الشأن أن يطعن على قرار للجنة المعنية أمام الجهة القضائية المختصة  ( مجلس الدولة )  بطلب إلغاء ووقف تنفيذ القرار المنعى عليه. وفى هذا الفرض قد يقضى بوقف تنفيذ القرار ، مع إحالة  دستورية المادة (7) من قانون الانتخابات الرئاسية إلى القاضى الدستورى بناء على دفع من الطاعن ، أو من تلقاء نفس المحكمة(10).
وما كان أغنانا عن تلك الإشكاليات لو جاء نص المادة 228 حاسماً فى تولى لجنة    الانتخابات الرئاسية القائمة فى تاريخ العمل بالدستور الإشراف الكامل على أول إنتخابات رئاسية، مع حظر الطعن على قرارات تلك اللجنة أو إجازته  ، وفقاً لما يقدر الشارع التأسيسى مناسبته للمرحلة الانتقالية.
ثانيا- قصور تنظيم ترك المنصب الرئاسى اختياراً أو إجباراً:
        قد تنتهى مدة الرئاسة بصورة مبتسرة بالاستقالة ، وخطورة احتمال شغور منصب الرئاسة قبل الأوان ، تقتضى أن تكون النصوص الحاكمة له دقيقة فى بنيانها ، قاطعة الدلالة فى  معانى ألفاظها.
        والمتأمل للنصوص الدستورية ذات الصلة سيقابل العديد من الاسئلة التى غُفل من وضع إجابات واضحة لها.
        ولندلل على ذلك سنعرض لاستقالة الرئيس ، لنخوض عقب ذلك فى تنظيم الانتخابات الرئاسية المبكرة ، لنتطرق ختاماً لمحاكمة الرئيس جنائياً والمؤدية ، حال الإدانة ، إلى خلو المنصب قبل مدته .
-  عدم إحكام قواعد استقالة الرئيس:
وفقاً لنص المادة 158 من الدستور «لرئيس الجمهورية أن يقدم استقالته إلى مجلس النواب فإذا كان المجلس غير قائم ، قدمها إلى الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا».
        والنص بتلك الصيغة اقتصر على أمرين:
        - حق الرئيس فى ترك المنصب قبل انصرام الفترة المحددة له ، وهو أمر بدهى ، إذ
لا يتصور إجبار شخص على التصدى لمسئوليات بحجم رئاسة الدولة دون رغبة أكيدة من جانبه.
        - الجهة التى تقدم لها الاستقالة والمتمثلة فى مجلس النواب ، بوصفه المجلس الذى يمثل الشعب الذى سبق وان اختار الرئيس ، وفى حالة حل المجلس توجه الاستقالة إلى الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا.
        والحسم للأمرين السابقين لا يمنع التساؤل حول جواز رفض الاستقالة ، أو حتى طلب تأجيلها لبعض الوقت.
        وليس هذا هو المأزق الوحيد ، فالنص لم يحدد لنا لحظة قبول الاستقالة لإعلان خلو المنصب ، واتخاذ الإجراءات اللازمة لشغله.
        فالمنطق يتطلب أن يجتمع البرلمان أو الجمعية العامة  للمحكمة الدستورية العليا لعرض الاستقالة ، ولا يوجد فى النص أى قيد زمنى لانعقاد هذا الاجتماع.
        وهكذا يصبح ترتيب الاستقالة لأثرها مرهون بإرادة غير مقدمها ، ولمدى زمنى غير معلوم مقدماً.
        وأخيراً من المتصور أن يطرح التساؤل حول جواز العدول عن الاستقالة(11).
        ولا يسعفنا النص بالأحكام التى يمكن من خلالها مواجهة هذه الأوضاع على خطورتها ، لتتركنا الصياغة المعيبة نهباً للخلافات ، فى فترات لا تتحملها أو تحتملها.
إحاطة اللبس لأسباب الاتهام الجنائى:
      الإدانة الجنائية من أسباب إعفاء الرئيس من منصبه. إلا أن تلك الإدانة تبدأ بالاتهام. ومما يؤسف له أن أسباب الاتهام الواردة بالنص يلفها غموض واسع المدى.
        ففى صدارة دواعى الاتهام ما وصف «بانتهاك أحكام الدستور».
        ولا شك أننا نواجه تعبيراً يتسم بهلامية تتخطى ما يعرف عن عمومية النصوص الدستورية ، ومكنة تفسيرها على غير معنى.
        ويعزز المخاوف السابقة أن «الانتهاك» الوارد فى النص لم يوصف مثلاً بأنه عمدى أو يتصف بالجسامة.
        والخشية كل الخشية أن نجد أنفسنا أمام اتهام سياسى لا جنائى ، تسيطر على توجيه دفته الأغلبية البرلمانية . وعلى فرض الحكم بالبراءة ، فلا جدال أن الاتهام خلال فترة تداوله إلى لحظة الفصل فيه سيسفر عن اضطراب فى سير أمور الدولة ، بما يضر بالمصالح العامة على كافة الأصعدة.
 ولا يقل الفرض الثانى  للاتهام ( الخيانة العظمى ) عن  سابقه فى طرحه لتساؤلات بلا أجوبة.
        ويزداد الأمر تعقيداً إذا علمنا أن اصطلاح الخيانة العظمى ورد لأول مرة فى دستور 1956(12) ، وتبنته الدساتير اللاحقة(13) ، ومع ذلك لم يتدخل الشارع ليحدد مضمونه حتى اللحظة.
        ولا يغيب كذلك أن الحدود تتقاطع أحياناً بين الخيانة العظمى وانتهاك أحكام الدستور ، فإبرام معاهدة تنتقص من التراب الوطنى تخالف الوثيقة الدستورية(14) ، ويمكن أن تندرج  أيضاً فى نطاق ما يطلق عليه الخيانة العظمى.
والسبب الأخير للاتهام ارتكاب الرئيس لجناية . ومرة أخرى نصطدم بصياغة محيرة ، فالنص يتحدث عن الجناية ، وهكذا أغفل تناول الجرائم الأخرى والمصنفة كجنح أو مخالفات ، وهنا تتبدى الإشكالية.
  فاستبعاد الجنح والمخالفات قد يفسر على أن مسئولية رئيس الجمهورية تنحصر فى دائرة الجنايات دون أن تتعداها. وأخطر نتائج هذا الفهم استبعاد جرائم كالقتل الخطأ ، على جسامة آثارها وفداحة الأضرار الناجمة عنها.
        وربما تدفع النتيجة المتقدمة إلى حمل تعبير «الجناية» على مدلوله العام لينصرف إلى كافة الجرائم.
        ومن المؤسف مواجهة هذا المأزق بعد أن كان دستور 1971 يجنبنا إياه بالنص على أن اتهام رئيس الجمهورية يكون عن أى «جريمة جنائية»(15).
تقنين متعجل لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة:
من مستحدثات دستور 2014 المادة 161 المنظمة لسحب الثقة من الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
        وتجرى كلمات الفقرة الأولى والثانية من تلك المادة كالتالى: «يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بناءً على طلب مسبب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل ، وموافقة ثلثى أعضائه. ولا يجوز تقديم هذا الطلب لذات السبب خلال المدة الرئاسية إلا مرة واحدة.
        وبمجرد الموافقة على اقتراح سحب الثقة ، يطرح أمر سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة فى استفتاء عام ، بدعوة من رئيس مجلس الوزراء ، فإذا وافقت الأغلبية على قرار سحب الثقة ، يعفى رئيس الجمهورية من منصبه ويعد منصب رئيس الجمهورية خالياً ، وتجرى الانتخابات الرئاسية المبكرة خلال ستين يوماً من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء».
        والنظرة العابرة على النص تبرز مشكلة من وجهين:
الوجه الأول – عدم تحديد الأسباب المجيزة لطلب سحب الثقة:
وبذلك أصبح تقديم هذا الطلب أداة لإدارة الصراع السياسى بين البرلمان والرئاسة عند اختلاف انتماءاتهما الحزبية.
        ولعله كان من المناسب – حال التمسك بالنص – أن يرتكز طلب سحب الثقة على الانتهاك الجسيم لأحكام الدستور ، فقد سبق أن أوضحنا ما ينطوى عليه هذا المصطلح من بعد سياسى ، مما يجعل محله الطبيعى النص الخاص بسحب الثقة  كإجراءً سياسى بإمتياز.
الوجه الثانى – عدم تحديد الأغلبية الشعبية اللازمة لسحب الثقة:
        ربما يرد على خطورة عدم تحديد سبب سحب الثقة من الرئيس بأن الأمر فى منتهاه فى يد الإرادة الشعبية ، إذ ستعرض موافقة البرلمان على سحب الثقة للاستفتاء الشعبى. وهنا تواجهنا معضلة الصياغة من جديد. فالنص يتطلب موافقة «الأغلبية» على قرار سحب الثقة لإعفاء الرئيس من منصبه وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
        وتتعدد الاسئلة حول المقصود بالأغلبية ، فهل هى أغلبية من حضروا الاستفتاء ، أم أغلبية الأصوات الصحيحة لهؤلاء ، أم أغلبية المقيدين فى القوائم الانتخابية ؟
        ومن الغريب أن يصمت المشرع فى هذا الشأن على خطورته فى ذاته وتبعاته ، على نقيض مسلكه بالاحتكام إلى الإرادة الشعبية بخصوص حل المجلس النيابى ، إذ اشترط لذلك موافقة أغلبية الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الاستفتاء (المادة 137 من دستور 2014).
       ولا نملك – مع افتراض كمال حسن النية – إلا إدانة الاستعجال فى صياغة النصوص ، لاسيما تلك التى ترتبط باحتدام أزمة سياسية .
ثالثا- اشكاليات تشكيل الحكومة:
        اتسم النظام السابق على ثورة 25 يناير 2011 «بتركيز السلطة» فى يد رئيس الدولة ، ولذا لم يكن موضوع تشكيل الحكومة ، يلفت الانتباه بالقدر الذى يوازى أهميته.
        وكان ذلك مقبولاً فى فترة التنظيم السياسى الواحد ، أو خلال حقبة التعددية الحزبية. فتلك التعددية اتصفت – إلى حد بعيد – بالشكلية لسيطرة حزب الأغلبية أو الحزب الحاكم على مقاليد الأمور وتوجيهها.
        وحينما شرع فى وضع دستور 2012 كان من المنطقى السعى لإعادة توزيع الاختصاصات بين رئاسة الدولة والحكومة ، بحيث تتسع سلطات الأخيرة وتضيق صلاحيات الأولى.
        واستتبع ذلك تبنى ملمح من النظام البرلمانى يتمثل فى العهود للمجلس النيابى بدور فى اختيار الحكومة باستلزام حصولها على ثقة نواب الشعب.
        ولمواجهة احتمال تعنت البرلمان فى منح الثقة للحكومة ، طرح دستور 2012 فى المادة رقم 139 عدة احتمالات:
        الأول: رفض برنامج الحكومة التى كلف رئيسها من قبل رئيس الدولة ، بصرف النظر عن اعتداد هذا التكليف بالتمثيل الحزبى بالبرلمان من عدمه.
فى هذا الفرض يفقد رئيس الدولة حريته فى الاختيار ، وعليه أن ينصب رئيس مجلس الوزراء من الحزب الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب.
الثانى: رفض برنامج الحكومة التى شكلها الحزب الحاصل على أكثرية مقاعد البرلمان.
وهنا يبين أن الأكثرية التى يحوزها الحزب المعنى لا تشفع له فى تشكيل الحكومة ، خصوصاً إذا كانت تلك الأكثرية تمثل نسبة محدودة من إجمالى العضوية البرلمانية.
وحسماً للخلاف الناشب فى هذا الصدد فوض النص مجلس النواب فى اختيار رئيس مجلس الوزراء.
الثالث: اصرار مجلس النواب على رفض برنامج حكومة التى اختار هو رئيسها ، فى هذه الحالة يتكشف أن التمثيل الحزبى فى البرلمان لن يُمكن الحكومة من العمل ، وبالتالى لا مفر من حله ، وإجراء انتخابات جديدة بغرض أن تفرز عملية الاقتراع عن أغلبية أكثر تجانساً.
فحل البرلمان – فى الفرض المطروح – بمثابة المخرج المتاح لأزمة التصادم الحاد بين مجلس النواب والحكومة ، حيث رفض مجلس النواب إعطاء الثقة لحكومة هو من اختار المكلف بتشكيلها.
والتصور السابق حاول تفادى حل البرلمان وإجراء انتخابات نيابية جديدة قدر الإمكان ، لما يرتبط بذلك من «ركود فى العمل الحكومى» ينعكس سلباً على مختلف مناحى الحياة ، فضلاً عن العبء المالى الباهظ للانتخابات الذى تتحمله الدولة لإجراء انتخابات نيابية متتابعة.
ولذا كان من المقبول أن نقابل أحكام نص المادة 139 من دستور 2012 فى دستور 2014 بلا تعديل يذكر ، وهو ما مالت إليه لجنة الخبراء فى مشروعها(16).
إلا أن لجنة الخمسين شغلها هاجس أن التراجع فى سلطات رئيس الجمهورية الذى أوجده دستور 2012 يتطلب المراجعة ، لدعم تلك السلطات ، مراعاة لطبيعة الأحوال القلقة الراهنة وكأنها لن تتبدل يوماً.
ومن ترجمات هذا الهاجس التغيير الذى طرأ على المادة 146 (المقابلة للمادة 139 من دستور 2012) والذى يمكن ايجازه فى ملمحين أساسيين:
الأول- اختصار مراحل حل المجلس النيابى لحجبه الثقة عن الحكومة:
        إذا رفض البرلمان برنامج رئيس الحكومة المكلف من رئيس الجمهورية ، على الرئيس أن يكلف رئيس الحكومة من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد البرلمان ، وحال تمسك البرلمان بحجب الثقة عن الحكومة ، عُد المجلس النيابى منحلاً ، واجريت انتخابات جديدة.
        وهكذا أصبح سلاح حل المجلس النيابى ورقة ضغط لإقرار برنامج الوزارة ، حتى لا تتم الدعوة للانتخابات مرة أخرى ، مع ما يلازم ذلك من مخاطر على الحياة السياسية ، وعلى الأحزاب الممثلة فى البرلمان ، والتى قد تفقد هذا التمثيل كلياً أو جزئياً فى الاقتراع البرلمانى المبكر.
        وهذا الوضع يطيح بأحد مرتكزات الدستور المحورية : التوازن بين السلطات ، والمنصوص عليه جهرة فى مادته الخامسة(17).
الثانى- لم يقف دعم الدستور لسلطة رئيس الجمهورية فى تشكيل الحكومة عند هذه الجزئية ، بل أضاف لها أخرى يصعب الانحياز لها.
        فقد نصت المادة 146 من الدستور فى عجزها على أنه «فى حال اختيار الحكومة من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب ، يكون لرئيس الجمهورية ، بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء إختيار وزراء الدفاع(18) والداخلية والخارجية والعدل.
        ويستخلص من تلك الفقرة نتيجة صريحة وأخرى ضمنية.
النتيجة الصريحة: قيام الأكثرية البرلمانية ، سواء تشكلت من حزب واحد أو من ائتلاف حزبى ، بتشكيل الحكومة لا يعنى أن تلك الأكثرية ستتمتع بتمام الحرية فى اختيار الوزراء.
        فالنص أعطى لرئيس الجمهورية صلاحية التدخل فى اختيار أربعة وزراء على وجه التحديد (الدفاع – الداخلية – الخارجية – العدل). ولأهمية تلك المناصب يطلق عليها الوزارات السيادية(19).
        وربما حاول البعض التقليل من أهمية ما سبق بالادعاء أن رئيس الجمهورية يتشاور فحسب مع رئيس الوزراء لاختيار أعضاء الحكومة المعنيين.
        إلا إنه فى إطار تحليل أعمق يأخذ فى اعتباره كافة القواعد التى اشتمل النص عليها ، ومن أبرزها – على ما سبق البيان – رجحان دور رئيس الجمهورية ،حيث يترتب  على رفض برنامج حكومة الأكثرية حل البرلمان ، يتبين أن دور رئيس الدولة ليس هامشياً ، ويتعدى عملياً الحدود التشاورية .
        وهذا التصور فى تشكيل الحكومة يضعنا أمام شكل حكومى يتسم بالغرابة. فلا يمكن اسناد هذا الوضع إلى النظام البرلمانى أو الرئاسى ، ففى الأول يستقل رئيس حزب الأغلبية بتشكيل الحكومة ، وفى الثانى تختفى فكرة الحكومة ، ويعين رئيس الدولة مجموعة من المستشارين أو المساعدين له.
        وهكذا لازالت الحيرة فى تحديد نظام الحكم هى سبب الموقف آنف البيان فى ثانى دستور يوضع عقب الثورة.
        والأهم من ذلك أن هذا الأسلوب فى اختيار أعضاء الحكومة يُوجد إزدواجية داخل مجلس الوزراء ، فبعض الأعضاء ينفرد رئيس الوزراء باختيارهم ، والبعض الآخر – ولهم ثقلهم بحكم   صلاحياتهم  - لابد من التشاور مع رئيس الدولة بشأنهم ، وهو ما قد يتولد عنه افتقاد التجانس داخل مجلس الوزراء ، مما ينعكس سلباً على اضطلاعه بمسؤلياته .
النتيجة الضمنية: تطرق النص لدور رئيس الجمهورية فى اختيار بعض الوزراء ، حال اختيار الحكومة من حزب الأكثرية أو الائتلاف الحائز عليها. وفى هذا الفرض يرشح البرلمان – بحسب النص – رئيس مجلس الوزراء.
        ولا يعنى ذلك اختفاء دور رئيس الدولة فى اختيار أعضاء الحكومة حال اختياره وحده  لرئيس مجلس الوزراء، فانفراده بتحديد رئيس الحكومة سيتيح لرئيس الدولة مساحة أعرض فى اختيارات الوزراء. وهذه النتيجة مفهومة ضمناً ، دون حاجة للنص عليها. وإذا كنا نضعها تحت المجهر فى هذا الموضع ، فذلك لنقيم التوازن الذى وعدنا به الدستور فى نصوصه الأولى.
        لكل ما سبق كان متوقعاً أن ترفع لجنة الصياغة النهائية راية التحفظ على نص المادة 146 ، وتطالب بالعودة إلى النص الذى تضمنه دستور 2012 ، والذى يخلو من الفقرة الأخيرة التى ذيلت بها تلك المادة(20).
رابعا – تناقض سحب الثقة من الوزير ومطالبته بتقديم استقالته:
        تنظم الفقرة الأخيرة من المادة 131 من دستور 2014 سحب الثقة من الحكومة ككل أو أحد الوزراء بها .
        وإذا استعدنا كلمات النص سنجده يعلن : «وإذا قرر المجلس سجب الثقة من رئيس مجلس الوزراء ، أو من أحد نوابه ، أو نوابهم وأعلنت الحكومة تضامنها معه قبل التصويت وجب أن تقدم الحكومة استقالتها ، وإذا كان قرار سحب الثقة متعلقاً بأحد أعضاء الحكومة ، وجبت استقالته»(21).
        والنص على هذا النحو وحد أثر سحب الثقة من الوزارة أو من وزير بعينه ، حيث يتوجب فى الفرضين تقديم استقالة إلى الجهات المعنية.
        والحقيقة أن هذا الفهم لا ينطوى على القدر من المنطق الذى يكفى للدفاع عنه.
        فالحكومة ، بعد سحب الثقة منها ، لا يمكن أن تترك موقعها ، لتفادى خلق فراغ يعوق سير دولاب العمل الحكومى ، وبالتالى عليها تقديم استقالتها ، والتى ستقبل مع تكليفها بتسيير الأمور الجارية ، لحين تشكيل الحكومة التالية.
        والوضع لا يتطابق بالنسبة للوزير ، فسحب الثقة منه ، يفيد ، ببساطة ، عزله من منصبه ، ولا يحتاج ذلك إلى أى إجراء آخر منه أو من غيره.
        فمن ناحية أولى ، تحمل الاستقالة معنى التخلى الإختيارى عن المنصب ، فى حين أن سحب الثقة يعنى أن ترك المنصب كان إجبارياً ، بل ويمثل عقوبة لفقد ثقة نواب الشعب.
        ومن ناحية ثانية ، استقالة الوزير تقدم أولاً لرئيس مجلس الوزراء ، ليرفعها بعد ذلك لرئيس الدولة(22).
        فماذا لو حدث تباطؤ فى تقديم الاستقالة ، أو فى رفعها للسلطة المختصة؟ وهل يملك الوزير مباشرة أياً من اختصاصاته بذريعة أن الاستقالة لم تقدم ، أو أنها قيد الرفع لرئيس الدولة؟
        ومن ناحية ثالثة ، لا يجوز قياس وضع الحكومة على حال الوزير ، فغياب الوزير المسحوب منه الثقة لا يرتب أى اضطراب فى العمل الحكومى ، لسهولة اسناد عمله لوزير آخر من بين أعضاء مجلس الوزراء ، لحين اختيار خلفه.
        لكل ما سبق كنا نفضل الصيغة التى جاء بها دستور 1971 والقاطعة فى أن سحب الثقة من الوزير يفيد عزله ، أى خلو منصبه تواً(23).
خامسا- التردد فى وضعية محاكمة الوزراء:
        من التقاليد الدستورية فى العهد الملكى أو الجمهورى إفراد نظام اتهام الوزراء ومحاكمتهم بنصوص خاصة ، تراعى الجانب السياسى لوظائفهم. ويمكن تلخيص النظام الذى كانت تبلوره تلك النصوص فى نقطتين:
        - تركيز الإتهام فى يد البرلمان ، سواء من حيث اثارته أو الموافقة عليه.
        - تقديم الوزير المحال إلى محكمة خاصة(24).
        وظل هذا التقليد ثابتاً حتى سقوط دستور 1971 بقيام ثورة يناير 2011.
        ففى أول دستور صدر بعد الثورة بدأ التراجع الجزئى عن النهج السابق ، حيث حافظ المشرع التأسيسى على الشطر الأول من التقليد والمتمثل فى انحصار الاتهام فى يد البرلمان ، غافلاً عن جانب المحاكمة ، الأمر الذى فرض الاتجاه نحو تطبيق القواعد العامة(25).
        ولم يكن من المفهوم إقرار الطابع السياسى فى مرحلة الاتهام وإنكاره فى  طور المحاكمة. وانتظرنا علاج هذا الخلل فى دستور 2014 ، إلا أن الأمر زاد تفاقماً.
        فوفقاً للمادة 173 من الدستور القائم «يخضع رئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة للقواعد العامة المنظمة لإجراءات التحقيق والمحاكمة فى حال ارتكابهم لجرائم أثناء ممارسة مهام وظائفهم أو بسببها ، ولا يحول تركهم لمناصبهم دون اقامة الدعوى عليهم أو الاستمرار فيها.
        «وتطبق فى شأن اتهامهم بجريمة الخيانة العظمى ، الأحكام الواردة فى المادة (159) من الدستور».
        وعلى هذا النحو واصل الشارع التأسيسى التراجع عن التقليد الدستورى المنوه عنه ، حتى بلغنا درجة قطع التواصل معه.
        فالاتهام والمحاكمة أخضعا للقواعد العامة ، بلا تمييز – فى هذا الشأن - بين الشخص العادى وشاغل المنصب الوزارى.
        وبعيداً عن تقييم السياسة التشريعية التى انحازت لها الوثيقة الدستورية ، فانه مما يثير الدهشة العبارة الواردة فى نهاية الفقرة الأولى والتى تعلن أن ترك الوزير لمنصبه لا يمنع من اقامة الدعوى أو الاستمرار فيها.
        فتلك العبارة تظهر فائدتها حال تنظيم الاتهام أو المحاكمة أو كلاهما بقواعد خاصة ، أما وان القواعد العامة هى المطبقة ، فلا تضيف تلك العبارة أى جديد ، وتبدو من قبيل التزيد الذى لا يجب مقابلته فى الصياغات القانونية بصفة عامة ، والدستورية بصفة خاصة. فالإجراءات التى ستتخذ ضد عضو الحكومة ستتخذ بصفته الشخصية ، وبالتالى لن تتأثر بترك عمله لأى سبب.
        إلا أن افتقاد الرؤية الشاملة يتحقق وبدرجة أعلى فيما أفادت به الفقرة التالية من تطبيق المادة 159 من الدستور فى شأن اتهام الوزراء بجريمة الخيانة العظمى.
        فبخصوص تلك الجريمة وحدها نعود إلى انعقاد سلطة الاتهام للبرلمان ، أما المحاكمة فتطبق عليها القواعد العامة.
        والغريب أن يراعى الشارع التأسيسى الطابع السياسى الظاهر فى الاتهام بجريمة الخيانة العظمى ، ويتجاهل عن هذا الطابع فى المرحلة الأخطر ألا وهى المحاكمة.
        وغياب التناسق هذا يتضاعف بعدم تحديد نص الدستور لأركان جريمة الخيانة العظمى ، وانتفاء – حتى اللحظة – تدخل المشرع العقابى لإجراء هذا التحديد.
        وهكذا جمع النص الخاص بمحاكمة الوزراء ، بين التزيد غير المستحب حينا ، والقصور الشديد حيناً آخر ، فى مسألة يختفى أى شجار على عظيم احتياجها للدقة التامة فى تنظيمها.
سادساً- ردة السماح باختيار رئيس البرلمان من الأعضاء المعينين:
        تقضى المادة 117 من الدستور بأن «ينتخب مجلس النواب رئيساً ووكيلين من بين أعضائه فى أول اجتماع لدور الانعقاد السنوى العادى ...».
        وهذا الشطر من النص لا يختلف مضمونه عما ورد فى دستور 1971 والذى افادت المادة 103 منه بأن «ينتخب مجلس الشعب رئيساً له ووكيلين فى أول اجتماع لدور الانعقاد السنوى العادى ...».
        والصياغة فى الفرضين تترك الباب موارباً ليعتلى رئاسة البرلمان أحد الأعضاء المعينين. فالمشرع التاسيسى تغافل عن حصر دائرة اختيار رئيس المجلس النيابى فى الأعضاء المنتخبين دون غيرهم.
        وقد سبق ، فى إطار دستور 1971 والمتضمن ذات الصياغة ، أن تقلد أحد الأعضاء المعينين رئاسة مجلس الشعب(26).
        وتكرر ذات النهج لاحقاً فى شغل منصب وكيل المجلس(27).
        والنص الحالى يتيح الفرصة لإضافة سابقة جديدة للحالتين المشار إليهما ، وهو نهج نعتقد الحاجة إلى التحرز منه.
        فمن ناحية ، لا يعقل أن يتولى رئاسة البرلمان عضو معين لم يحظ بثقة الإرادة الشعبية. وتخلف تلك الثقة تجعل العضو المعين فى مركز قانونى يختلف فى بعض جوانبه عن العضو المنتخب ، مما يبرر حجب رئاسة المجلس التشريعي عنه.
        هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، فإن العضو المعين يختار – كقاعدة – لنقص فى بعض الكفاءات الفائزة فى الانتخابات ، أو تمثيل فئة لم يوفر لها الاقتراع التمثيل المناسب لها.
        وتولى رئاسة البرلمان يمنع تحقيق هذا الهدف أو ذاك ، بالنظر إلى الحياد المفترض فيمن يتصدى لرئاسة البرلمان.
        لذلك لابد وأن نسجل انحيازنا لما قرره دستور 2012 من اختيار رئيس البرلمان والوكيلين من بين الأعضاء المنتخبين(28).
        وقد نبهت لجنة الصياغة النهائية لمشروع الدستور نظر أعضاء لجنة الخمسين للخشية التى يتيحها النص من وصول عضو معين لرئاسة مجلس النواب ، إلا أن الأخيرة اعرضت عن ذلك مصممة على موقفها الذى تطل منه المحظورات(29).
        ولا يسعنا والوضع كذلك إلا أن نعول على وعى النواب فى قصر اختيار رئيس المجلس النيابى على العضوية المختارة شعبياً ، حتى لا نعود للوراء مرة ثانية.
       إلا أن التعديل الدستورى سيكون هو الحل الأنجع لإغلاق ملف المشكلة ووأد أى جدل
قد يثار حولها، وهو ما ينطبق على جانب لا بأس به من النصوص الحالية ،والتى عرضنا فقط شطراً منها .
المراجع
(1) المادة (10) من دستور 2012.
(2) المادة (31) من دستور 2012. ومما تجدر الإشارة إليه أن تعبير المجتمع قدم على كلمة الدولة ، وكأن دور المجتمع يعلو دور الدولة! 
(3) المادة (68) من دستور 2012.
(4) لمزيد من التفاصيل راجع عبد العزيز سالمان – أثر بقاء المادة 219 من الدستور المعطل على تطبيق الشريعة الإسلامية – مجلة الدستورية – العدد 24 – ص27 وما بعدها.
(5) بدت تلك المآخذ تظهر من المادة الأولى ، فالفقرة الأولى من تلك المادة تشير إلى أن «جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة موحدة لا تقبل التجزئة ، ولا ينزل عن شىء منها ، نظامها جمهورى ...».
          وهكذا يظهر التكرار فى وصف الدولة بأنها جمهورية . ودقة الصياغة كانت تتطلب حذف نظامها جمهورى ، وهو ما ورد فى مشروع لجنة الخبراء وأعرضت عنه لجنة الخمسين.
          أما الفقرة الثانية فقضت بأن الشعب المصرى جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها ، ومصر جزء من العالم الإسلامى ، تنتمى إلى القارة الإفريقية ، وتعتز بامتدادها الآسيوى ، وتسهم فى بناء الحضارة الإنسانية».
    وهذه الفقرة تفيض بالملاحظات:
          فالحديث عن أن الشعب المصرى يعمل على تكامل الأمة العربية ووحدتها خطاب سياسى بامتياز ، فالتكامل والوحدة بين الدول تتم بأطر قانونية عبر المؤسسات الرسمية. حقاً أن رغبات الشعوب تدفع تلك المؤسسات لإتمام الخطوات اللازمة ، إلا أن تلك الرغبات لا تكفى بمفردها لبلوغ غايات التكامل والوحدة.
          وعلى وجه الإجمال تبدو العبارة وكأنها خلطت بين النصوص الدستورية وبين المقدمات التى ترد ممهدة لها ، والتى يسمح فيها بالتعبير عن أمانى الشعوب وتطلعاتها.
          أما الإشارة الخاصة بالانتماء للقارة الإفريقية فبدت غريبة ، وكأننا نكتشف ذلك الآن فقط ، فى حين أننا أمام حقيقة جغرافية ثابتة ، لا يبدلها نص ، ولا يؤثر فيها غيابه.
          وليس أقل عرضه للنقد التلميح بالاعتزاز بالامتداد الآسيوى ، فالعبارة فضفاضة ، يتعذر اعتمادها كجزء من نص دستورى ، ومحلها المقبول ديباجة تسبق صلب الوثيقة الدستورية.
          وذات المثلب يلحق بالحديث عن الإسهام فى بناء الحضارة الإنسانية.
          فما هى كيفية هذا الإسهام ، وإدارته ، والأهم من ذلك أساليب مواجهة التقاعس عن الوفاء به ؟
          أما التناقض الحاد فى النصوص فتجسده المادة 32 من الدستور . فالفقرة الثالثة من تلك المادة تعلن بجلاء أن منح التزام المرافق العامة يتم «بقانون ، ولمدة لا تتجاوز ثلاثين عاماً».
          ومفاد ما تقدم أن مدة التزام المرافق العامة من سنة إلى ثلاثين عاماً تقتضى صدور قانون.
          إلا أن الفقرة التالية لذات المادة فجأتنا بأن منح التزام المرافق العامة لمدة لا تتجاوز خمسة عشر عاماً يكون «بناء على قانون».
          وهكذا تتبدى تناقضات الصياغة ، فمدة الخمس عشرة سنة فأقل تتطلب فى التزام المرافق العامة صدور قانون وفقاً للفقرة الثالثة ، ويكتفى بشأن ذات المدة بقرار إدارى يسن وفقاً لقانون طبقاً للفقرة الرابعة !!
          أما الإطناب فنقابله فى مختلف أبواب الدستور وفصوله ، وحسبنا أن نشير إلى المادة 237/1 كمثال لإطناب لا مبرر له. فتلك المادة تنص على أن «تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب بكافة صوره وإشكاله ، وتعقب مصادر تمويله باعتباره تهديداً للوطن والمواطنين ، مع ضمان الحقوق والحريات وفق برنامج زمنى محدد.
          «وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه».
          والمادة على حالها تشرح مخاطر الإرهاب ، وتتطرق إلى تعقب مصادر تمويله  وكأن المكافحة لا تشمله. وتفرض وضع برنامج زمنى محدد لمكافحة الارهاب متناسية تعقد هياكل التنظيمات الإرهابية وسريتها وطابعها الدولى فى الكثير من الأحيان ، مما يستحيل معه على أى دولة أن تضع مقدماً حداً زمنياً للقضاء على الإرهاب.
          أما التلميح بأن إجراءات مكافحة الإرهاب تلتزم بضمان الحقوق والحريات ، فلا أثر قانونى له. فأى إجراء يتخذ يجب ألا يخالف الدستور ، طالما أن الشارع التأسيسى لم يصرح له بخلاف ذلك.
                   وبناء عليه يمكن الاكتفاء من تلك الفقرة بالعبارة الأولى التى تتصدرها: «تلتزم الدولة بمواجهة الأرهاب» مع الاحتفاظ بالفقرة الثانية كما هى.
 (6) من المبررات التى دفع بها لمؤازرة التحصين أن الأوضاع غير المستقرة التى تشهدها البلاد تتعارض مع إجازة الطعن على قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية (فى هذا المعنى الرأى المنسوب لوزير العدل فى تحقيق نشر بجريدة الأهرام – عدد 14 مارس 2014 الصفحة السادسة).                               
    وهذا التخريج يحمل بين طياته مخاطر لا يستهان بها، فالظروف يمكن أن تكون – هكذا – مدخلاً للخروج على المشروعية حتى لو تمثلت فى قاعدة دستورية.
    فاستناداً للظروف ينتظر الاطاحة بحق أو حرية خلافاً للوثيقة الدستورية.
    وفضلاً عن ذلك استدعى البعض فكرة المصلحة العامة المتمثلة فى عدم إطالة الإجراءات للدفاع عن تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية (رأى نسب للمستشار نصر الدين شعيشع مساعد وزير العدل لشئون التفتيش القضائى – جريدة الاخبار – عدد 10 مارس 2014 – الصفحة الرابعة).
    والواقع أن المصلحة العامة لا يمكن أن تتحقق بالاعتداء على نص دستورى ، أو اهدار أهم حق ورد به ، ألا وهو حق التقاضى بوصفه أنجع الأدوات لرد الجوّر على الحقوق والحريات.
    وغير مقنع أيضاً استدعاء ضرورة إتمام الانتخابات الرئاسية فى مواعيدها ، وهو ما لا يتحقق حال فتح باب الطعن.
    فمن ناحية ، الطعن على القرارات الإدارية لا يوقف تنفيذها ، فالحكم القضائى وحده هو الذى يمكن أن يسفر عن ذلك الأثر. وإذا صدر حكم بإلغاء قرار من قرارات اللجنة ، لا يتصور استمرارها فى عملها بعد التيقن من أن العملية الانتخابية تنكبت طريق المشروعية. فالانتخابات آلية ديمقراطية غايتها التعبير عن إرادة الناخبين الحرة ، وهو ما لا يتحقق بانتهاك النصوص القانونية فى مجملها.
    ولا يعنى ما تقدم إنه لا يشغلنا فكرة أثر الطعن على إطالة زمن إتمام الانتخابات ، إذ يتصور تقصير مواعيد الطعن لثلاثة أيام ، ليفصل فيه خلال فترة لا تجاوز خمسة ايام. وهكذا يقع التوازن بين كفالة حق التقاضى وإنجاز العملية الانتخابية فى مواعيد معقولة ومقبولة ، علماً بأن ذلك ما انتهى إليه قسم التشريع بمجلس الدولة ، وخالفه مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية باصداره القانون على نقيض ما إرتأه مجلس الدولة.
    هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، لا يفوتنا أن ننوه إلى أن الاعتبارات العملية لا تجيز – حسبما خلصت المحكمة الدستورية العليا – مخالفة النصوص الدستورية (المحكمة الدستورية العليا – 8/7/2000 – مجموعة الأحكام جـ( 9 ) – ص667 ) وكانت المحكمة تدحض بذلك ما أثير بعدم كفاية عدد القضاة لرئاسة لجان الانتخابات الفرعية.
          أما ما أثير عن عدم صحة حظر الطعن ، لقابليه قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية للطعن أمامها ، فيجافى المعنى الدقيق للطعن والذى يعنى نظر النزاع أمام جهة بخلاف تلك التى صدر عنها العمل المطلوب إعادة النظر فيه.
    كما أن نظر ذات الجهة للطعن على أعمالها يجعلنا فى وضع أقرب إلى التظلم الإدارى ،إن لم يكن كذلك بالفعل .
(7) لا يفوتنا أن ننوه أن نص المادة 68 من دستور 1971 ، وقعت به ثغرة عام 2005 ، حيث عدلت المادة 76 لتقضى بحظر الطعن على قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية ، وكان ذلك موضع انتقاد شديد (راجع مؤلفنا : القانون الدستورى - الكتاب الأول - 2009 – ص 500 وما بعدها .       
  وتفادياً لهذا النقد تخلص دستور 2012 من هذا الاستثناء مؤكداً على قاعدة حظر تحصين أى قرار أو عمل من الرقابة القضائية فى مادته 75/3.
(8) حدث ذلك عام 2000 فى الانتخابات التى تنافس فيها جورج دبليو بوش وآل جور.
(9) المحكمة الدستورية العليا – 25 أبريل 2012 – الدعوى رقم 57 لسنة 34ق. دستورية والمنشور بمجلة الدستورية – العدد 22 – ص82.
(10) فى الدفع بعدم الدستورية حال نظر طلبات وقف تنفيذ القرارات الإدارية انظر مقالنا: إثارة المسألة الدستورية أثناء طلب وقف تنفيذ القرارات الإدارية – مجلة الدستورية – العدد 16 – ص26 وما بعدها.
(11) من السوابق الجديرة بالإشارة أن الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر تقدم – على أثر هزيمة يونيو 1967 الوخيمة – باستقالته إلى مجلس الأمة. إلا أن البرلمان رفض الاستقالة واستمر جمال عبد الناصر فى منصبه حتى وافاه الأجل فى 28 سبتمبر 1970.
لمزيد من التفاصيل راجع مؤلفنا: القانون الدستورى – الكتاب الثانى – 2000 – ص229 وما بعدها.
(12) نصت المادة 130 من دستور 1956 فى صدرها على أن «يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو عدم الولاء للنظام الجمهورى بناء على اقتراح مقدم من ثلث أعضاء مجلس الأمة ... ».
(13) ورد تعبير الخيانة العظمى كسبب لاتهام رئيس الدولة جنائياً فى المادة 114 من دستور 1964 المؤقت ، والمادة 85 من دستور 1971 ، والمادة 152 من دستور 2012.
(14) تحظر الفقرة الأخيرة من المادة 151 من الدستور على رئيس الجمهورية ابرام معاهدة «يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة».
(15) وفقاً للمادة 85/1 من دستور 1971 «يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو بارتكاب جريمة جنائية بناء على اقتراح مقدم من ثلث أعضاء مجلس الشعب على الأقل ، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس».
(16) تبنت لجنة الخبراء نص المادة 139 من دستور 2012 بتعديل لفظى يتعلق باستخدام مصطلح مجلس الشعب بدلاً من مجلس النواب. راجع المادة 121 من مشروع لجنة الخبراء.
(17) طبقاً للمادة الخامسة من دستور 2014 «يقوم النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة ، والفصل بين السلطات والتوازن بينها ...».
(18) تتضمن الأحكام الانتقالية للدستور نصاً يجعل اختيار وزير الدفاع يتم بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وذلك لدورتين رئاسيتين كاملتين. (المادة 234) ، وبالتالى لن يفعل نص المادة 146 فيما يتعلق بوزير الدفاع إلا بعد انصرام الفترة المشار إليها فى الأحكام الانتقالية.
(19) اعتمد اضافة وزارة العدل إلى قائمة الوزارات السيادية إلى الدور الذى كان يمارسه الوزير فى السابق تجاه السلطة القضائية . وهذا الدور تراجع لأقصى درجة ممكنة أمام النصوص التى كفلت لكل جهة أو هيئة قضائية من خلال مجلسها الأعلى أو الخاص – بحسب الأحوال – القيام على كافة شئونها. وهكذا انحصر دور وزير العدل فى كونه قناه وصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية.
    ولذا انتفى مبرر ضم وزارة العدل إلى ما يسمى مجموعة الوزارات السيادية.
 (20) كررت لجنة الصياغة النهائية والتى تشكلت من مجموع أعضاء لجنة الخبراء بالإضافة إلى سبعة أعضاء من لجنة الخمسين اعتراضها على مشروع المادة 146 غير مرة.                         
      فبتاريخ 23 نوفمبر 2013 أبدت لجنة الصياغة ملاحظاتها على المادة المشار إليها عقب إقرارها من قبل اللجنة العامة معلنة توصيتها «بحذف نص المادة المقترحة من اللجنة العامة والابقاء على النص المقترح من لجنة الخبراء مع تعديل كلمة (.. المدد ..) الواردة بالفقرة قبل الأخيرة لتصبح (.. مدد الاختيار ..) باعتبارها أكثر توضيحاً لقصد المشرع الدستورى.
    «وتقيم لجنة الصياغة النهائية رأيها على أن طريقة اختيار رئيس مجلس الوزراء وتشكيل حكومته والحصول على ثقة البرلمان ، والمقترحة من اللجنة العامة ينجم عنه فى بعض الحالات وجود دولة بدون حكومة دائمة قرابة عام ، وهو ما يضر بسياسة الدولة محلياً ودولياً ، ويعطل استمرار تطبيق خطة التنمية المعتمدة من قبل للتقدم بحال المواطنين إلى ما هو أفضل ، ومن ثم اختيار الحكومة بتلك الطريقة يتعارض مع السياسة المقررة من قبل الدولة».
          (محضر اجتماع لجنة الصياغة النهائية فى23/11/2013 ص24 ، 25).
    ولم تلق التوصية السابقة قبولاً من لجنة الخمسين ، مما دفع لجنة الصياغة النهائية بمناسبة عرض مواد مشروع الدستور قبل التصويت النهائى عليها من اللجنة العامة إلى إعادة التأكيد علىأيها بالإبقاء على النص المقترح من لجنة الخبراء للمبررات السالف بسطها.
          (محضر اجتماع لجنة الصياغة النهائية بتاريخ 28/11/2013 – ص53).
(21) وردت ذات الصيغة فى المادة 126 من دستور 2012 ، وبالتالى تنالها الملاحظات التى تشوب النص المقابل فى دستور 2014
(22) طبقاً للمادة 174 من دستور 2014 «إذا تقدم رئيس مجلس الوزراء بالاستقالة ، وجب تقديم كتاب الاستقالة إلى رئيس الجمهورية ، وإذا قدم أحد الوزراء استقالته وجب تقديمها إلى رئيس مجلس الوزراء».
    واستقالة الوزير بعد أن تقدم لرئيس مجلس الوزراء ، تحال لرئيس الجمهورية ليصدر قراراً بقبولها ، لصدور التشكيل الوزارى بقرار جمهورى ، تطبيقاً لقاعدة توازى الأشكال.
(23) نصت المادة 128 من دستور 1971 على أنه «إذا قرر المجلس (مجلس الشعب) سحب الثقة من أحد نواب رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء أو نوابهم وجب عليه اعتزال منصبه».
(24) لمزيد من التفاصيل حول محاكمة الوزراء فى الدساتير المصرية راجع مؤلفنا المعنون: دراسة لبعض جوانب قانون محاكمة الوزراء فى فرنسا ومصر والكويت – 1995.
(25) نصت المادة 166 من دستور 2012 على أن «لرئيس الجمهورية ، وللنائب العام ، ولمجلس النواب بناء على طلب موقع من ثلث أعضائه على الأقل ، اتهام رئيس مجلس الوزراء أو أى من أعضاء الحكومة ، بما قد يقع منهم من جرائم خلال تأدية أعمال مناصبهم أو بسببها.
    «وفى جميع الأحوال لا يصدر قرار الاتهام إلا بموافقة ثلثى أعضاء مجلس النواب ، ويوقف من يتقرر اتهامه عن عمله إلى أن يقضى فى أمره ، ولا يحول انتهاء خدمته دون إقامة الدعوى عليه أو الاستمرار فيها».
(26) اختير الدكتور رفعت المحجوب عام 1987 رئيساً لمجلس الشعب ، وكان عضواً معيناً به.
(27) فى برلمان 2005 – 2010 تقلدت عضوه معينة منصب وكيل مجلس الشعب.
(28) صدر المادة 97 من دستور 2012 ، وهو الحل الذى كنا ننادى به  من خلال الاعتراض على ما جاء بدستور 1971 من السماح للعضو المعين برئاسة المجلس التشريعى.
    راجع مؤلفنا المعنون: القانون البرلمانى – 2006 – ص85.
(29) انظر ملاحظات لجنة الصياغة النهائية المثبتة فى محضر اجتماع 23 نوفمبر 2013 بشأن نصوص مواد نظام الحكم – ص8.








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق