الدعوي رقم 119 لسنة 21 قضائية " دستورية " جلسة 19 ديسمبر 2004
الموضوع :
الموضوع :
التزام الزوج المطلق بأن يهيئ لصغاره من مطلقته ، ولحاضنتهم مسكناً مستقلاً مناسباً والا استمروا من دونه فى شغل سكن الزوجية .
التشريع :
المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل أحكام قوانين الأحوال الشخصية
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعية بالمصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 19 ديسمبر سنة 2004 ، الموافق 7 من ذى القعدة سنة 1425 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : محمد على سيف الدين ومحمد عبد العزيز الشناوى وماهر سامى يوسف والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 119 لسنة 21 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيدة / وفاء إبراهيم ممتاز
ضد
1 السيد رئيس الجمهورية
2 السيد رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب
3 السيد / طارق أحمد حسن خطاب
" الإجراءات "
بتاريخ 29 من يونيو سنة 1999، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالبة الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من المادة (18) مكرراً (ثالثاً) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية ، المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى عليه الثالث كان قد أقام الدعوى رقم 4047 لسنة 1996 كلى شمال القاهرة ، أمام محكمة القاهرة الإبتدائية للأحوال الشخصية "ولاية على النفس"، ضد المدعية ، بطلب الحكم باسترداد الشقة المبينة بصحيفة الدعوى ، والمؤجرة له بعقد الإيجار المؤرخ 30/4/1988، وتسليمها إليه ومنع تعرض المدعية له فيها، على سند من القول بأنه تزوج المدعية بتاريخ 8/11/1982، وبعد أن أنجب منها الصغيرين أحمد وياسمين، طلقها وترك لها العين المشار إليها لكونها حاضنة ، وإذ بلغ الصغير ان أقصى سن مقرر لحضانة النساء، فإنه يحق له استرداد المسكن، إعمالاً لنص المادة (18) مكرراً (ثالثاً) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية ، المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية . وقد حكمت المحكمة غيابياً باسترداده مسكن الزوجية ، فعارضت المدعية فى هذا الحكم طالبة إلغاءه، فحكمت المحكمة برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وإذ لم ترتض المدعية هذا الحكم، فقد أقامت الاستئناف رقم 1401 لسنة 1 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة ، بطلب الحكم بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى . وأثناء نظر الاستئناف، دفعت المدعية بعدم دستورية نص المادة (18) مكرراً "ثالثاً" المشار إليها، وإذ صرحت محكمة الموضوع للمدعية -بعد تقديرها لجدية دفعها- بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقامت الدعوى الماثلة .
وحيث إن المدعية تنعى على النص المطعون فيه مخالفته لأحكام المواد (2، 7، 9، 12) من الدستور، تأسيساً على أن من مبادئ الشريعة الإسلامية أن من لها حق إمساك الولد، وليس لها سكن، فإن على الأب سكناهم جميعاً، وأن الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وما يقوم عليه المجتمع من تضامن اجتماعى ، وبقاء المسكن فى حيازة المدعية وولديها فيه تحقيق للغاية المنشودة ، وهى رعاية الصغار وحماية الأسرة .
وحيث إن المادة (18) مكرراً " ثالثاً " -المطعون عليها - تنص على ما يأتى :
"على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب، فإذا لم يفعل خلال مدة العدة ، استمروا فى شغل مسكن الزوجية المؤجر دون المطلق مدة الحضانة .
وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر، كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به، إذا هيأ لهم المسكن المناسب بعد انقضاء مدة العدة .
ويخير القاضى الحاضنة بين الاستقلال بمسكن الزوجية ، وبين أن يقرر لها أجر مسكن مناسب للمحضونين ولها .
فإذا انتهت مدة الحضانة ، فللمطلق أن يعود للمسكن مع أولاده، إذا كان من حقه ابتداء الاحتفاظ به قانوناً .
وللنيابة العامة أن تصدر قراراً فيما يثور من منازعات بشأن حيازة مسكن الزوجية المشار إليه، حتى تفصل المحكمة فيها".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة -وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسائل الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها. متى كان ذلك، وكانت دعوى الموضوع المقامة من المدعى عليه الثالث ضد المدعية -والتى أثير فيها الدفع بعدم الدستورية - تتوخى الحكم له باسترداد مسكن الزوجية بعد انتهاء مدة الحضانة ، إستناداً إلى نص الفقرة الرابعة من المادة (18) مكرراً "ثالثاً"، ومن ثم تقوم المصلحة الشخصية المباشرة للمدعية فى الطعن على نص هذه الفقرة وحدها، ويتحدد بها -دون غيرها- نطاق الدعوى الدستورية الماثلة .
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد اطرد على أن ما نص عليه الدستور فى مادته الثانية -بعد تعديلها فى سنة 1980- من أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، إنما يتمخض عن قيد يجب على السلطة التشريعية أن تتحراه وتنزل عليه فى تشريعاتها الصادرة بعد هذا التعديل -ومن بينها أحكام القانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية - فلا يجوز لنص تشريعى أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية فى ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى يكون الاجتهاد فيها ممتنعاً، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية ، وأصولها الثابتة التى لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً. ومن غير المتصور بالتالى أن يتغير مفهومها تبعاً لتغير الزمان والمكان، إذ هى عصية على التعديل، ولا يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها. وتنصب ولاية المحكمة الدستورية العليا فى شأنها على مراقبة التقيد بها، وتغليبها على كل قاعدة قانونية تعارضها. ذلك أن المادة الثانية من الدستور، تقدم على هذه القواعد أحكام الشريعة الإسلامية فى أصولها ومبادئها الكلية ، إذ هى إطارها العام، وركائزها الأصلية التى تفرض متطلباتها دوماً بما يحول دون إقرار أية قاعدة قانونية على خلافها؛ وإلا اعتبر ذلك تشهياً وإنكاراً لما عُلم من الدين بالضرورة . ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معاً، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها، ولا تمتد لسواها. وهى بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان، لضمان مرونتها وحيويتها، ولمواجهة النوازل على اختلافها، تنظيماً لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً، ولا يعطل بالتالى حركتهم فى الحياة ، على أن يكون الاجتهاد دوماً واقعاً فى إطار الأصول الكلية للشريعة بما لا يجاوزها، ملتزماً ضوابطها الثابتة متحرياً مناهج الاستدلال على الأحكام العملية ، والقواعد الضابطة لفروعها، كافلاً صون المقاصد العامة للشريعة بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال .
وحيث إن الحضانة - فى أصل شرعتها - هى ولاية للتربية ، غايتها الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه فى الفترة الأولى من حياته. والأصل فيها مصلحة الصغير، وهى تتحقق بأن تضمه الحاضنة -التى لها الحق فى تربيته شرعاً- إلى جناحها، باعتبارها أحفظ عليه وأحرص على توجيهه وصيانته، ولأن انتزاعه منها -وهى أشفق عليه وأوثق اتصالاً به وأكثر معرفة بما يلزمه وأوفر صبراً- مضرة به، إبان الفترة الدقيقة التى لا يستقل فيها بأموره. وحين يقرر ولى الأمر حدود هذه المصلحة معرفة بأبعادها، فذلك لأن الشريعة الإسلامية فى مبادئها الكلية لا تقيم للحضانة وما يتعلق بها تخوماً لا يجوز تجاوزها، ومن ثم تعين أن تتحدد بما يكون لازماً للقيام على مصلحة الصغير ودفع المضرة عنه، وقد دل الفقهاء باختلافهم حول مسألة الحضانة على أن مصلحة الصغير هى مدار أحكامها، وأنها من المسائل الاجتهادية التى تتباين الآراء حولها، لكلٍ وجهة يعتد فيها بما يراه أكفل لتحصيل الخير للصغير فى إطار من الحق والعدل. وباستقراء أقوال الفقهاء يدل على أن اجتهاداتهم فى شأن الحضانة متباينة ، مدارها نفع المحضون. وفى ذلك قدر من المرونة التى تسعها الشريعة الإسلامية فى أحكامها الفرعية المستجيبة دوماً للتطور، توخياً لربطها بمصالح الناس واحتياجاتهم المتجددة ، وأعرافهم المتغيرة ، التى لا تصادم حكماً قطعياً، وهى مرونة ينافيها أن يتقيد المشرع بآراء بذاتها لا يريم عنها، أو يقعد باجتهاده عند لحظة زمنية معينة تكون المصالح المعتبرة شرعاً قد جاوزتها، وتلك هى الشريعة فى أصولها ومنابتها، شريعة مرنة غير جامدة ، يتقيد الاجتهاد فيها -بما يقوم عليه من استفراغ الجهد للوصول إلى حكم فيما لا نص فيه- بضوابطها الكلية وبما لا يعطل مقاصدها. ولئن صح القول بأن أهمية الاجتهاد ولزومه لا يوازيها إلا خطره ووقته، فإن الصحيح كذلك أن لولى الأمر الاجتهاد فى الأحكام الظنية بمراعاة المصلحة الحقيقية التى يقوم برهانها من الأدلة الشرعية . فلا يصد اجتهاد اجتهاداً أو يكتسب عصمة من دونه .
وحيث إن الأصل فى حضانة الصغير والصغيرة هو تعهدهما بالرعاية ، بما يحول دون الإضرار بهما، فكان لزاماً على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته، ولحاضنتهم، مسكناً مستقلاً مناسباً، وإلا استمروا من دونه فى شغل مسكن الزوجية ، إلا أن هذا الالتزام يدور وجوداً وعدماً مع المدة الإلزامية للحضانة التى قررتها الفقرة الأولى من المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية ، وهى بلوغ الصغير سن العاشرة والصغيرة اثنتى عشرة سنة ، ومن ثم فإن ما قرره النص الطعين من أن للمطلق الحق فى أن يعود إلى مسكنه بعد انتهاء مدة الحضانة إذا كان من حقه الاحتفاظ به قانوناً، لا يعدو أن يكون اجتهاداً غير مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية فى أصولها الثابتة ومبادئها الكلية ، إذ ليس ثمة نص قطعى فى هذا الأمر ولا ينال مما تقدم قالة أن للقاضى أن يأذن للحاضنة ، بعد انتهاء المدة الإلزامية للحضانة ، بإبقاء الصغير فى رعايتها حتى الخامسة عشرة ، والصغيرة حتى تتزوج، إذا تبين أن مصلحتهما تقتضى ذلك، إذ أن ما يأذن به القاضى على هذا النحو، لا يعتبر امتداداً لمدة الحضانة الإلزامية ، بل منصرفاً إلى مدة استبقاء، تقدم الحاضنة خلالها خدماتها متبرعة بها. وليس للحاضنة بالتالى أن تستقل بمسكن الزوجية خلال المدة التى شملها هذا الإذن، ذلك أن مدة الحضانة التى عناها المشرع بنص الفقرتين الأولى والرابعة من المادة (18) مكرراً (ثالثاً) - والتى جعل من نهايتها نهاية لحق الحاضنة وصغيرها من مطلقها فى شغل مسكن الزوجية _ هى المدة الإلزامية للحضانة على ما تقدم، وغايتها بلوغ الصغير سن العاشرة والصغيرة اثنتى عشرة سنة . وببلوغها يسقط حقها فى الاستقلال بمسكن الزوجية ، ليعود إليه الزوج المطلق منفرداً فى الانتفاع به، إذا كان له ابتداء أن يحتفظ به قانوناً، ومن ثم فإن ما قرره النص المطعون فيه لا يكون مناقضاً لأحكام الدستور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعية بالمصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صدر هذا الحكم من الهيئة المبينه بصدره , اما السيد المستشار سعيد مرعي عمرو الذي سمع المرافعه و حضر المداولة و وقع علي مسودة الحكم فقد جلس بدلا منه عند تلاوته السيد المستشار حمدي محمد علي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق