الأحد، 9 مارس 2025

الطعنين رقمى 83529 و 83888 لسنة 68 ق عليا - توحيد مبادئ

  جلسة 02 سبتمبر 2024

الطعنين رقمى 83529 و 83888 لسنة 68 ق عليا - دائرة توحيد المبادئ

بترجيح الاتجاه الذي مؤداه أن الحكم الصادر بعدم قبول الدعوى للجماعية يُعد قاطع لميعاد الطعن بالإلغاء ، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وأمرت بإعادة الطعنين إلى الدائرة المختصة للفصل فيهما في ضوء ما تقدم.

الطعنين رقمى 83529 و 83888 لسنة 68 قضائية عليا

نص الحكم :

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

دائرة توحيد المبادئ

بالجلسة المنعقدة علنًا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أحمد عبد الحميد عبود رئيـــس مجلـس الدولـة ورئـــيــــس الـمحكمــة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أسامة يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / مختار علي جبر حسن نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عمر ضاحي عمر ضاحي نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / هشام محمود طلعت الغزالي نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد السلام عبد المجيد عبد السلام النجار نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / رضا عبد المعطي السيد محمود نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمد عبد السميع محمد إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / شحاته علي أحمد أبو زيد نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار / مجدي مصطفى أحمد يوسف نائب رئيس مجلس الدولة

وبحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد عبد المحسن إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة

مـــفــــــوض الدولــــــــــة

وسكرتارية الســـــيد / أسعد سيد عمر سكــــــرتير المحكمــــــــة

أصدرت الحكم الآتي
فى الطعنين رقمى 83529 و 83888 لسنة 68 ق.عليا.
المقــام أولهما من /
وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب المصرية
ضـــــــــــــد/
........
والمقام ثانيهما من /
............
ضــــــــــــــد /
وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب المصرية
في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا
بجلسة 23/6/2022 في الدعوى رقم 20528 لسنة 28 ق.
الإجـــــــراءات

في يوم السبت الموافـق 20/8/2022 أودعت هيئة قضايا الدولة، نيابة عن الطاعن بصفته قلم كتـاب المحكمـة الإداريـة العليـا تقريرًا بالطعـن الأول قُيد بجدولها برقـم 83529 لسنة 68 ق.عليا، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا بجلسة 23/6/2022 في الدعوى رقم 20528 لسنة 28 ق، والذي قضى: بقبول الدعوى شكلًا، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار - على النحو المبين بالأسباب - ورفض ماعدا ذلك من طلبات، وألزمت طرفى النزاع المصروفات مناصفة.

وطلب الطاعن بصفته - للأسباب المبينة بتقرير هذا الطعن - الحكم بقبـول الطعن شـكلًا، وفي المـوضــوع بإلغــاء الحكــم المطعـون فيـه، والقضـاء مُجددًا أصليا: بعدم قبول الدعوى شكلًا لرفعها بعد الميعاد. واحتياطيا: برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات.

وفي يوم الأحد الموافق 21/8/2022 أودع وكيـل الطـاعـن فـي الطعـن الثـانـي قلـم كتــاب المحكمــة الإداريـة العليـا تقـريـرًا بالطعـن، قُيد بجدولهـا بــرقـم 83888 لسنة 68 ق.عليا، في الحكم ذاته المطعون فيه المشار اليه.

وطلب الطاعن - للأسبـاب المبينـة بتقـريـر هـذا الطعـن - الحكم بقبول الطعن شكلًا، وفى الموضوع أصليا: بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا ببطلان قرار لجنة الطعن؛ لعدم إعلان الطاعن إعلانا قانونيا صحيحًا على النموذج رقم (39 لجان)، وسقوط فروق ضريبة كسب العمل بالتقادم الخمسي عن السنوات 2003/2012، واحتياطيًا:بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا ببراءة ذمة الطاعن من فروق ضريبة كسب العمل عن السنوات 2003/2012، مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.

وقد جرى إعلان تقريرى الطعنين على النحو الثابت فى الأوراق.

ونُظر الطعنان أمام الدائرة الحادية عشرة ( فحص ) بالمحكمة الإدارية العليا، وبجلسة 25/12/2022 قررت ضم الطعنين للارتباط وإحالتهما إلى الدائرة الحادية عشرة (موضوع ) بالمحكمة لنظرهما أمامها بجلسة 4/6/2023، فنظرتهما المحكمة بهذه الجلسة، وتُـدوول نظر الطعنين أمـام المحكمـة، وبجلسـة 23/6/2024 قررت وقف الطعنين تعليقًا وإحالتهما إلى الدائرة المشكلة طبقًا لنص المادة (54 ) مكررًا من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972، والمضافة بالقانون رقم 136لسنة 1984، وذلك لترجيح أحد اتجاهي المحكمة الإدارية العليا بشأن تحديد أثر الحكم الصادر بعدم قبول الدعوى للجماعية فى قطع ميعاد الطعن بالإلغاء.

ونفاذًا لذلك ورد الطعنان الماثلان إلى دائرة توحيد المبادئ، وتحدد لنظرهما أمامها جلسة 5/8/2024، حيث أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى ارتأت فيه ترجيح الاتجاه الذى من مقتضاه أن الحكم الصادر بعدم قبول الدعوى للجماعية من شأنه قطع سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء، وبالجلسة ذاتها قررت الدائرة إصدار الحكم فى الطعنـين بجلسـة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمــــــــــــــــــــــــة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولــة.

حيث إن وقائع النزاع المعروض تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 21/1/2021 أقام الطاعن في الطعن الثانى (المطعون ضده في الطعن الأول ) الدعوى رقم 20528 لسنـة 28 ق. أمـام محكمـة القضـاء الإداري بطنطا، بطلب الحكم بقبولها شكلًا، وأصليا: ببطلان قرار لجنة الطعن؛ لعدم إعلانه إعلانًا قانونيًا صحيحًا، وسقوط دين الضريبة ومقابل التأخير بالتقادم عن السنوات 2003/2012، واحتياطيًّا: بإلغاء قرار لجنة الطعن الصادر بتاريخ 11/9/2017 في الطعن رقم 582 لسنة 2014، والقضاء مجددًا ببراءة ذمته من فروق ضريبة كسب العمل عن السنوات 2003/2012، وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وذكر شارحا دعواه، أن لجنة الطعن الضريبي أصدرت قرارها المطعون فيه متضمنا تأييد تقديرات مأمورية ضرائب طنطا ثان لفروق ضريبة كسب العمل عن السنوات 2003/2012، وذلك بالمخالفة لصحيح حكم القانون، حيث إن فروق الضريبة المطالب بها قد سقطت بالتقادم، فضلًا عن خطأ كل من المأمورية واللجنة في إخضاع العلاوات الخاصة المضمومة للراتب الأساسي، وكذا بدلات الجامعة والعمادة والتمثيل ورئاسة الأقسام للضريبة العامة على المرتبات وما في حكمها، فأقام وآخرون الدعوى رقم ٣٤٦٥ لسنة ٢٥ ق. أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا، والتي قضي فيها بجلسة 26/11/2020 بعدم القبول للجماعية؛ الأمر الذي حدا به الى إقامة دعواه الماثلة بغية القضاء له بطلباته سالفة البيان.

وتُدوول نظر الدعوى أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 23/6/2022 أصدرت حكمها المطعون فيه والـذي قضى بقبول الدعوى شكلًا، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار - على النحو المبين بالأسباب - ورفض ماعدا ذلك من طلبات، وألزمت طرفى النزاع المصروفات مناصفة.

وشيَّدت قضـاءهـا تأسيسا على أن الثابت فى الأوراق أن المدعي من عداد أعضاء هيئة التدريس بكلية القرآن الكريم للقراءات وعلومها بطنطا - جامعة الأزهر، والمسجلة بمصلحة الضرائب المصرية، وتحاسب ضريبيا بالملف رقم 5/14/11/4، أمام مأمورية طنطا ثان، وقد قامت المأمورية المختصة بالتفتيش على أعمال الكلية المذكورة، وأسفر التفتيش عن وجود أرصدة مدينة لمصلحة ضريبة المرتبات وما في حكمها المستحقة على أعضاء هيئة التدريس، وأُخطرت بهذه الفروق بتاريخ 22/7/2013، فاعترضت الكلية، وأحيل الاعتراض إلى اللجنة الداخلية، فلم يُتوصل إلى اتفاق، وعليه أُحيل النزاع إلى لجنة الطعن الضريبي، والتي أصدرت قرارها المطعون فيه بتأييد المأمورية عن السنوات 2003/2012. وأضافت المحكمة أنه عن المدد الضريبية بدءًا من سنة 2003 حتى ٢٠٠٧ فإن المشرع قد حدد مواعيد سقوط حق الجهة الإدارية في المطالبة بالضرائب المستحقة لها بصفة عامة، بمرور مدة خمس سنوات دون مطالبة، كما حدد حالات قطع التقادم، وإذ قامت مأمورية الضرائب المختصة بإخطار الكلية بالفروق الضريبية بتاريخ 22/7/2013، وخلت الأوراق مما يفيد قيامها بأي إجراء قاطع للتقادم من تاريخ استحقاق الفروق الضريبة المطالب بها حتى تاريخ الإخطار المذكور؛ الأمر الذي يكون معه قد سقط حقها في المطالبة بالدين الضريبي المستحق عن المدد الضريبية المشار إليها بالتقادم الخمسي. وإذ صدر القرار المطعون فيه متضمنا تأييد المأمورية في تقديراتها لفروق ضريبة المرتبات وما في حكمها، وأحقيتها في المطالبة بها عن المدة المذكورة، فمن ثم فإنه يكون قد صدر مخالفا صحيح حكم القانون؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها سقوط حق المأمورية في المطالبة بفروق ضريبة المرتبات وما في حكمها المطالب بها خلال المدد الضريبية بدءًا من سنة 2003 حتى سنة 2007.أما بالنسبة إلى المدد الضريبية من سنة ٢٠٠٨ حتى ٢٠١٢ فإن الجهة الإدارية قدرت فروق ضريبة المرتبات وما في حكمها، تأسيسا على خضوع بدل الجامعة، وبدل التمثيل، وبدل العمادة، وبدل وكالة الكلية، وبدل رئاسة القسم، وكذا منحة عيد العمال والمكافآت والحوافز المصروفة للإشراف على الرسائل والريادة والبحوث والتطوير والساعات المكتبية والامتحانات. ومن حيث إنه عن الفروق المترتبة على إخضاع كل من، منحة عيد العمال والمكافآت والحوافز المصروفة للإشراف على الرسائل والريادة والبحوث والتطوير والساعات المكتبية والامتحانات باعتبارها حوافز إنتاج ، ولما كان المعني بالاستفادة من الإعفاء المقرر لحوافز الإنتاج هم المعاونون والعمال والموظفون وليس أعضاء هيئة التدريس، فضلا عن أن المدعي شيد طلب إعفائها من الخضوع لضريبة المرتبات وما في حكمها، تأسيسا على أحكام القانون رقم ١٨٧ لسنة ۱۹۹۳ الملغى، وإذ صدر القانون رقم ٩١ سنة ۲۰۰٥ مقررا إلغاء القانون المذكور، وقد جاءت نصوصه خلوا مما يفيد إدراج هذه المسميات ضمن الإعفاءات المقررة لضريبة المرتبات وما في حكمها، ومن ثم يغدو القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إخضاع منحة عيد العمال والمكافآت والحوافز المصروفة للإشراف على الرسائل والريادة والبحوث وما في حكمها قد صدر موافقا صحيح حكم القانون، وتضحى معه الدعوى الماثلة فيما يخص هذا الطلب قائمة على غير سند من القانون خليقة الرفض.

ومن حيث إنه عن الفروق المترتبة على قيام الجهة الإدارية بإخضاع كل من بدل الجامعة، وبدل تمثيل، وبدل العمادة، وبدل وكالة الكلية، وبدل رئاسة القسم، فإن المادة (۱۳) من قانون الضريبة على الدخل قررت صراحة عدم الإخلال بالإعفاءات الضريبية الأخرى المقررة بقوانين خاصة، وقررت إضافتها إلى الإعفاءات المقررة به، ومن هذه الإعفاءات ما ورد بقواعد تطبيق جدول المرتبات والبدلات والمعاشات لأعضاء هيئة التدريس، وقد ورد فى البند (۷) من هذه القواعد النص صراحة على عدم خضوع هذه البدلات لضريبة المرتبات. ومن ثم يضحي القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إخضاع هذه البدلات للضريبة على المرتبات وما في حكمها، قد صدر مخالفا صحيح حكم القانون؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعفاء هذه البدلات من الخضوع لضريبة المرتبات وما في حكمها، ومن ثم خلصت المحكمة إلى قضائها سالف الذكر.

وإذ لم يلق هذا القضاء قبولًا لدى الطاعن بصفته في الطعن الأول فقد أقام طعنه الماثل ناعيًا على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، لأسباب حاصلها أن المطعون ضده قد أُعلن بالقرار المطعون فيه بتاريخ 11/11/2017 غير أنه تراخى ولم يطعن فى القرار المطعون فيه، إلا في عام 2021 أي بعد فوات الميعاد المقرر قانونًا لإقامة الدعوى، دون أن ينال من ذلك من أنه سبق أن أقام الدعوى رقم 3456 لسنة 25ق. وآخرون طعنًا فى القرار المطعون فيه والمحكوم فيها بجلسة 26/11/2020 بعدم قبول الدعوى؛ إذ إن المطالبة القضائية التي تقطع المواعيد هي التي تنتهى بصدور حكم نهائي فيها بإجابة صاحبها إلى طلبه كله أو بعضه، وهو ما لا ينطبق على الحالة الماثلة، ومن ثم فإن الدعوى الماثلة قد أقيمت بعد فوات الميعاد المقرر قانونا، وخلص الطاعن بصفته في ختام تقرير طعنه إلى الحكم له بطلباته سالفة البيان.

كما لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن في الطعن الثاني فقد أقام طعنه الماثل ناعيًا على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، وذلك على النحو الوارد تفصيلًا بصحيفة الطعن، واختتم الطاعن تقرير طعنه بطلباته سالفة البيان.

وحيث إن جوهر الإحالة إلى هذه الدائرة ينحصر في الترجيح بين أحد الاتجاهين اللذين انتهجتهما دوائر المحكمة الإدارية العليا بشأن تحديد أثر الحكم الصادر بعدم قبول الدعوى للجماعية فى قطع ميعاد الطعن بالإلغاء، وما إذا كان ذلك يعد قاطعا لميعاد الطعن بالإلغاء من عدمه.

حيث ذهب الاتجاه الأول إلى أن القضاء بعدم قبول الدعوى للجماعية ليس من شأنه قطع ميعاد الطعن بالإلغاء وذلك استنادًا إلى أن انقطاع سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء هو استثناء من أصل يتعلق بالنظام العام، ومن ثم فإنه لا يجوز إقراره إلا بنص صريح كما ورد بشأن التظلم من القرارات الإدارية، أو استنادا إلى أصل ثابت من القانون، كما هو الحال في بعض صور حالة الحرب أو الإكراه المانع من إقامة الدعوى، أو الخطأ في إقامة الدعوى بعقد خصومة قضائية صحيحة أمام محكمة غير مختصة، فضلًا عن أن عدم قبول الدعوى لعدم استيفاء الشروط التي تطلبها القانون لرفعها يكون إعلانا بعدم انعقاد الخصومة القضائية، ويحق للمدعي إقامة دعوى جديدة بعد الالتزام بما يشترطه القانون من إجراءات، وذلك بطبيعة الحال إذا كان ميعاد رفع الدعوى يسمح بذلك. فالأصل في المطالبة القضائية التي تقطع التقادم هي الدعوى التي تمت بإجراء صحيح، حتى لو قضي فيها بعدم الاختصاص، ويظل التقادم منقطعا طوال نظرها، أما لو قضي فيها برفض الدعوى أو بعدم قبولها أو بترك الخصومة فيها أو بسقوط الخصومة أو بانقضائها، إلى غير ذلك من صور القضاء التي تمحو أثر الصحيفة زال أثر رفع الدعوى في قطع التقادم، فيستمر وكأنه لم ينقطع.

( حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر فى الطعن رقم 24981 لسنة 57 ق. عليا - جلسة 26/5/2016، وحكمها الصادر فى الطعن رقم 21945 لسنة 57 ق. عليا - جلسة 16/12/2020 )

بينما ذهب الاتجاه الثاني إلى أن إقامة دعوى من متعددين وصدور حكم فيها بعدم قبول للجماعية يعد قاطعًا للتقادم، وذلك استنادًا إلى أنه إذا قامت جهة الإدارة بإصدار قرارها بالاحتفاظ للمدعى بالأجر الذى كان يتقاضاه إبان عمله بالمكافأة الشاملة وقامت بصرف الفروق المالية من تاريخ صدور هذا القرار، ولم تقم بصرف الفروق المالية المترتبة على هذا القرار من تاريخ تعيينه فى وظيفة دائمة فأقام هو وآخرون دعوى للمطالبة بصرف هذه الفروق فقضى بعدم القبول للجماعية، فإن هذا الإجراء يعد إجراءً قاطعا للتقادم.

( حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر فى الطعن رقم 3853 لسنة 58 ق. عليا - جلسة 15/2/2018)

ومن حيث إن المادة (24) من القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أنه: ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يومًا من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به. وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية، ويجب أن يبت في التظلم قبل مضي ستين يومًا من تاريخ تقديمه. وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببًا، ويعتبر مضي ستين يومًا على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه.

ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يومًا من تاريخ انقضاء الستين يومًا المذكورة.

ومن حيث إن مفاد ما تقـدم - ووفقًا لما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع قد حدد ميعادًا لرفع دعـوى إلغاء القرارات الإدارية يتعين أن تقـام الدعـوى خلاله وهـو سـتون يومًا، بحيث إذا ما رُفعت الدعـوى بعد ذلك الميعاد غدت غير مقبولة شكلًا، وهـو أمر يتعـين على المحكمة التصدي له من تلقاء ذاتها ولو لم يثره أحـد الخصوم لتعلقه بالنظام العـام، ويسـري ميعاد الطعن بالإلغاء على القرارات الإدارية الفردية من تاريخ علم أصحاب الشـأن بها، إما بإعـلانهم أو بعلمهم بها علمـًا يقينيًّا كامـلًا لا ظنيًّا افتراضيًّا، وهـذا العـلم اليقيني الشامل يثبت من أية وقعـة أو قرينـة تفـيد حصوله دون التقيد فى ذلك بوسيلة إثبات معينة، وللقضاء التحقق من قيام هـذه القرينة أو تلك الواقعة وتقـدير الأثر الذي يمكن ترتيبه عليها، من حيث كفاية العلم أو قصوره حسبما تستبينه المحكمة من أوراق الدعـوى وظـروف الحال، فلا تأخـذ بهـذا العلم إلا إذا توفـر اقتناعها بقيام الدليل عليه، كما أنهـا لا تقف عند حـد إنكار صاحب الشـأن له حتى لا تهـدر المصلحة المبتغاة من تحصين القـرارات.

وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى مصدر القرار أو السلطة الرئاسية، وأنه إذا ثبت صدور قرار صريح برفض التظلم، قبل القرار الحكمى بالرفض، حُسب ميعاد الطعن من تاريخ الرفض الصريح، وأما إذا انقضت مدة القرار الحكمى، دون صدور قرار صريح، حُسب الميعاد من التاريخ الفرضى للقرار الحكمى، ولو صدر بعد ذلك قرار رفض صريح.

ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة اطرد واستقر على أن الحكمة من التظلم الوجوبى السابق على رفع دعوى الإلغاء، سواء أكان التظلم إلى الجهة الإدارية التى أصدرت القرار متى كانت هى التى تمتلك سحبه أو الرجوع فيه أم إلى الهيئات الرئاسية إن كان المرجع إليها فى هذا السحب - وهو التظلم الذى جعله المشرع شرطا لقبول طلب إلغاء القرارات الخاصة بالموظفين العموميين التى عينها وقرنه بوجوب انتظارالمواعيد المقررة للبت فى هذا التظلم الوجوبى - أن الحكمة من هذا التظلم هى الرغبة فى التقليل من المنازعات بإنهائها فى مراحلها الأولى بطريق أيسر للناس، وذلك بالعدول عن القرار المتظلم منه إن رأت الإدارة أن المتظلم على حق فى تظلمه، ولاشك أنه يقوم مقام هذا التظلم - بل يغنى عنه - ذلك الطلب الذى يتقدم به صاحب الشأن إلى لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المختصة لإعفائه من رسوم دعوى قضائية بإلغاء قرار إدارى معين؛ لتحقق الغاية التى قصدها المشرع حين نص على لزوم التظلم من مثل هذا القرار؛ لأن طلب الإعفاء يعلن إلى الجهة الإدارية المختصة ببحثه، وبذلك ينفتح أمامها الباب لسحب هذا القرار إن رأت الإدارة أن طالب الإعفاء على حق، وهى الحكمة ذاتها التى انبنى عليها استلزام التظلم الوجوبى. ومن ثم فإن طلب الإعفاء لا يخرج عن كونه نوعا من التظلم أشد أثرا من شكوى تحمل اعتراض صاحب الشأن على القرار الإدارى؛ لأنه يعدُّ مظهرا قضائيا للطعن فى هذا القرار فى الموعد القانونى؛ إذ لولا عجز الطالب عن الوفاء بالرسوم لاتخذ هذا الطلب سبيله إلى المحكمة وإذا كان نظر هذا الطلب قد يطول ويستغرق زمنا، فإنه لا حيلة للمدعى فى ذلك بعد أن أعلن عزمه وكشف عن مراده وأصبح الأمر فى يد الهيئة المختصة بنظر الطلب وبهذه المثابة، فإن أثر هذا الطلب يظل قائما - وهو قطع الميعاد - إلى أن يبت فيه بالرفض أو القبول.

( حكم دائرة توحيد المبادئ الصادر فى الطعن رقم 2623 لسنة 36 ق. عليا - جلسة 2/6/1994)

ومن حيث إنه بالرجوع إلى الغاية التي استند إليها المشرع في النص صراحة على انقطاع سريان ميعاد الطعن بالإلغاء بالتظلم إلى مصدر القرار أو السلطة الرئاسية، وباستصحاب النهج الذى سارت عليه هذه المحكمة من قبل فى حكمها المشار إليه بشأن اعتبار طلب المساعدة للإعفاء من الرسوم القضائية محل التظلم بل ويُغنى عنه، على المسألة المُثارة بشأن أثر الحكم بعدم قبول الدعوى للجماعية فى قطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء، فإنه فضلا عما تمليه مقتضيات النظام الإداري وتحقيق العدالة الإدارية، فليس من المُستساغ أن يحول القضاء بعدم قبول الدعوى للجماعية دون قطع ميعاد الطعن بالإلغاء، فى حين أن التظلم وطلب المساعدة القضائية يعتد بأى منهما كإجراء قاطع لهذا الميعاد، وذلك لما ينطوي عليه رفع الدعوى بالفعل من دلالة أقوى على رغبة صاحب الحق فى اقتضائه، وتحفزه لذلك من مجرد التظلم أو طلب المساعدة القضائية؛ الأمر الذى يستتبع معه بالضرورة عدم إمكانية ترتيب أثر قانونى على التظلم وطلب المساعدة القضائية يفوق الأثر القانونى المترتب على القضاء بعدم قبول الدعوى للجماعية؛ لمخالفة ذلك قواعد القياس التى استند إليها القضاء الإدارى للاعتداد بطلب المساعدة القضائية كإجراء قاطع لميعاد الطعن بالإلغاء، مما يتعين معه الاعتداد بالحكم بعدم قبول الدعوى للجماعية فى قطع ميعاد رفع الدعوى بطلب الإلغاء.

وترتيبا على ماتقدم، فإنه إذا صدر حكم بعدم قبول الدعوى للجماعية، فيسري لصاحب الشأن من اليوم التالي لصدور هذا الحكم ميعاد جديد بالمدة ذاتها التى قُطعت، وتُقام دعوى جديدة بعد تصحيح الحالة التي بسببها قضي بعدم القبول خلال الميعاد القانوني محسوبًا من تاريخ صدوره، أي خلال الستين يومًا التالية.

وحيث إنه بناء على ما سلف بيانه، فإنه يغدو الاتجاه الثانى الذي نهجته بعض أحكام المحكمة الإدارية العليا بأن الحكم بعدم قبول الدعوى للجماعية يُعد قاطعًا لميعاد الطعن بالإلغاء، هو الاتجاه الأولى بالترجيح.

ــ فلهـــذه الأسبــاب ــ

حكمت المحكمــة : بترجيح الاتجاه الذي مؤداه أن الحكم الصادر بعدم قبول الدعوى للجماعية يُعد قاطع لميعاد الطعن بالإلغاء ، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وأمرت بإعادة الطعنين إلى الدائرة المختصة للفصل فيهما في ضوء ما تقدم.

صدر هذا الحكم وتلي علنًا بالجلسة المُنعقدة يوم الإثنين 29 من شهر صفر سنة 1446 هجرية، الموافق 2 من سبتمبر 2024 ميلادية، وذلك بالهيئة المُبِينة بصدره.

سكرتير المحكمة                                               رئيس المحكمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق