السبت، 3 فبراير 2024

الطعن رقم 13241 لسنة 55 قضائية عليا - دائرة توحيد المبادئ - جلسة 06 يونية 2020

الطعن رقم 13241 لسنة 55 بتاريخ :2020/06/06

- فلهذه الأسباب -

حكمت المحكمة : بعدم إختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعاوى المقامة بشأن الطعن على قرار وزير العدل السلبى بالامتناع عن تنفيذ مؤدى حكمى المحكمة الدستورية العليا الصادرين بجلستى 9 /9 /2000 و 14/4 /2002 فى الدعويين رقمى151لسنة21 ق. دستورية، و1 لسنة 23 ق. منازعة تنفيذ . وبقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإحالة الدعوى بحالتها إلى الدائرة المدنية المختصة بمحكمة استئناف القاهرة للإختصاص .

صدر هذا الحكم وتلي علناً بالجلسة المُنعقدة يوم السبت 14 من شهر شوال سنة 1441 هجرية، الموافق 6/6/2020 ميلادية وذلك بالهيئة المُبِينة بصدره.


الطعن رقم 13241 لسنة 55 بتاريخ :2020/06/06



نص الحكم :

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

دائرة توحيد المبادئ

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود حسام الدين رئيــس مجلس الدولة

ورئيـــس المحكمــة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / توفيق الشحات السيد محجوب نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد الرحمن سعد محمود عثمان نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عادل فهيم محمد عزب نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور / محمد ماهر أبو العنين نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد محمد حامد محمد حامد نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمد حجازي حسن مرسي نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / حسن سيد عبد العزيز السيد نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سعيد عبد ربه علواني خليف نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عادل سيد عبد الرحيم حسن بريك نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور / سمير عبد الملاك منصور نائب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار / رجب عبد الهادي تغيان نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة

وسكرتارية السيد / وائل محمود مصطفى أمـــــــــين الســـــــــــــر

أصدرت الحكم الآتي

في الطعنين رقمى 10363 و 13241 لسنة 55 ق. عليا

المقام أولهما من/ وزير العدل بصفته

ضِــــــــــد / ....

وثانيهما من / ....

ضـــــــــد/ وزير العدل بصفته

في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ( الدائرة الأولى ) بجلسة 27 / 1 / 2009

في الدعوى رقم 9672 لسنة 59 ق.

الإجـــراءات

فى يوم الثلاثاء الموافق 24 / 2 / 2009 أودعت هيئة قضايا الدولة - نيابة عن الطاعن بصفته - قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الأول، والمقيد بجدولها العام برقم 10363 لسنة 55 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الأولى) في الدعوى رقم 9672 لسنة 59 ق. بجلسة 27 / 1 / 2009، فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه مع مايترتب على ذلك من آثار وعلى النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية والمدعين المصروفات مناصفة بينهما .

وطلب الطاعن بصفته - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، لتأمر وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الطعن،وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً أصلياً : بعدم إختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى . واحتياطياً : بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى . ومن باب الاحتياط : برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي فى أى من الحالات عدا الأولى .

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى دائرة رجال القضاء المختصة بمحكمة استئناف القاهرة .

وفى يوم الأربعاء الموافق 25/3/2009 أودع الطاعنون قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الثانى، والمقيد بجدولها العام برقم 13241 لسنة 55 ق. عليا في ذات الحكم المشار إليه فيما قضى به من ... وبرفض ماعدا ذلك من طلبات وألزمت الجهة الإدارية والمدعين المصروفات مناصفة بينهما .

وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم أولاً : بقبول الطعن شكلاً . ثانياً: بقبول تدخل كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزيرى المالية والتضامن الاجتماعى ورئيسى مجلسى الشعب والشورى ورئيس محكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى والنائب العام ورئيس نادى القضاة ورئيس مجلس إدارة صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية .ثالثاً: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً للطاعنين بتعويض مؤقت قدره 10001 جنيه عن الخطأ المرفقى لوزير العدل وعن المسئولية الشخصية لتابعه (مدير الشئون القانونية ) على سند من الأحكام سالفة البيان نظراً لتوافر أسباب الخطأ المرفقى والشخصى والأضرار المادية والأدبية والمعنوية التى لحقت بالطاعنين من جراء ذلك ولتوافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر فى إحداث النتيجة مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات .

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانونى إرتأت فيه إحالة الطعن الى الهيئة المشكلة طبقا للمادة (54 مكرراً) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 والمضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984 (دائرة توحيد المبادئ ) وذلك للبت فى المسألة المعروضة بترجيح واعتناق أحد اتجاهى المحكمة الإدارية العليا المشار إليهما تفصيلياً بالأسباب .

وتدوول نظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 28/9/2014 قررت ضم الطعنين لوحدة الموضوع، وتم إحالتهما إلى الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا .

وتدوول نظر الطعنين أمام هذه الدائرة بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 24 / 3 / 2018 قررت المحكمة إحالة الطعنين الماثلين إلى دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا للبت فى المسألة المعروضة وذلك بترجيح أحد الاتجاهين المشار إليهما على التفصيل الوارد بالأسباب .

وقد أسست المحكمة قرارها بالإحالة على أنه يبين من الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا بشأن الموضوع المعروض فى الطعنين الماثلين ومدى اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعاوى المقامة من القضاة وأعضاء النيابة العامة السابقين بالطعن فى قرار وزير العدل السلبى بالامتناع عن تنفيذ مؤدى حكمى المحكمة الدستورية العليا الصادرين فى الدعويين رقمى 151 لسنة 21 ق. دستورية و 1 لسنة 23 ق. منازعة تنفيذ أن هذه المحكمة قد انتهجت نهجين فى هذا الشأن، فقد سبق للمحكمة وأن قضت فى حكمها الصادر عن هذه الدائرة (بهيئة مغايرة) فى الطعن رقم 71 لسنة 51 ق. عليا بجلسة 24 / 6 / 2006 وكذا الحكم الصادر من ذات الدائرة فى الطعن رقم 17807 لسنة 51 ق. عليا بجلسة 26/1/2008 بأن مؤدى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (98) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 هو عدم سلامة الإجراءات التى اتبعت فى مساءلة المطعون ضدهم أمام مجلس التأديب، مما يستلزم تدخل وزير العدل المنوط به تحريك الدعوى التأديبية ليعيد اتصال مجلس الصلاحية بالدعوى مجدداً للحكم فيها، وأن قرار وزير العدل السلبى بالامتناع عن استنهاض ولاية مجلس الصلاحية لإعادة النظر فى مساءلة القاضى تأديبياً يدخل فى مفهوم القرارات الإدارية التى ناط الدستور والقانون بمحاكم مجلس الدولة مراقبة مشروعيتها. كما تبين للمحكمة أن هناك قضاءً مغايراً من الدائرة الثانية (موضوع) فى الطعن رقم 28246 لسنة 52 ق. عليا بجلسة 29 / 9 / 2013 بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعاوى وإحالتها إلى دائرة طلبات رجال القضاء المختصة بمحكمة استئناف القاهرة .وإزاء هذا الاختلاف بين الأحكام الصادرة فى الطعون المشار إليها.فقد قررت المحكمة إحالة الطعنين الماثلين إلى دائرة توحيد المبادئ إعمالاً لحكم المادة (54 مكررا) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.

ونفاذاً لقرار الإحالة المُشار إليه، ورد الطعنان إلى هذه الدائرة، وتم إحالتهما إلى هيئة مفوضي الدولة لدى دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيهما، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم (بترجيح الاتجاه الأول الوارد فى أحكام المحكمة الإدارية العليا والذى يرى اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعاوى المقامة من القضاة وأعضاء النيابة العامة السابقين بالطعن فى قرار وزير العدل السلبى بالامتناع عن تنفيذ مؤدى حكمى المحكمة الدستورية العليا وبإعادة الدعوى إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيها على هذا الأساس.)

وتُدوول نظر الطعنين بالجلسات على النحو المُبين تفصيلاً بالمحاضر، وبجلسة 4 / 1 / 2020 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 4 / 4 / 2020 مع التصريح بتقديم مذكرات ومستندات خلال ثلاثة أسابيع، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

- المحكـمـــــــــــة -

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً .

من حيث أن الطعنين قد استوفيا كافة أوضاعهما الشكلية المقررة قانوناً، فمن ثم فهما مقبولان شكلاً.

وحيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 6/1/2005 أقام المدعون الدعوى رقم 9672 لسنة 59 ق. أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وطلبوا في ختام صحيفتها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن تنفيذ مؤدى الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا فى الدعويين رقمى 151 لسنة 21 ق. دستورية،و1 لسنة 23 ق.منازعة تنفيذ بجلستى 9 / 9 / 2000،و 14 / 4 / 2002 مع مايترتب على ذلك من آثار، أخصها العودة بهم إلى الحالة التى كانوا عليها عند طلب السير فى الإجراءات، وتعويضهم عن الأضرار التى لحقت بهم، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وذكروا شرحاً لدعواهم، أنهم جميعا من أعضاء السلطة القضائية، حيث كانوا مابين قضاة ورؤساء محاكم ووكلاء نيابة، وطلب وزير العدل فى تواريخ مختلفة نظر السير فى إجراءات محاكمتهم أمام مجلس الصلاحية، وعليه أحال رئيس محكمة النقض ورئيس هيئة مجلس الصلاحية الأمر إلى المستشار المقرر للدراسة والإفادة بالرأى فى مدى ضرورة السير فى الإجراءات من عدمه،وقام المستشار المقرر بعرض الموضوع على هيئة مجلس الصلاحية والتى قررت السير فى الإجراءات، وأحيل المدعون إلى مجلس الصلاحية للمحاكمة طبقاً لحكم المادة (98) من قانون السلطة القضائية، وصدرت ضدهم أحكام من مجلس الصلاحية تراوحت بين الإحالة إلى المعاش والنقل إلى وظيفة غير قضائية .

وأضاف المدعون بأنه قد ثبت قيام المستشارين الذين أبدوا رأيهم بالسير فى إجراءات المحاكمة بالاشتراك فى الجلوس مجلس القضاء بهيئة مجلس الصلاحية وإصدار الأحكام طبقاً لحكم المادة (98) من قانون السلطة القضائية،والتى كانت تجيز ذلك ولاتمنعه على الرغم من تناقض هذه المادة مع المادة (146) من قانون المرافعات التى تجعل القاضى غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها إذا كان قد أفتى أو كتب فيها أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو محكماً. وعلى أثر ذلك لجأ أحد زملائهم المحكوم ضدهم إلى دائرة رجال القضاء بمحكمة النقض طعناً على القرار الصادر بتنفيذ حكم مجلس الصلاحية الصادر بشأنه باعتباره معدوماً، وأثناء ذلك طلب من الدائرة المذكورة وقف السير فى الإجراءات أمامها وإحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا،ولما تبين للدائرة جدية الدفع صرحت له بإقامة الدعوى الدستورية،وأوقفت الإجراءات لحين الفصل فى تلك الدعوى. وأقيمت الدعوى الدستورية رقم 151 لسنة 21 ق.، والتى صدر الحكم فيها بجلسة 9/9/2000 بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (98) سالفة البيان، كما صدر حكم آخر من المحكمة الدستورية فى الدعوى رقم 1 لسنة 23 ق. منازعة تنفيذ بجلسة 14/4/2002 قضى بالمضى فى تنفيذ الحكم المذكور ومايترتب على ذلك من آثار، وبذلك فقد كشف هذا القضاء الدستورى عن واقع جديد مؤداه انعدام جميع الأحكام الصادرة من مجلس الصلاحية طبقاً لحكم المادة (98) آنفة الذكر، ووجب على جميع سلطات الدولة والكافة بما فيها المحاكم التقيد بذلك. وخلص المدعون إلى أنه من حقهم جميعا تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا سالفى البيان، وذلك بإصدار القرارات اللازمة لذلك وأيضا سحب القرارات التى صدرت بتنفيذ أحكام مجلس الصلاحية والعودة بهم إلى الحالة التى كانوا عليها عند طلب السير فى الإجراءات، وقد طالبوا وزير العدل بذلك وأعلنوه بطلباتهم بأشكال متعددة، غير أنه لم يستجب للتنفيذ مما يعد قراراً سلبياً مخالفاً لحكم الدستور والقانون للأسباب الموضحة والمبينة تفصيلاً بعريضة الدعوى والتى اختتمها المدعون بالطلبات آنفة الذكر.

وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 27 / 1 / 2009 قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه مع مايترتب على ذلك من آثار وعلى النحو المبين بالأسباب، وبرفض ماعدا ذلك من طلبات، وألزمت الجهة الإدارية والمدعين المصروفات مناصفة بينهما.

وشيدت قضاءها - بعد استعراضها لنص المادة (98) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، وكذا المواد أرقام (48) و(49) و(50) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - على أن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 9/9/2000 فى الدعوى رقم 151 لسنة 21 ق. دستورية بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (98) من قانون السلطة القضائية،والتى تنص على أنه ....ولايمنع من الجلوس فى هيئة مجلس التأديب سبق الاشتراك فى طلب الإحالة إلى المعاش أو رفع الدعوى التأديبية ... كما قضت فى الدعوى رقم 1 لسنة 23 ق. منازعة تنفيذ بجلسة 14/4/2002 بالمضى فى تنفيذ الحكم المشار إليه مع مايترتب على ذلك من آثار، إستناداً إلى أنه من حق صاحب الشأن إذا ما اعترض تنفيذ الحكم الصادر له بعدم دستورية نص تشريعى، عوائق تحول دون تنفيذه تنفيذاً صحيحاً مكتملاً، أن يلجأ إلى المحكمة الدستورية العليا مبتغياً

إزاحة هذه العوائق وإنهاء الآثار القانونية الملازمة لها أو الناشئة عنها أو المترتبة عليها، ولايكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها ومسمياتها وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها لينفتح المجال من جديد إلى إعمال الأثر الرجعى للحكم الصادر بعدم الدستورية، بما لهذا الحكم من حجية عينية يتقيد بها الكافة بما فى ذلك المحاكم بجميع أنواعها وبمختلف درجاتها، وانتهت المحكمة إلى أن مقتضى الحكم الصادر فى الدعوى رقم 151 لسنة 21 ق. دستورية هو إعادة المدعى إلى الحالة التى كان عليها عند طلب السير فى إجراءات دعوى الصلاحية، ولما كان مجلس الصلاحية الذى تمت محاكمة المدعين أمامه كان قد شكل وفقاً لحكم المادة (98) من قانون السلطة القضائية سالفة البيان، والتى لم تكن تمنع فى فقرتها الأخيرة من أن يجلس فى هيئة مجلس التأديب من سبق له الاشتراك فى طلب الإحالة، وقد قضى بعدم دستورية نص هذه الفقرة بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 151 لسنة 21 ق. دستورية، والذى قضى بشأنه بالمضى فى تنفيذه مع مايترتب على ذلك من آثار بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم1 لسنة 23 ق. منازعة تنفيذ، ومن ثم يصبح مسلك الجهة الإدارية بالامتناع عن تنفيذ مؤدى هذين الحكمين فى شأن المدعين والعودة بهم إلى الحالة التى كانوا عليها عند طلب السير فى إجراءات دعوى الصلاحية هو مسلك يخالف صحيح حكم القانون، والذى يوجب على جهة الإدارة المبادرة إلى تنفيذ الأحكام الدستورية الواجبة النفاذ احتراماً للحجية المقررة لها ولكونها ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة إعمالاً لمبدأ سيادة القانون، ولايجدى جهة الإدارة نفعاً فى هذا الشأن ما تمسكت به من استقرار المراكز القانونية للمدعين بصدور أحكام باتة من مجلس الصلاحية فى شأنهم، إذ أن ذلك مردود عليه بأنه ولئن كان المستقر عليه أنه يستثنى من تطبيق الأثر الرجعى بالنسبة للحكم بعدم الدستورية الحقوق والمراكز التى تكون قد استقرت عند صدوره إلا أنه يلزم أن يكون هذا الاستقرار بحكم حاز قوة الأمر المقضى، وهو الأمر غير المتوافر فى الدعوى الماثلة لكون الأحكام التى تصدر من مجلس الصلاحية تختلف عن الأحكام التى تصدرها المحاكم بالمعنى الضيق،والتى يجوز الطعن فيها بطرق الطعن المقررة قانوناً، فأحكام مجلس الصلاحية لايجوز الطعن فيها لدواع اقتضتها المصلحة العامة من ناحية والتشكيل الخاص لمجلس الحكم من ناحية أخرى،وعليه يقف حكم مجلس الصلاحية عند هذا المدى ولايتعداه إلى أكثر من ذلك، فلاينسحب عليه كافة الآثار القانونية المقررة للحكم البات، ولايكون بالتالى سبباً موجباً لاستقرار المراكز القانونية التى يمتنع معها الاستفادة من الأثر الرجعى للحكم الدستورى، الأمر الذى يتعين معه الغاء القرار المطعون فيه مع مايترتب على ذلك من آثار. وأضافت المحكمة أنه بالنسبة للطلبين الثانى والثالث بإلزام جهة الإدارة بأن تؤدى للمدعين تعويضاً عما لحقهم من أضرار، وبإلزامها بأن تدفع لكل منهم مبلغ ألف جنيه كغرامة تهديدية عن كل يوم تأخير عن تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا المشار اليهما منذ يوم 21/9/2000 وحتى تمام التنفيذ، فإن العيب الذى شاب القرار المطعون فيه لايعدو أن يكون عيباً شكلياً لتعلقه بإجراء من اجراءات دعوى الصلاحية ويمكن تلافيه دون أن يؤثر ذلك فى نتيجة المساءلة مجدداً أمام مجلس الصلاحية، إذ قد ينتهى المجلس إلى ذات النتيجة السابقة وهى إدانة المدعين .

وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن بصفته فى الطعن الأول، فقد أقام الطعن الماثل بالنعى عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وصدوره مشوباً بالقصور فى التسبيب والفساد فى الإستدلال، تأسيساً على أن الحكم المطعون فيه جاوز حدود الولاية المرسومة للقضاء الإدارى بتصديه للفصل فى دعوى تخرج عن ولايته وتثير منازعة فى تنفيذ أحكام قضائية باتة صدرت من مجلس الصلاحية لايجوز الطعن عليها، إذ أن المنازعة الماثلة تتعلق بشأن من شئون رجال القضاء، حيث تهدف إلى إزالة آثار الأحكام القضائية التى صدرت من مجلس الصلاحية ضد المطعون ضدهم بإحالتهم الى المعاش أو نقلهم إلى وظائف غير قضائية. واختتم الطاعن بصفته تقرير الطعن الماثل بطلباته سالفة البيان.

كما لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنين فى الطعن الثانى، فأقاموا الطعن الماثل بالنعى عليه - فيما يتعلق بشق رفض طلب التعويض- بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله إستناداً إلى أن الجهة الإدارية المطعون ضدها قد امتنعت على مدار عدة سنوات عن تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا سالفى الذكر، ولم تعد بهم إلى الحالة التى كانوا عليها عند طلب السير فى إجراءات دعوى الصلاحية،وإعادة محاكمتهم محاكمة عادلة طبقا للقانون، مما يشكل فى حقها مخالفة لصحيح القانون، وهو ما أصابهم بأضرار مادية وأدبية من جراء تلك المخالفة، ومن ثم تكون مسئولية جهة الإدارة قد توافرت أركانها . واختتم الطاعنون تقرير الطعن الماثل بطلباتهم سالفة البيان.

ومن حيث إن المسألة مثار النزاع الماثل تنحصر فى تحديد جهة الإختصاص بنظر الدعاوى المقامة من القضاة وأعضاء النيابة العامة السابقين بالطعن على قرار وزير العدل السلبى بالامتناع عن تنفيذ مؤدى حكمى المحكمة الدستورية العليا الصادرين بجلستى 9/9/2000،و 14/4/2002 فى الدعويين رقمى 151 لسنة 21 ق. دستورية، و1 لسنة 23 ق. منازعة تنفيذ ، وما إذا كانت هى محاكم مجلس الدولة، أم أن الاختصاص ينعقد إلى محاكم القضاء العادى، وذلك إزاء صدور الأحكام المتعارضة المشار إليها بقرار إحالة الطعنين إلى هذه المحكمة (دائرة توحيد المبادئ).

ومن حيث إن البت في المسألة المعروضة يتطلب - بداءة - تناول الاتجاهين آنفى الذكر الواردين بأحكام المحكمة الإدارية العليا،وما تضمنته تلك الأحكام من أسباب، وصولاً لترجيح أى من الاتجاهين المشار إليهما.

ومن حيث إن الاتجاه الأول في أحكام المحكمة الإدارية العليا والذى ذهب إلى أنه باستظهار أحكام قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972، يبين أن المشرع قد مايز بين السلطة المختصة بنظر الطعون على القرارات المتعلقة بشئون القضاة والسلطة المختصة بمساءلتهم تأديبياً، إذ اسند الاختصاص بنظر الطعون على القرارات المشار إليها إلى الدوائر المدنية والتجارية بمحكمة النقض ( دائرة رجال القضاء والنيابة العامة) وفقاً لحكم المادة (83) من هذا القانون، فى حين اسند الاختصاص بتأديب القضاة إلى مجلس تأديب يشكل طبقاً لحكم المادة (98) من القانون ذاته، وأفرد لتنظيم المسألة الأولى الفصل السابع من الباب الثانى من القانون المذكور بعنوان فى التظلمات والطعن فى القرارات الخاصة بشئون القضاة ،كما أفرد لتنظيم المسألة الثانية الفصل التاسع من ذات الباب من القانون المذكور بعنوان مساءلة القضاة تأديبياً ، وعلى ذلك فإن النظر فى أى قرارات تتعلق بتأديب القضاة إنما يخرج عن اختصاص دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض، يؤكد ذلك مانصت عليه المادة (107) من القانون من أن الحكم الصادر فى الدعوى التأديبية يكون نهائياً ولايجوز الطعن فيه بأى طريق من طرق الطعن، ولو أن الحكم الصادر من مجلس التأديب يقبل الطعن عليه أمام دائرة طلبات رجال القضاء شأنه شأن القرارات المتعلقة بشئونهم الخاصة، لكان نص المادة (107) لغواً ولامعنى له، وهو ماينبغى تنزيه المشرع عنه . وترتيباً على ذلك، ولما كانت المنازعة الماثلة تتعلق بتأديب القضاة، وأن الطلبات التى أقام بها هؤلاء القضاة دعواهم المطعون على حكمها تنصب على قرار وزير العدل السلبى بالامتناع عن استنهاض ولاية مجلس الصلاحية لإعادة النظر فى مساءلتهم تأديبياً فى ضوء الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا فى الدعويين رقمى 151 لسنة 21 ق. دستورية، و1 لسنة 23 ق. منازعة تنفيذ بجلستى 9 / 9 / 2000 و 14/4 / 2002، وهو بهذه المثابة يدخل فى مفهوم القرارات الإدارية التى ناط الدستور والقانون بمحاكم مجلس الدولة مراقبة مشروعيتها .

ولاينال من ذلك ماجاء بصحيفة الطعن من أن قرارات وزير العدل بإحالة المطعون ضدهم إلى مجلس الصلاحية لاتعدو أن تكون مجرد طلبات رفعت بها دعاوى فقد الصلاحية أمام المجلس المذكور، ذلك أن المادة (99) من قانون السلطة القضائية المشار إليه تشترط لإقامة الدعوى التأديبية من النائب العام ضد أحد القضاة، أن يكون ذلك بناء على طلب وزير العدل، وهذا مفاده تمتع وزير العدل بسلطة تقديرية فى تحريك تلك الدعوى، فله أن يطلب إقامتها وله أن يرفض أو يمتنع عن ذلك، ومعلوم أن السلطة التقديرية هى مناط قيام القرار الإدارى .

وعليه فقد انتهى هذا الاتجاه إلى أن امتناع وزير العدل عن التدخل لإعادة اتصال مجلس الصلاحية بالدعوى التأديبية السابق إقامتها ضد القضاة المطعون ضدهم يشكل قراراً إدارياً سلبياً مخالفاً لأحكام القانون مما يدخل فى الاختصاص الولائى لمجلس الدولة.

(في هذا الاتجاه حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 71 لسنة 51 ق.ع - جلسة 24/6 /2006، وكذا حكمها الصادرفي الطعن رقم 17807 لسنة 51 ق.ع - جلسة 26 / 1 / 2008)

ومن حيث إن الاتجاه الثاني في أحكام المحكمة الإدارية العليا والذى ذهب إلى أن الطعن على قرار وزير العدل السلبى بالامتناع عن تنفيذ مؤدى الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا فى الدعويين رقمى 151 لسنة 21 ق. دستورية،و1 لسنة 23 ق. منازعة تنفيذ بشأن عدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (98) من قانون السلطة القضائية التى كانت تجيز لمن سبق له الاشتراك فى طلب المساءلة التأديبية أو الإحالة إلى الصلاحية الجلوس مجلس الحكم فى أى منهما، ومن ثم طلب الطاعن إعادته إلى الحالة التى كان عليها وقت إحالته إلى لجنة الصلاحية ومايترتب على ذلك من آثار، أهمها سحب القرارات التنفيذية التى صدرت تنفيذاً للحكم بإحالته إلى وظيفة غير قضائية . لما كان ذلك فإن هذه الطلبات فى جملتها هى شأن من شئون القضاة التى تنعقد ولاية التصدى لها لدائرة طلبات رجال القضاء، ومن ثم تخرج عن نطاق الولاية المعقودة لمحاكم مجلس الدولة، ولايغير من ذلك أن قانون السلطة القضائية قبل تعديله بالقانون رقم 142 لسنة 2006 كان يمنع الطعن فى حكم أو قرار مجلس التأديب أو هيئة الصلاحية، مما ينعقد الاختصاص بنظره لمحاكم مجلس الدولة بحسبانه القاضى العام للمنازعة الإدارية، فذلك مردود بأن المانع لدائرة رجال القضاء من سماع الدعوى ليس بذاته المانح لمجلس الدولة ولاية التصدى لها، بمعنى أن نهائية قرار أو حكم مجلس التأديب أو الصلاحية الذى يستقيم مانعاً لدائرة رجال القضاء من التصدى للطعن فيها، لايتصور عقلاً أو منطقاً أن ينهض بذاته مسوغاً لإفساح الولاية لمجلس الدولة للتصدى لها،ذلك أنه حتى مع هذا المنع يظل الأمر شأناً من شئون القضاة، لهم منازعته ومحاجته بدعوى الدستورية أمام دائرتهم، ثم إعمال مقتضى ماعساه يصدر من المحكمة الدستورية العليا فى هذا الشأن من أحكام استنهاضاً لولاية هذه الدائرة لإلزام جهة الإدارة بوضع هذا المقتضى موضع التنفيذ، فحظر الطعن على قرار أو حكم مجلس الصلاحية أو التأديب ليس مرده انتفاء الولاية بل مرجعه تحصين القرار أو الحكم من الطعن فيه على أى وجه أو أمام أى جهة، فإذا ما عن لصاحب الشأن منازعة أو منازلة القرار ابتغاء النيل من دستورية النص المقرر أو المنظم له على أى وجه أو قطف ثمار الحكم بعدم دستورية هذا النص فسبيله إلى ذلك هى دائرة رجال القمضاء دون سواها بحسبان ذلك شأن من شئونهم.

وعليه فقد انتهى هذا الاتجاه إلى عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى دائرة طلبات رجال القضاء المختصة بمحكمة استئناف القاهرة .

(في هذا الاتجاه حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 28246 لسنة 52 ق.ع، جلسة 29/9 /2013)

ومن حيث إنه للوصول إلى الرأى الراجح فى هذه المسألة المطروحة يتعين استعراض النصوص الحاكمة فى هذا الشأن فتنص المادة ( 165) من دستور جمهورية مصر العربية الصادر عام 1971م (الملغى) - المعمول به وقت نشوء النزاع الماثل- على أن السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون.

وتنص المادة (167) منه على أن يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها .....

وتنص المادة (172) منه على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة، ويختص بالفصل فى المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.

ومن حيث إن قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 ينص فى المادة (83) منه - قبل استبدالها بالقانون رقم 142 لسنة 2006 - على أن تختص دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها بالفصل فى الطلبات التى يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم، متى كان مبنى الطلب عيباً فى الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ فى تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة . كما تختص الدوائر المذكورة دون غيرها بالفصل فى طلبات التعويض عن تلك القرارات.

وتنص المادة (83) المشار إليها - بعد استبدالها بالقانون رقم 142 لسنة 2006 - على أن تختص الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة التى يرأسها الرؤساء بهذه المحكمة دون غيرها بالفصل فى الدعاوى التى يرفعها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم.

وتختص هذه الدوائر دون غيرها بالفصل فى دعاوى التعويض عن تلك القرارات .

كما تختص دون غيرها بالفصل فى الدعاوى الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لرجال القضاء والنيابة العامة أو لورثتهم . ولايجوز أن يجلس للفصل فى هذه الدعاوى من كان قد اشترك فى القرار الذى رفعت الدعوى بسببه . ويكون الطعن فى الأحكام التى تصدر فى الدعاوى المنصوص عليها فى الفقرات السابقة أمام دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها، خلال ستين يوماً من صدور الحكم .

ومن حيث إن مفاد ماسبق، أن الدستور كفل بنص صريح للسلطة القضائية استقلالها فى قيامها على شئون العدالة، وجعل هذا الاستقلال عاصماً من التدخل فى أعمالها أو إدارة شئونها، أو التأثير فى مجرياتها، ومقتضى ذلك ولازمه، أن تستقل السلطة القضائية فى كل مايتعلق بشئون أعضائها الوظيفية، فلا يكون لأية جهة أخرى بما فى ذلك الجهات القضائية بسط رقابتها القضائية على ماعساه يصدر من قرارات إدارية فى شأن من شئونهم، ونزولاً على ذلك وإعمالاً لحكم المادة (167) المشار إليها، أسند المشرع بموجب نص المادة (83) من قانون السلطة القضائية آنفة الذكر ولاية الفصل فى طلبات رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم والتعويض عنها إلى دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها - والذى أصبح للدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة دون غيرها بموجب القانون رقم 142 لسنة 2006- بما يُخرجُ الاختصاص بنظر الطعن على أى قرار من هذه القرارات من الولاية العامة المعقودة لمحاكم مجلس الدولة .

ومن حيث أنه سبق للمحكمة الإدارية العليا أن قضت بأن المشرع فى قانون السلطة القضائية حدد الجهة المختصة بنظر منازعات رجال القضاء والنيابة العامة، وأناطها بإحدى الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة، وهذا الاختصاص لايتعلق بطلبات رجال القضاء والنيابة فقط، بل يمتد إلى كل نزاع يؤثر مآلا فى المراكز والحقوق المتعلقة برجال القضاء والنيابة الحاليين، ولو كان مقاماً من غيرهم .

( حكمها الصادر فى الطعن رقم 36 لسنة 52 ق. عليا - جلسة 4 / 7 / 2015)

كما سبق وأن قضت بأنه ولئن كان الأصل فى الاختصاص بنظر طلبات إلغاء القرارات الإدارية إنما ينعقد لمحاكم مجلس الدولة باعتبارها صاحبة الولاية العامة فى نظر سائر المنازعات الإدارية، إلا أنه استثناءً من هذا الأصل ووفقاً لما جرى عليه نص المادة (83) من قانون السلطة القضائية المشار إليها، فإن الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة التى يرأسها أحد الرؤساء بهذه المحكمة، تختص دون غيرها بالفصل فى القرارات الإدارية النهائية التى تتعلق بأى شأن من شئون رجال القضاء والنيابة العامة وفى دعاوى التعويض عنها، ويكون الطعن فى الأحكام التى تصدرها فى هذا الشأن أمام إحدى دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض خلال ستين يوماً من تاريخ الحكم.

( حكمها الصادر فى الطعن رقم 36905 لسنة 63 ق. عليا - جلسة 17 / 2 / 2018)

ومن حيث أن مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى وإن كان يعد هو صاحب الولاية العامة والقاضى الطبيعى المختص بنظر الطعن فى كافة القرارات الإدارية وجميع المنازعات الإدارية، إلا أنه متى تضمن الدستور أو القانون نصاً صريحاً على أن يكون الاختصاص بنظر نوع معين من هذه المنازعات لمحاكم أو لجهة أخرى، فإن مجلس الدولة كما هو حريص على اختصاصه المقرر أصله فى الدستور،هو حريص الحرص ذاته على عدم تجاوز اختصاصه، حفاظاً على الاختصاص المقرر للجهات القضائية الأخرى، تحقيقاً لصحيح مبدأ سيادة القانون الذى يتطلب دائما النزول على صحيح حكمه والالتزام بحقيق حكمته.

ومن حيث أن المنازعة الماثلة تتعلق بطلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير العدل السلبى بالامتناع عن تنفيذ مؤدى حكمى المحكمة الدستورية العليا الصادرين بجلستى 9/9/2000،و 14/4/2002 فى الدعويين رقمى 151 لسنة 21 ق. دستورية، و1 لسنة 23 ق. منازعة تنفيذ مع مايترتب على ذلك من آثار أخصها سحب جميع القرارات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة عن مجلس الصلاحية، والعودة إلى الحالة التى كان عليها الطاعنون ( فى الطعن الثانى )عند طلب السير فى الإجراءات، فمن ثم فإن هذا النزاع يتعلق بشأن من شئون رجال القضاء، ويدخل فى اختصاص الدائرة المدنية المختصة بشئون الأعضاء بمحكمة استئناف القاهرة طبقا لنص المادة (83) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والمعدل بالقانون رقم 142 لسنة 2006 سالفة الذكر، وينحسر عن نطاق الاختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة.

ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن نص المادة (54 مكرراً) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 74 لسنة 1972، كما يجيز للدائرة المنصوص عليها فيه أن تقتصر فى حكمها الذى تصدره بعد اتصالها بالطعن على البت فى المسألة القانونية التى كانت محلاً لتناقض الأحكام أو إقرار مبدأ قانونى على خلاف أحكام سابقة، ثم تحيل الطعن بعد ذلك إلى دائرة المحكمة الإدارية العليا المختصة لتفصل فى موضوعه، وفقاً للمبدأ الذى أرسته بحكمها، وذلك على النحو الذى اطرد عليه قضاء هذه الدائرة، فإن هذا النص أيضاً لايحول بين هذه الهيئة والفصل فى الطعن الذى اتصلت به بقرار الإحالة بحكم منه للنزاع دون الوقوف عند القضاء بالمبدأ القانونى الذى يطعن على هذا النزاع، مادام أن الطعن قد استقامت عناصره وكان صالحاً للفصل فيه.

(حكم دائرة توحيد المبادئ الصادر فى الطعن رقم 16473 لسنة 60 ق. عليا – جلسة 3/2/2018)

كما أكد قضاؤها على مبدأ الاقتصاد فى إجراءات الخصومة بوصفه أحد ركائز العدالة الناجزة، وليس ثمة مايمنع دائرة توحيد المبادئ من الفصل فى الموضوع مادام صالحاً للفصل فيه،وهو ماتحقق فى الطعنين الماثلين، ومن ثم فإن المحكمة تفصل فى الطعنين الماثلين دون حاجة إلى إحالتهما للدائرة المختصة بنظرالموضوع مرة أخرى.

ولما كان من المستقر عليه أن بحث مدى اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ولائياً يسبق بحث الشكل والموضوع، بحسبان أن قواعد الإختصاص من النظام العام، وتتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها حتى لو لم يثره أحد الخصوم .

وترتيباً على ماتقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن طلبات الطاعنين تتعلق بالمراكز القانونية لبعض رجال القضاء والنيابة العامة السابقين بالطعن على قرار وزير العدل السلبى بالامتناع عن تنفيذ مؤدى حكمى المحكمة الدستورية العليا الصادرين بجلستى 9/9/2000،و 14/4/2002 فى الدعويين رقمى 151 لسنة 21 ق. دستورية، و1 لسنة 23 ق. منازعة تنفيذ مع مايترتب على ذلك من آثار، ومن ثم فإنها تتعلق بشأن من شئونهم، الأمر الذى تخرج معه المنازعة موضوع الطعنين عن الاختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة، وينعقد الاختصاص بنظرها للدائرة المدنية المختصة بمحكمة استئناف القاهرة، وهو مايتعين القضاء به.

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذه الوجهة من النظر، وذهب مذهباً مغايراً فتصدى لموضوع الدعوى، فإنه يكون قد خالف حكم القانون وأخطأ فى تطبيقه، مستوجباً الإلغاء، والقضاء مجدداً بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى الدائرة المدنية المختصة بمحكمة استئناف القاهرة للاختصاص.

ومن حيث إن حكم عدم الاختصاص غير منه للخصومة، فمن ثم يتعين إبقاء الفصل فى المصروفات عملاً بمفهوم المخالفة لحكم المادة (184) من قانون المرافعات.


- فلهذه الأسباب -

حكمت المحكمة : بعدم إختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعاوى المقامة بشأن الطعن على قرار وزير العدل السلبى بالامتناع عن تنفيذ مؤدى حكمى المحكمة الدستورية العليا الصادرين بجلستى 9 /9 /2000 و 14/4 /2002 فى الدعويين رقمى151لسنة21 ق. دستورية، و1 لسنة 23 ق. منازعة تنفيذ . وبقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإحالة الدعوى بحالتها إلى الدائرة المدنية المختصة بمحكمة استئناف القاهرة للإختصاص .

صدر هذا الحكم وتلي علناً بالجلسة المُنعقدة يوم السبت 14 من شهر شوال سنة 1441 هجرية، الموافق 6/6/2020 ميلادية وذلك بالهيئة المُبِينة بصدره.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق