الخميس، 2 أبريل 2020

المذكرة الإيضاحية لقانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996

المذكرة الإيضاحية لقانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996
--------------------------------------------------
خلق الله الإنسان كي يستخلفه في الأرض، فقد جعل كيانه ممزوجا بطموحه، كي يقوده هذا الطموح إلى التقدم والبناء وعمارة الأرض فهو يسعى وقدماه مغروستان في الواقع ولكن بصره يرنو إلى المستقبل، وإذا كان المستقبل في الكون آفاقا ، فهو في حياة الإنسان أطفالا ، هم صانعوا المستقبل الذي يمكن له أن يراه وهم امتداده الذي يحسه ويلمسه.
ولقد كانت هذه الحقيقة في قوة بساطتها محلا لإدراك الإنسان منذ خرج من كهوف البدائية ، وولج إلى أعتاب الحضارة ، حتى كل طور من أطوارها كان يعبر عن حدود ما بلغته هذه الحضارة من إدراك للمجال الحيوي للعناية بأطفالها ، فهي طورا تنظر إليهم انهم مستقبل الأسرة وحدها وطورا انهم مستقبل القبيلة أو العشيرة وطورا انهم مستقبل أمة أو شعب.
إذا الحضارة في وجهها الإنساني الشامل ، مدركة أن هناك مصير واحد للإنسانية جمعاء ، وان بني الإنسان في ربوع الأرض مسئولون عن صياغة مستقبل واحد للبرية تعبر من خلاله إلى القرون القادمة مكللة هاماتها بالسلام والرخاء فقد صارت الطفولة ، رمز هذا المستقبل وأداة صنعه، هي شاغل الإنسانية كلها ، فإذا بها تكرس إعلانا يصدر في جنيف عام 1924 لحقوق الطفل وإذا بالعالم وقد صارت له هيئة دولية عظمى هي هيئة الأمم المتحدة ، إلا وتقوم جميعها العامة ممثلة هذه لأمم باعتماد إعلان حقوق الطفل في 30 نوفمبر سنة 1959، مرتكزة في ذلك على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، ثم يسير الركب مؤكدا هذه الحقوق في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وفى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وتظل المسيرة إلى أن تعقد اتفاقية حقوق الطفل وتتواكب دول العالم في الانضمام إليها. ولم تكن مصر التي عاشت تاريخها الطويل وهي تفاعل متصل مع العالم اجمع وإلا متفاعلة معه في توجيهاته الإنسانية تجاه الطفل، وهو توجه يجد أساسه أول ما يجد في دستورها حيث تنص المادة العاشرة منه على أن تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة ، وترعى النشئ والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم . وهو نص يرتكز على تراث طويل قام من خلال شريعة الفطرة على انه لا انقسام بين الأمومة والطفولة في مسارهما ،وان العناية بالأمومة هي الخطوة الأولى لرعاية الطفولة والشرط الجوهري لكفالة ازدهارها إنسانيا، وتجسد هذا التراث تشريعات تناولت بالتنظيم حقوق الأمومة إطلاقا ، ثم حقوقها حاضنة ومربية ، ثم حقوق الطفولة وسبل رعايتها نسبا وطبا ونفقة وتربية وتعليما وعملا ومالا ثم حماية لها في المال والنفس والحرية، ثم إلى جانب هذه  التشريعات تراث من ثقافة احتوت في أبعادها نظرات ملؤها الرعاية والحنو على الطفولة.
ولتشكل من مجموع هذا التراث قاعدة لانطلاق يكرس كل المنجزات التي تحققت في مجالات في مجالات العلوم المختلفة من قانونية وتربوية وتعليمية وطبية سبيلا لمزيد من دفع قضايا الأمومة والطفولة إلى آفاق أكثر تقدما، استشراقا لذلك المستقبل المزدهر الذي تتسم الإنسانية طريقها إليه.
وجاءت وثيقة إعلان عقد الطفولة باعتبار السنوات العشر 1989- 1999 عقدا لحماية الطفل المصري ورعايته والتي أصدرها السيد رئيس الجمهورية مؤكدا أن تلبية احتياجات الأطفال هي الوسيلة المثلى لتحقيق التنمية البشرية والقومية - وداعية إلى إعطاء مزيد من الأولوية لمشروعات الطفولة في خططنا المقبلة والسعي الدائب من اجل توفير حياة افضل لأطفالنا.
ولقد جاء في مشروع استراتيجية الطفولة والأمومة في مصر الصادر عن المجلس القومي للطفولة والأمومة في عام 1990، أن تنمية الطفولة والأمومة ليست مجرد القيام بمشروعات اجتماعية واقتصادية على مستوى فردي ، وليست مجرد استحداث تشريعات، وإنما هي سياسة تنموية متكاملة، تتكامل مع غيرها من سياسات التنمية الشاملة وتنبثق من الإطار الفكري التنموي الذي ينبغي أن يسود في المجتمع، أن تنمية الطفولة والأمومة كسياسية تنموية توجيهاتها في ضوء " موقع الإنسان" في إطار الفكري التنموي السائد ، وما إذا كان الإنسان في هذا الإطار مجرد وسيلة للتنمية باعتباره أحد عناصر الإنتاج أم انه هدف التنمية الأول والنهائي.
أن مصر قد جعلت بكل كيانها وبمطلق تراثها" الإنسان" هو هدف التنمية الأولى والنهائي، ومن ثم تنمية الطفولة والأمومة لديها هو هدف بذاته ولذاته إلا تتواخى به إلا رفعه إنسان المستقبل ، ولتتحقق رفعه المجتمع بعد ذلك كأثر لرفعه الإنسان.
وإذا كانت نسبة الأطفال دون سن الخامسة عشرة إلى إجمالي عدد السكان قد بلغت في مصر حوالي 40% ، لتصل هذه النسبة بإضافة عدد الأمهات إليهم إلى 70 %، فان معني العناية بالأمومة والطفولة أننا نولي وجهنا شطر ما يرب على ثلثي سكان مصر ، أي أننا نعني بالرعاية والحماية للحاضر والمستقبل معا. 
ولقد كانت كل هذه المعاني وراء صدور القرار الجمهوري رقم 54 لسنة 1988 ، الخاص بإنشاء المجلس القومي للطفولة والأمومة لينيط به مسئولية وضع مشروع خطة قومية شاملة للطفولة والأمومة في إطار الخطة العامة للدولة تستهدف حماية الطفولة والأمومة في مختلف المجالات ".
وكان من ابرز المهام التي اضطلع بها هذا المجلس إنجازا لمسئولياته ، تشكيل لجنة عكفت على وضع مشروع القانون المرفق في شان الطفولة والأمومة، حيث قام المشروع على المحاور الآتية :
أولا : إيمانا بان قضية تنمية ورعاية الأمومة والطفولة هي قضية مجتمع بأسرة وبكل اوجه النشاط والحياة فيه ، فان اثر ذلك هو أن هناك مجالات يقتصر دور التشريع في شانها على مجرد وضع مبادئ أساسية تاركا التفاصيل لذوي الشأن من القائمين على أوجه النشاط فيها، كما أن هناك مجالات لا يكون تنظيمها بالتشريع وإنما بأدوات أخرى تخرج عن مهام التشريع، ومن ثم فقد اقتصر المشروع على تنظيم ما يكون تنظيمه بتشريع ، مفسحا الطريق لمختلف أشكال الأداء الأخرى كل في مجاله.
ثانيا : اهتدى المشروع بأحدث النتائج التي بلغتها الدراسات التي أجريت في المجالات التي طرقها ، وبذل جهده في أن يبلوره نصوصا تشريعية تحكم ما أورده من تنظيم.
ثالثا : انه لم يكن هناك فراغ تشريعي كامل فيما طرقه المشروع من موضوعات، وإنما كانت هذه الموضوعات تعالج اغلبها قوانين شتى ، على المشروع بمراجعتها وتنقيحها ثم تطوير أحكامها بما يتفق مع كل ما هو مستحدث في مجالات العلوم المختلفة ، ثم نظمها قانونا واحدا يحكم مسائل الأمومة والطفولة.
رابعا: كانت التزامات مصر الدولية وخاصة الالتزامات الناشئة عن انضمامها لاتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة في عام 1989 ، أحد أهم القواعد التي التزم المشروع بأحكامها فيما تناوله من تنظيم .
وعلى أساس هذه المحاور اعد المشروع ليتناول في الباب الأول الأحكام العامة وفى الباب الثاني الرعاية الصحية للطفل فيعالج فيه مزاولة مهنة التوليد وقيد المواليد وتطعيم الطفل وتحصينه والبطاقة الصحية للطفل وغذائه، ثم يعقبه الباب الثالث ليتناول الأحكام الخاصة بالرعاية الاجتماعية للطفل، فيعالج دور الحضانة والرعاية البديلة والحماية من أخطار المرور، ويكون تعليم الطفل في الباب الرابع فيتناول رياض الأطفال ومراحل التعليم، ويخصص الباب الخامس لرعاية الطفل العامل والأم العاملة، والباب السادس لرعاية الطفل المعوق وتأهيله ، أما الباب السابع فيعالج موضوع ثقافة الطفل ، وتقع الإحكام الخاصة بالرعاية الجنائية للأطفال في الباب الثامن، ثم يرد التنظيم الخاص بالمجلس القومي للطفولة والأمومة في الباب التاسع.
--------------------------------------------------
الرجا عدم اعتبار المادة المعروضة أعلاه رسمية 
--------------------------------------------------
الخزينة القانونية الدولية - المستشار / رضا عمران
محام لدي محكمة النقض والمحاكم العليا المصرية
--------------------------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق