الخميس، 8 فبراير 2024

القضية رقم 87 لسنة 28 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 6 يناير 2024

القضية رقم 87 لسنة 28 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 6 يناير 2024

باسم الشعب


المحكمة الدستورية العليا


بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يناير سنة 2024م، الموافق الرابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1445ه.


برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة


وحضور السيدة المستشار/ شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين


وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتي


في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 87 لسنة 28 قضائية " دستورية ".


المقامة من


ضد


أولًا: رئيس الجمهورية


ثانيًا: رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)


ثالثًا: رئيس مجلس الوزراء


رابعًا: وزير العدل، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق والسجل العيني


خامسًا: رئيس مكتب السجل العيني بدمنهور


سادسًا: ورثة/ .....................، وهم:


ثاني عشر: وكيل نيابة كفر الدوار لشئون الأسرة


--------------


الإجراءات


بتاريخ الثاني والعشرين من مايو سنة 2006، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بعدم دستورية نص المادة (30) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني.


وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.


وقدم المدعون صحيفة تصحيح شكل الدعوى، باختصام المدعى عليهم "سادسًا".


وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.


ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.


-------------


المحكمة


بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.


حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليها التاسعة، عن نفسها وبصفتها وصية على ابنها القاصر، والمدعى عليها الحادية عشرة أقامتا أمام محكمة دمنهور الابتدائية – مأمورية كفر الدوار - الدعوى رقم 1096 لسنة 1995 مدني كلي حكومة، ضد المدعين طلبًا للحكم – وفقًا لطلباتهما الختامية - ببطلان عقد البيع الصادر منهما للمدعين، مع إلزامهم بتسليمهما المساحة محل العقد والمنزل المقام عليها. على سند من القول بأنهم يمتلكون بطريق الإرث قطعة أرض على الشيوع، بموجب العقد المسجل بمكتب توثيق الشهر العقاري بدمنهور برقم 2984 في 2/6/1956، وأن المدعين يحوزونها بغير سند. وأثناء تداول تلك الدعوى، أقام المدعون أمام المحكمة ذاتها الدعوى رقم 1194 لسنة 1995 مدني كلي حكومة، ضد المدعى عليهم من السادس إلى الحادي عشر – البائعون وباقي الشركاء على الشيوع وآخرون - بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 3/9/1991، تأسيسًا على أنهم اشتروا المساحة محل التداعي نظير ثمن دُفع بالكامل، وقد آلت ملكية المساحة المشار إليها إلى المدعى عليها التاسعة عن نفسها وبصفتها وصية على ولدها القاصر وإلى المدعى عليها الحادية عشرة بالميراث الشرعي عن المرحوم / بسيوني علي الديب، الذي آلت إليه الملكية بعقد البيع المشهر بالرقم الآنف ذكره، وقد امتنعت البائعتان عن التوقيع على عقد البيع، ونازعتا في ملكية المدعين. ضمت المحكمة الدعويين للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد. وبجلسة 1/6/2003، حكمت في الدعوى الأولى برفضها، وفي الدعوى الأخرى بعدم قبولها لعدم إشهار حق الإرث. استأنف المدعون الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية – مأمورية دمنهور- بالاستئناف رقم 2464 لسنة 59 قضائية، واستأنفته المدعى عليهما التاسعة والحادية عشرة ومعهما القاصر بعد أن بلغ سن الرشد، بالاستئناف رقم 2467 لسنة 59 قضائية. ضمت المحكمة الاستئنافين، وحال نظرهما دفع المدعون بعدم دستورية نص المادة (30) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت للمدعين بإقامة الدعوى الدستورية؛ فأقاموا الدعوى المعروضة.


وحيث إن المادة (30) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني تنص على أنه " يجب قيد حق الإرث إذا اشتملت التركة على حقوق عينية عقارية بقيد السندات المثبتة لحق الإرث مع قوائم جرد التركة التي يجب أن تتضمن نصيب كل وارث، وإلى أن يتم هذا القيد لا يجوز للوارث أن يتصرف في حق من هذه الحقوق.


 ويكون قيد حق الإرث في خلال خمس سنوات من تاريخ وفاة المورث بدون رسم، أما بعد ذلك فلا يقبل القيد إلا بعد أداء الرسم المفروض على نقل الملكية أو الحق العيني. وتبدأ مدة الخمس سنوات بالنسبة إلى حقوق الإرث القائمة من تاريخ نفاذ القرار المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار".


وحيث إن المدعين ينعون على النص المطعون فيه مخالفته لأحكام المادتين (34 و40) من دستور 1971، إذ إنه قد حظر على الوارث التصرف فيما آل إليه من ميراث قبل إشهار حق الإرث، بما يمثل قيدًا على حق الملكية، كما أضاف سببًا جديدًا إلى أسباب كسب الملكية الواردة على سبيل الحصر في القانون المدني، فضلًا عن أنه مايز بين الخاضعين لنظام الشهر الشخصي وأولئك الخاضعين لنظام السجل العيني، مما يُعد إخلالًا بمبدأ المساواة.


وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، بما مؤداه أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يفيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية، ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيها، ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم، سواء أكان الضرر وشيكًا يتهددهم، أم كان قد وقع فعلًا. ويتعين دومًا أن يكون الضرر منفصلًا عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلًّا بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنًا تحديده وتسويته بالترضية القضائية، عائدًا في مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذ لم يكن النص قد طُبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعًا، لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية، يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني، بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.


وحيث إن المقرر أيضًا في قضاء هذه المحكمة، أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في حمأة المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملًا، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع أحكام الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعًا.


وحيث إن النص المطعون فيه، وبصريح عباراته، وواضح دلالاته، ينطوي على خطاب موجه للورثة ليبادروا إلى قيد حق الإرث في السجل العيني إثباتًا لملكيتهم وتنظيمًا لها، وضمانًا للتعامل في الحقوق العقارية وفق أسس ثابتة أخذًا بمبدأ القوة المطلقة للقيد بالسجل، وتحقيقًا لهذا الغرض حرص المشرع على دفع الورثة إلى المبادرة لقيد هذا الحق بقيد السندات المثبتة له مع قوائم جرد التركة التي يجب أن تتضمن نصيب كل وارث، وجعل هذا القيد من دون رسم إذا تم خلال السنوات الخمس التالية لوفاة المورث، أما بعد فوات هذه المدة فلا يقبل القيد إلا بأداء الرسوم المقررة لنقل الملكية أو الحق العيني، وحظر النص – في جميع الأحوال - على الوارث أن يتصرف في أي من حقوق التركة العينية قبل إتمام هذا القيد، وبذلك لا يكون المشرع بهذا التنظيم قد خاطب غير الورثة في شأن قيد حق الإرث، ويكون هؤلاء أو أحدهم – دون غيرهم من المتصرف إليهم في العقارات الموروثة بوجه من أوجه التصرفات التي ترد على الحقوق العينية العقارية - مكلفين قانونًا بمباشرة إجراءات القيد بالسجل العيني أو سداد الرسوم المقررة لذلك حال استحقاقها، وإنما تقع تبعة ذلك على الوارث وحده. لما كان ذلك، وكان المدعون ليسوا من الورثة، فإن الضرر الذي يدعونه لا يكون مرده إلى النص المطعون فيه، وإنما إلى فهم غير صحيح لأحكامه، ومن ثم فلا يكون لهم مصلحة في الطعن على دستورية النص المشار إليه؛ فضلًا عن أن المتصرف إليه من الوارث الذي لم يقم بشهر حق الإرث لديه من الوسائل الموضوعية والإجرائية التي أتاحها له المشرع، وتمكنه من بلوغ غايته في الاعتداد بالتصرف وإنفاذه في مواجهة الكافة، وذلك شأن المدعين أمام محكمة الموضوع، دون حاجة إلى التعرض للنص التشريعي من الناحية الدستورية، الأمر الذى تنتفي معه المصلحة في الدعوى المعروضة؛ مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.


فلهذه الأسباب


 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق